عاجل
السبت 7 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
We
ثورة 30 يونيو
البنك الاهلي
العدالة الضريبية ووزير المالية

العدالة الضريبية ووزير المالية

في ملتقى حواري، تحدث الدكتور محمد معيط، باستفاضة عن الموازنة العامة، والعدالة الضريبية، وتحديات أزمة جائحة كورونا، وتوقعات الآثار السلبية لموجة التضخم العالمية، التي أنجبتها عالميًا.



 

الحلقة التي استضافتها الهيئة الوطنية للصحافة، برئاسة المهندس عبد الصادق الشوربجي، بحضور لفيف من أعضاء الهيئة ورؤساء مجالس إدارات وتحرير الإصدارات الورقية والإلكترونية بالمؤسسات القومية، سلطت الضوء على العديد من القضايا بالغة الأهمية، التي تمس بشكل مباشر حياة المواطن المصري، وهي الثانية، التي تمثل نشاطًا مهمًا للهيئة الوطنية، وسبقها استضافة مماثلة لفضيلة الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية، بمناسبة إصدار الدليل العالمي المرجعي لفهم التطرف واستراتيجياته.

 

الوزير فتح قلبه، وتحدث باستفاضة، عن موجة تضخم عالمية، ناجمة عن ضعف الإنتاج العالمي في مواجهة الطلب، ذلك الضعف الذي أنجبته أزمة كورونا خلال فترات العزل المنزلي، وصعوبة العودة المفاجئة لحركة الإنتاج بذات الكفاءة وقوة عملها قبل الأزمة.

 

الوزير قارن بين آثار التضخم في مصر، وفي بلدان أخرى أوروبية زادت فيها الأسعار بنسب بلغت 50%، لافتًا إلى أن التوقعات العالمية لانتهاء تلك الأزمة، تشير إلى انكسار حدتها في 30 يونيو من العام المقبل، وهي مدة زمنية يتطلبها الإنتاج العالمي لاستعادة عافيته، لبلوغ مرحلة التوازن بين العرض والطلب.

 

غير أن المفاجآت التي فجرها، هي أن 55% من ممارسي النشاط الاقتصادي في مصر بلا ملفات ضريبية، ما يعني تهربًا من سداد مستحقات الدولة، وظلمًا للملتزمين؛ حيث يحصل المتهرب صاحب النشاط الاقتصادي المنافس، على ربحية أعلى، تمكنه من تعزيز قدرته التنافسية في السوق على حساب الملتزمين.

 

وهنا شدد الوزير على أن الدولة تريد للجميع الثراء، لكن العدالة تقتضي أن يُسدد من يعمل ويربح حق الدولة، حتى تتمكن من مواصلة الإصلاحات ودعم الفئات الأكثر احتياجًا، وضرب الوزير مثالًا، بوجود فئة تُمارس نشاطًا اقتصاديًا قيمته 4 مليارات جنيه، متهربة ضريبيًا.

 

وأشار الوزير إلى أن الميزانية تشهد سنويًا زيادة فعلية ضرورية، تتراوح بين 200 و300 مليون جنيه، وهي متطلبات زيادة الأجور والمعاشات، وغيرها من الخدمات، بينما يصل الطموح إلى زيادة قيمتها ٢ مليار.

 

وعن آليات توفير متطلبات الزيادة في الميزانية السنوية، دون تحميل المواطن الملتزم أي أعباء ضريبية إضافية، أشار الوزير إلى أن الحل في توسيع الرقعة الضريبية وتحقيق العدالة.

 

وعن آليات الوزارة لتحقيق تلك العدالة الضريبية التي تُسهم في مشاركة الجميع في تحمل الأعباء الضريبية دون زيادة على أحد أو زيادة في أي شريحة، أوضح الوزير أن ذلك يجرى عبر ثلاثة إجراءات حازمة:

 

الإجراء الأول: هو قانون الإجراءات الضريبية الموحد، الذي تم إقراره من البرلمان، والذي أعاد هندسة الإجراءات الضريبية، التي كان متفرقًا دمها بين قوانين الدمغة والقيمة المضافة وغيرها، ليسهل هذا القانون الموحد على المواطن والمستثمر، ويُسهم في ميكنة الإجراءات، وبالفعل بدأت مرحلته الأولى 1 أكتوبر الماضي، وتنتهي مرحلته الثالثة والأخيرة يونيو 2022.

 

الإجراء الثاني: الفاتورة الإلكترونية، وهي ميكنة تربط صاحب النشاط بوزارة المالية، فترسل نسخًا من الفواتير المحررة لحظيًا، ومن ثم القضاء على مشكلات التقييم الجزافية للضرائب، وفروق التحصيل وغيرها من الأمور التي شكا منها الملتزمون، وفي الوقت ذاته محاصرة المتهربين.

 

ربما يتساءل البعض: وكيف يحاصر المتهرب؟ الإجابة تكمن في الإجراء الثالث: وهو كتاب دوري يُرسل لكل الجهات الحكومية والهيئات العامة، والاقتصادية والقطاع العام، بمنع التعامل نهائيًا مع أي شركة غير مسجلة ومفعلة لنظام الفاتورة الإلكترونية، فضلًا على حملات مفاجئة من فرق مكافحة التهرب الضريبي.

 

هذه الإجراءات الحاسمة، إيجابية، في اعتقادي، كونها تحقق العدالة الضريبية، من يمارس نشاطًا اقتصاديًا ويحقق أرباحًا ويستفيد من الخدمات التي توفرها الدولة، سواء بنية تحتية أو دعمًا للطاقة، وغيرها من بيئة آمنة مستقرة، يجب أن يتحمل نسبة تمويل ميزانية الدولة، وفق القانون، فلا يجوز أن يكون الموظف البسيط الذي يكسب قوت يومه بالكاد، تستقطع منه الضريبة من الأصل، قبل الحصول على الراتب الشهري، بينما رجل الأعمال الذي يكسب الملايين متهرب من الضرائب!

 

العدالة تستوجب أن يتحمل الجميع عبء الضريبة، بقدر الخدمات التي يحصل عليها، وبقدر عوائد نشاطه الاقتصادي، فالإنجازات التي تشهدها شبكة الطرق، وشبكة الكهرباء، والطاقة المدعمة، وشبكات الاتصالات والإنترنت، التي يستفيد منها صاحب النشاط الاقتصادي، في تسيير أعماله وتحقيق أرباح تلزمه بسداد مستحقات الدولة، لتتمكن من استدامة تطوير وتحسين الخدمات.

 

وهنا يجب أن تكون الدولة حازمة في تحقيق تلك العدالة، فليس من العدل، أن تستقطع الضرائب من الطبيب الملتزم بالعمل في المستشفى العام الحكومي، بينما يتهرب طبيب آخر يربح مئات الآلاف بعيادات خاصة ومستشفيات خاصة، يضطر المريض الذهاب إليها نتيجة تدني الخدمة في مستشفى عام، لعدم أداء المتربحين من العيادات والمستشفيات الخاصة مهام عملهم على الوجه الأكمل بالمستشفى الحكومي.

 

وليس من العدالة، أن يستقطع من المنبع الضريبة من المدرس الملتزم بالمدارس الحكومية، بينما يتهرب كبار مستثمري الدروس الخصوصية، وغيرها من الأمثلة.

 

والعدالة أيضًا تقتضي أن يكون جزء من عوائد العدالة الضريبية، موجهًا إلى تحسين الأوضاع المعيشية للملتزمين من ذات الفئة، كتحسين أجور المعلمين والأطباء العاملين بالقطاع الحكومي.

 

إن التصريحات والأرقام التي أعلنها الدكتور محمد معيط، تؤكد عزم الدولة المصرية، على مواصلة الإصلاحات بكل حزم وجدية، إصلاحات جذرية، ببلوغها سيكون النشاط الاقتصادي مكشوفًا للدولة بكل تفاصيله، ولن يكون هناك اقتصاد موازٍ، الجميع يعمل في النور، يقيّم أداءه بواقعية، عبر شبكة إلكترونية متصلة بجميع الجهات، ملف مفتوح، لكل صاحب نشاط اقتصادي، حماية لحقه وحق الدولة.

 

إن مصر تحتاج- وفق تصريحات الوزير- إلى مليون فرصة عمل جديدة كل عام، ومن ثم تحتاج إلى تعزيز فرص الاستثمار، وجذب العديد من رؤوس الأموال، وهذا يحتاج عدالة، ومحفزات، وكل ذلك يجرى العمل عليه الآن، فقد بشر الوزير بوعود مستثمرين التقاهم منذ أيام، بضخ 10 مليارات، استثمارات جديدة في السوق المصرية.

 

قطعًا هذه الوعود ثمرة، استقرار سياسي، وأمني، ونهضة تنموية، وعدالة اجتماعية، فما يحدث من قضاء على العشوائيات وإنشاء 14 مدينة جديدة ذكية، في قلبها العاصمة الإدارية الجديدة، وما تشهده القاهرة من تطوير، قضى على الاختناقات المرورية، يُسهم في تعزيز السلام الاجتماعي وجذب الاستثمار.

 

يبقى التحدي الأكبر، هو قدرية الدولة المصرية على الحفاظ على التنمية المستدامة، وزيادة تصاعدية لمعدلات النمو، تفوق الزيادة السكانية ومتطلباتها، فمصر تستهدف العام المُقبل زيادة النمو الاقتصادي بما يعادل 5.6%، ولقد أشاد العالم بقدرة مصر على تحقيق معجزة النمو، في ظل تحديات كورونا، بين 5 دول فقط عالميًا حافظت على معدلات نمو إيجابية.

 

ما يُبشر أيضًا بالخير، هو قدرة مصر على تحقيق معدلات إنجاز تفوق بكثير نسب الاقتراض، وربما هذا ما دفع رئيس البنك الإسلامي للتنمية، لأن يُصارح الدكتور معيط، بأنهم منبهرون بأن مصر تحقق إنجازات تفوق كثيرًا حجم اقتراضها على عكس دول أخرى كثيرة.

 

المبشر بالخير- أيضًا – أن خدمة الدين العام، التي مثلت في الماضي القريب 40% من إجمالي الموازنة انخفضت إلى 36%، ومستهدف خفضها لأقل من 30%، مع تنامي الإنتاج والاستثمار.

 

استبشروا خيرًا إن شاء الله.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز