عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
ثورة 30 يونيو الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان
البنك الاهلي
الرئيس فيلسوفًا.. أربعة نماذج كاشفة 

30 يونيو.. ثورة بناء الجمهورية الجديدة 10

الرئيس فيلسوفًا.. أربعة نماذج كاشفة 

ينطلق الرئيس عبدالفتاح السيسي، في معالجته للقضايا من رؤية فلسفية، تتصدى للمشكلات بمعالجات جذرية، اتضح ذلك جليًا في فعاليات عدة، تحدث فيها الرئيس بعمق، خلال الأيام المعدودات المنقضية.



 

وحتى لا يظن قارئ أن ذلك من قبيل الإطراء، أو محركه الانحياز السياسي لمشروع دولة ٣٠ يونيو الإصلاحي، وهو انحياز وليد قناعات وطنية، أحطه علمًا، بأن علم الفلسفة، ومطالعة عصارة أفكار ومناهج الفلاسفة، وعشق للنظرة العميقة للقضايا، والأحداث، الأحب إلى قلبي.

 

  الفلسفة، مشتقة من اللفظين اليونانيين: "فيلو" بمعنى "حب"، و"سوفيا" بمعنى "الحكمة"، أي أن الفلسفة هي: "حب الحكمة"، وكسائر العلوم الاجتماعية تتعدد التعريفات الاصطلاحية، لكن خلاصة الفلسفة، هي البحث في العلل البعيدة للظواهر والأحداث، عبر إعمال العقل والتفكر.

 

فالفيلسوف كل إنسان يُعمل عقله، للبحث عن جذور الظواهر، وأسبابها الحقيقية، وإعمال المنهج العلمي في التفكير، لطرح حلول جذرية منطلقة من مستهدفات يسعى لتحقيقها.

 

الفيلسوف هو ذلك الإنسان الذي لا تقنعه الأسباب القشرية، التي تقنع عموم الناس، ويلجأ إليها الشخص العادي لتفسير الظاهرة، فعموم الناس على سبيل المثال عند وفاة شخص تسأل عن العلة القريبة كيف مات؟ حادث، مرض، وغيرهما من الأسباب الظاهرية، بينما الفيلسوف يسأل عن معنى الموت وماهيته؟ والهدف من الحياة، ولماذا نأتي للحياة؟ ولماذا نموت؟ يتعمق في العلل البعيدة للظاهرة، أهداف فلسفة الحياة والموت.

 

 

عزيزي القارئ أنت فيلسوف إذا..

ومن ثم كل إنسان يبحث عن العلل البعيدة، وجذور القضايا، وحلولها بمنهج علمي يملك رؤية، هو فيلسوف، يمكنك عزيزي القارئ أن تكون فيلسوفًا إذا ما أعملت فكرك وعقلك، وامتلكت عقلًا  نقديًا يفحص كل ما يطرح عليه، واجتهدت لايجاد رؤية لمعالجة القضايا الحياتية معالجات جذرية، فوصف الفيلسوف ليس إطراء بل تقرير واقع خلفه منهجية تفكير ومعالجة الظواهر والقضايا.

 

عودة للرئيس الفيلسوف، الذي يطرح علاجات جذرية للمشكلات والظواهر المصرية، فقد ظهر ذلك جليًا، خلال مداخلة الرئيس عبدالفتاح السيسي، بالجلسة الحوارية «حقوق الإنسان في مصر.. الحاضر والمستقبل»، على هامش إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.

 

في ذلك اليوم تحدث الرئيس عبدالفتاح السيسي، عن العلل البعيدة للمشكلة، بدأ باقرار وجود مشكلات، وهي المنهجية الموضوعية للمفكر والفيلسوف، الذي يرصد الظاهرة أولًا، ثم يبحث في أعماقها للوقوف على أسبابها الجذرية وتفاصيل مكوناتها.

 

وهي النقطة التشخيصية، للأسباب الحقيقية "العلل البعيدة"، وليس التشخيصات القشرية التي يلجأ إليها العامة لإطلاق أحكام سريعة للاستهلاك الوقتي، وهنا يكمن الفرق بين الفيلسوف كمفكر، أو المواطن الفيلسوف، والمواطن العادي، القائد الفيلسوف والمسؤول العادي.

 

تحدث الرئيس ببساطة، ينتهجها ليقع حديثه موضع التأثير في جمهوره المستهدف، ذلك الجمهور هو شعب مصر، بمختلف فئاته العمرية ومكوناته الثقافية، قال الرئيس: إن الذي يحكم مصر مؤسسات الدولة، وإن مؤسسات الدولة تتكون من مواطنين أبناء الأسر المصرية، ومن ثم أي سلوك ينتج عن العاملين بها، هو نتاج ثقافة مجتمع.

 

 

الداء والدواء

 

تشخيص الداء، يمكن من وصف الدواء الناجع، عندما يكون الفيلسوف طبيبًا مجتمعيًا، ماهرًا، فقد أوضح الرئيس أن لكل مجتمع تحدياته، وعلاج مشكلاته يتطلب خططًا تراعي المقاربات الزمنية، فما أفسده الدهر لا يمكن إصلاحه بقرار سياسي أو عصا سحرية، بل بعمل متكامل تشارك فيه كل المؤسسات الفاعلة.

 

العلاج يبدأ ببناء وعي، يولّد قناعات، تظهر في شكل سلوك مجتمعي، إصرار على تطبيق حقوق الإنسان، بالشكل الذي يُشعر كل المواطنين بنيلهم جميع حقوقهم، ولتحقيق ذلك تتحمل الدولة مسؤوليتها في تحقيق الإرادة السياسية، ودفع المجتمع لهذا الإصلاح الحقوقي، بمبادرات وتشريعات وردع المتجاوزين، لكن في السياق ذاته يتطلب العلاج إرادة المريض ذاته، ومؤسسات الأسرة والتعليم والإعلام والثقافة والمؤسسة الدينية، والمجتمع المدني.

 

لكن ما هي حقوق الإنسان؟، هل يراها الفيلسوف المفكر بذات رؤية البسطاء التي تُصدر إليهم عبر مفاهيم غربية تحكمها أجندات سياسية؟! قطعًا لا.. فكل إنسان  مفكر يراها أعم وأشمل وأعمق، وهنا يقدم الرئيس السيسي مفهومًا خاصًا بالدولة المصرية التي يقودها، تتلازم فيها الحقوق الاقتصادية بالكرامة والتنمية والأمن والمشاركة السياسية.

 

 

مكافحة الإرهاب بعنف التنمية وقوة الردع 

فحقوق الإنسان تبدأ من الحق في الحياة، وهو ما تحقق بمواجهة الإرهاب بعنف التنمية، وقوة الردع والوقاية، ليتحقق الأمن وحفظ الأرواح، فأي حق ذلك الذي يسبق الحياة، حماية الأرواح أولًا، ثم منح تلك الأرواح كامل حقوقها، فكان الحق في "حياة كريمة".

 

الحق في السكن الكريم، فكان القضاء على العشوائيات وتوفير سكن آدمي، تحقيقًا لحق من حقوق الإنسان، ثم الحق في علاج فكانت المبادرات العلاجية والوقائية، للقضاء على طوابير الانتظار، وفيروس "سي"، وتوفير أغلى علاج في العالم للأطفال مرضى ضمور العضلات الشوكي، وهنا عدالة المساواة بين الثري والفقير في تلقي العلاج حتى لو كان ثمنه ٣٤ مليون جنيه.

 

الحق في إيجاد فرصة عمل، توفر للإنسان حد الكفاف وتقيه شر العوز والحاجة حق من حقوق الإنسان، تكفله جهود التنمية السريعة والعنيفة في كل ربوع مصر، وصولًا إلى الحق في جودة الحياة، وممارسة حرية الرأي والتعبير وتمكين كل فئات الشعب من التمثيل السياسي، امرأة وذوو احتياجات خاصة وشباب، بل حتى المصريين بالخارج.

 

لكن هل يا ترى، رفع كفاءة الدولة في الإيفاء بالتزاماتها تجاه حقوق مواطنيها، لتعزيز حقوق الإنسان المصري، بلا تحديات؟ وهل التنمية والنهضة الاقتصادية والتنمية السياسية، يكفي لتحققها توافر الإرادة السياسية، والتشريعات القانونية؟!

 

قطعًا لا، وهو ما طرحه الرئيس بعمق، متحدثًا عن الزيادة السكانية، كون الزيادة المفرطة في معدلات النمو السكاني، هي جذر المشكلة، التي أعجزت الحكومات السابقة، عن ملاحقة احتياجات المواطنين، فانهارت الخدمات، وتوالدت المشكلات، ونمت سلوكيات تتعارض ومتطلبات حقوق الإنسان الحقيقية.

 

لاحظت من متابعتي لمداخلة الرئيس تلك المعاني العميقة، فإن قناعة المجتمع بضرورة ضبط معدلات النمو السكاني، بالتوازي مع تنامي معدلات التنمية الاقتصادية والثقافية والتعليمية والإعلامية، والفقهية، تخلق تنمية تفوق ضعف معدلات النمو السكاني فتتضاعف خدمات الدولة وبالتبعية تعزيز حقوق الإنسان في السكن والتعليم والعلاج وجودة الحياة، ونمو الوعي والمشاركة السياسية، والحرية المسؤولة، التي تجعل اتخاذ أي قرار وأي سلوك منطلقًا من معرفة ووعي حقيقي، يحد من السلوكيات والقرارات الفردية والجماعية العشوائية. 

 

خلال الحلقة النقاشية على هامش إطلاق الاستراتيجية كانت هناك أطروحات تمثل نموذج النظرة "القشري" لأسباب الظواهر والعلاج،- مع كامل احترامي لمن طرحه ومن يشاركه الرأي- في المقابل رؤية أخرى فلسفية عميقة.

 

 

سأعطيك عزيزي القارئ نماذج سريعة

 

النموذج الأول: 

تساءل الأستاذ إبراهيم عيسي، لماذا لا تضع الدولة تشريعًا يحرم ما بعد الطفل الثاني من دعم الدولة، لإلزام المواطنين بقصر الإنجاب على طفلين؟! جاء ذلك في طرح منه لمعالجة قضية الزيادة السكانية، وآثارها السلبية على شعور المواطن بثمار التنمية.

 

فكان رد الرئيس السيسي، عاكسًا للرؤية العميقة الفلسفية، للنظر للمشكلات والعلاجات المحققة للأهداف، التي تناقض النظرة القشرية للأمور.

 

فتحدث الرئيس عن فلسفة التنمية في تحقيق "حياة كريمة" لعموم الشعب، تُسهم في تعزيز حقوق الإنسان وقيم الولاء للوطن، متسائلًا برؤية عميقة عن مصير ومستقبل تلك الدول بالإقليم التي شهدت تصدعات، ثمرة دعوات قام بها نخبة قائدة فكريًا لمجتمعاتها، سعت لإصلاح لا يراعي ابعاد الواقع فاسفرت عن ممارسات لم تدرس مآلاتها وعواقبها.

 

ألمح الرئيس إلى تلك المخيمات للاجئين التي تجاوز عمرها عشر سنوات، والأجيال التي عاشت بها، فمن كان عمره عشر سنوات بات عشرين عامًا، ومن كان ١٢ عامًا بات ٢٤ عامًا، ماذا يُنتظر من هذا الجيل، الذي لم يتلق رعاية ولا تعليمًا، وأثره على تلك الدول.

 

هنا يغوص الرئيس في اعتقادي، في قضية مهمة، وهي بناء الإنسان، وخطورة هدم مؤسسات الدول، وكذا فلسفة قدرة الدولة على منح أبنائها حقوقهم حتى تخرج أجيال منتمية لوطنها، ولاؤها له، مؤهلة تمتلك قدرات مجابهة تحديات الواقع والمستقبل، تبني وتعمر لا تهدم وتخرب.

 

وقدرة الدولة مرهونة بضبط نمو السكان، لترتفع قدرة مؤسسات الدولة على الالتزام بواجباتها تجاه مواطنيها، لتعزيز الأمن القومي، والقدرة الشاملة للدولة.

 

ليس معنى هذا أن يتحقق ضبط النمو بالإكراه، وفرض عقوبات على من ينجب أكثر من طفلين، كما اقترح الزميل إبراهيم عيسى، لأن معنى عقوبته المقترحة أن تتخلى الدولة عن جزء من أبنائها، ومن ثم تتركهم فريسة للمرض والجهل والفقر، فيخرجون ساخطين على الوطن يهدمون عمدًا أو جهلًا ما يتم بناؤه.. كان ذلك المعنى الذي وصلني من رد الرئيس السيسي على مقترح الزميل.

 

فنظرة الرئيس الفلسفية العميقة، تنطلق من تشخيص دقيق لمرض، رصده من عرض لتقديم علاج جذري، يحقق الأهداف فليس هدف الدعوة لضبط معدلات النمو تقليل نفقات، حتى نحرم الابن الثالث والرابع من الرعاية والدعم عقابًا لسلوك والديه.

 

بل الهدف هو حماية كل مواطني الدولة، ومضاعفة الخدمات المقدمة إليهم، ومن ثم يجب أن ينتج ذلك عن ضبط معدلات الإنجاب بوعي مجتمعي وسلوك إرادي، لذلك سأله الرئيس، وما هي نتيجة ترك الابن الثالث والرابع بلا رعاية؟، يشير الرئيس إلى أنه سيكون عنصر هدم في مجتمع يستهدف البناء، بل حرمان الابن الثالث والرابع لا يعاقب الآباء بل انتهاك لحقوق الأبناء، قال الرئيس حرمانه من الدعم يعني عدم تغذية سليمة وتعليم سليم.

 

هنا الرئيس الفيلسوف، الذي يسعى لتحقيق الصالح العام بآليات تتسق مع الأهداف والمبادئ بمقاربات واقعية، لا نظرة قشرية، تحكمات وتقليد أعمى لتجارب مستوردة.

النموذج الثاني: 

أعاد الزميل الإعلامي إبراهيم عيسى، طرحًا مستهلكًا في عقود عدة، فهو ليس بالجديد، يمثل في إن حذف خانة الديانة من بطاقة الرقم القومي، يُسهم في تعزيز حقوق الإنسان، متسائلًا: "لماذا نقول للموظف أو المسؤول الذي يطلع على البطاقة، ديانة المواطن، وهو بذلك يحجب الديانة عمن ينتهج التمييز حتى يمنعه جهله بالهوية عن ارتكاب جريمة التمييز؟".

 

وقد رد عليه المستشار الجليل عمر مروان وزير العدل، بأن الإبقاء على خانة الديانة ضرورة لمتطلبات قانونية تحكمها توافق الديانة كالزواج مثلًا أو الميراث، وغيرها من الحقوق. 

 

لكن في رأيي المتواضع، أن الإبقاء على خانة الديانةُ أو حذفها ليس القضية، فالمشكلة الحقيقية في قناعات وفكر القائم بجريمة التمييز، فالمدركات الذهنية هي ما تحرك سلوكه المنافي لحقوق الإنسان وحرية الاعتقاد والعبادة، ولذا ليس الحل في إخفاء الهوية من الديانة، بل في علاج العقول والفكر، لبلوغ هدف إصلاحي، وهو خلق مجتمع خالٍ من التشدد والتطرف والتمييز، بقناعات وردع قانوني للقلة التي تستعصي على علاجات الوعي.

 

وإذا كان إخفاء الديانة من البطاقة "الحل القشري"، المقترح سبيلًا، ماذا سيقترح الأستاذ إبراهيم عيسى ومن يشاركه الرأي، في الأسماء الكاشفة للهوية الدينية مثل محمد ومحمود وفاطمة، وجرجس وميلاد وكريستينا، هل نخفي تلك الأسماء عن العقول الضالة أم نغيرها؟! وبالمناسبة إبراهيم اسم كاشف للهوية، إذن الحل في خلق مجتمع تحكمه عقول واعية مؤمنة بالمواطنة تحترم حرية العقيدة، انطلاقًا من تعاليم الأديان السماوية وفهم صحيح لمقاصدها.

 

ولخص الرئيس عبدالفتاح السيسي، ذلك بكل وضوح في حديثه عن ضرورة احترام المعتقدات الدينية، وحتى احترام من لا يؤمن بأي دين، وهنا أوضح الرئيس ليس عدم غيرة على الدين لا سمح الله، بل فهم وتطبيق لتعليم الدين الإسلامي الذي حث على احترام حرية الآخر، ومعتقداته.

 

وهنا لكلام الرئيس دلالة كبيرة، كونه رأس الدولة، بمثابة قاطرة فكرية للمجتمع والمؤسسات، فعندما يصرح الرئيس بذلك، لا يكشف عن قناعاته وفقط، بل يعكس منهجية مؤسسات جمهورية جديدة، تؤمن بالحق في العبادة، وحرية المعتقد، انطلاقًا من فهم صحيح للدين، يوازيه سلوك تطبيقي على أرض الواقع ممثل في بناء دور العبادة جنبًا إلى جنب، واحتفاء الدولة والرئيس على قدم المساواة بالمناسبات الدينية لأبناء الشعب مسلمين ومسيحيين، إن ذلك يؤثر إيجابًا بمساحات كبيرة في الوعي ويُسهم في تعديل سلوك قطاعات كبيرة عمليًا نحو المساواة والحرية.

 

 

النموذج الثالث: 

في مداخلة للرئيس عبدالفتاح السيسي مع الإعلامي يوسف الحسيني، في الفضائية المصرية، مساء أمس الأول، تحدث الرئيس مع سيدة مصرية بسيطة تعمل حدادة "السيدة بوسي"، وهي شقيقة لـ١٠ شقيقات، و٤ أشقاء، رحب الرئيس بها قائلًا: "يا مرحب بالستات الجدعان"، مشيدًا بكونها نموذجًا للكفاح والعطاء، مؤكدًا أنه هو الذي تشرف بالحديث معها، ردًا على  شكرها الرئيس لاستجابته لمطالبها وتشريفها بالحديث إليه.

 

في هذا الحديث مع البسطاء، وسبقها مواقف كثيرة من استضافة نماذج مكافحة في القصر الجمهوري، وتلبية مطالب مواطنين يلتقيهم الرئيس خلال جولاته، معنى خاص جديد لحقوق الإنسان، تكريم قيمة العمل واحترام العامل مهما كانت مهنته بسيطة، والأهم إعلاء مبدأ أن الحاكم ليس سيدًا للشعب، بل قائم على إدارة شؤون البلاد بتفويض من غالبية شعبه لخدمة الصالح العام والمصلحة الوطنية، والشعب في مجموعه وأفراده، وهو إصلاح سياسي جوهري يؤكده الرئيس دائمًا بتواضع مع البسطاء، وتأكيد على أنه والحكومة موجودون لخدمتهم.

 

 

النموذج الرابع:

  في المداخلة المهمة ذاتها مع الفضائية المصرية: تحدث الرئيس عبدالفتاح السيسي، عن افتتاح- قريبًا- لنموذج حديث للسجون، يتمثل في مجمع سجون يُراعي أعلى المعايير العالمية لحقوق الإنسان، وهو واحد من سبعة نماذج سيتم افتتاحها.

وهنا اقتطع بعض المتربصين التصريح من سياقه لتفريغ مضمونه، وخلق وعي زائف، بادعاء أن الدولة تبني سجونًا جديدة للإيحاء المضلل بأن ذلك مؤشر على تضييق على الحريات!

 

بينما التصريحات التي أدلى بها الرئيس عبدالفتاح السيسي، تؤكد رؤيته الفلسفية العميقة لمشكلة حقوق الإنسان، التي لا تقتصر على عموم الشعب، الممارسين لحياتهم بحرية، بل تشمل مقيدي الحرية بالسجون.

 

وتنطلق من حقائق منطقية، تتمثل في أن أي مجتمع إنساني به مذنبون، يعاقبهم القانون، لحماية المجتمع، ويتطلب تطبيق القانون وجود سجون، وإلا إذا لم توجد السجون، أين يوضع المدانون بالقتل والسرقة، وغيرها من جرائم العدوان على النفس وحقوق الآخرين؟! 

 

إذًا السجون ضرورة ويبقى الحديث في عمق وجوهر الموضوع الذي تناوله الرئيس، وهو مدى توافر شروط وضمانات حقوق ذلك السجين، حتى لا يعاقب مرتين، الأولى بتقييد حريته داخل الزنازين، والثانية بحرمانه من حقوقه الإنسانية، وهو ما تحدث عنه الرئيس السيسي بوضوح، وتحويل تلك الفلسفة لواقع عبر إنجاز مجمع سجون يراعي المعايير العالمية، يحقق الهدف من السجن وهو الإصلاح والتأهيل، يعاقب المذنب مرة واحدة، قالها الرئيس واضحة لأولي الألباب.

 

قال الرئيس من حق المذنب أن يعاقب مرة واحدة، يكفي تقييد حريته إنفاذًا للحكم القضائي، لكن وهو مقيد الحرية داخل السجن، من حقه أن يحيا حياة آدمية ويعالج ويقرأ من سجن يكفل داخله كل الحقوق التي لم يجرمها القانون.

 

تحدث الرئيس عن أن المجمع سيكون به كل الخدمات، والمحاكم داخله، حتى لا يضطر السجين للخروج في سيارات الترحيلات لمحاكم خارج السجن، ذكرها الرئيس دون تفاصيل، تاركًا لأولي الألباب فهم مزاياها.

 

وقد وقع في نفسي معانيها، وأهميتها لحفظ كرامة المذنب وحقوقه الإنسانية، خاصة أن الماثل أمام القضاء لايزال متهمًا، قد يكون بريئًا، وحتى لو كان مذنبًا، ثابتة إدانته بأحكام أولية، فإن جعل المحكمة داخل المجمع يذهب القضاة إليه، يحمي المتهم والمذنب من آلام نفسية في رحلة الترحيلات من وإلى المحكمة ليشاهده المارة فيما لا يحب أن يراه الناس عليه.

 

فضلًا عن تخفيف عبء الحراسات والتنقلات، ومن ثم توفير ذلك الجهد لخدمة الأمن والمواطنين.

 

بل الأهم أن بناء السجون بمعايير عالمية، تراعي حقوق الإنسان يُحمد للدولة، فالأصل في المعايير الدولية تخفيف التكدس وتوفير كل متطلبات الحياة الآدمية داخل السجون، وتخفيف التكدس وبناء غرف سجن آدمية، يتطلب عدد من الغرف يناسب عدد المدانين قضائيًا من مجتمع تعداده مئة مليون.

 

وهنا فلسفة العقاب الحقيقية درء المفسدة بالمجتمع، وحماية الشعب، وإصلاح المذنبين، ومن ثم بناء مجمعات تراعي حق المذنب وتوفر له أماكن ممارسة الرياضة والعلاج والقراءة وتعلم الحرف والمهن، حق من حقوق الإنسان، ومن ثم تتحقق فلسفة القانون، الذي نص على العقوبة، وهو حماية المجتمع وردع وإصلاح المذنبين.

 

كل تلك المؤشرات، تؤكد أن الإصلاح شامل، وأن الجمهورية الجديدة، يحكمها رئيس فيلسوف غاص في عمق المشكلات، يقدم وفريق إنقاذ مصر حلولًا جذرية، نابعة من إرادة سياسية إصلاحية قادرة على الفعل، تُراعي خصوصية الدولة المصرية، واحتياجاتها الحقيقية، تُراعي كل متطلبات الإصلاح، التنموية والفكرية والزمنية، لبلوغ المستهدفات بأعلى درجات الكفاءة، والتكامل.

 

وللحديث إن شاء الله بقية  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز