عاجل
السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي

د. إيمان بيبرس تكتب: أطفالنا وشبابنا رواد الأعمال.. فلنساندهم (2)

د. إيمان بيبرس
د. إيمان بيبرس

نواصل رحلتنا التي بدأناها فى المقال السابق، الذي قررت فيه أن أتبنى حملة لدعم والاحتفاء ببعض النماذج الإبداعية من أطفالنا وشبابنا في مصر والوطن العربي، ليكونوا قدوة لباقي أطفالنا وشبابنا، والأسباب التي جعلت منهم صناع للتغيير منذ سن صغيرة.



وكنت قد وعدت أنني سوف أشارككم بقصة الطفلة جومانة 12 عاماً، التي قدمت مبادرتها "من أطفال مصر إلى أطفال العالم"، والحقيقة أن جومانة من أطفالنا المبدعين، واعتز بها كثيرًا، فقد قدمت لي طاقة تحفيزية كبيرة عندما قابلتها في مسابقة "عبقرينو"  التي أطلقتها  "ابتكار خانة" لطلاب الصف السادس الابتدائي، وكانت فكرة جمانة تركز على كيفية العمل على عودة السياحة إلى مصر بعد انتشار وباء الكورونا، والحقيقة أنها جمانة مثال أود أن أراه في كل بيت مصري، لأنه يوضح كيف أن مساندة الأهالي مهمة في دعم مهارات الإبداع لدى الأطفال.

 

يعمل والد جمانة  فى شرم الشيخ، وفي إحدى زياراتها له وجدت أن عدد السياح أصبح قليلًا بسب كورونا، ولأن والدتها تسعى إلى تعريف أبنائها بكل مدينة يقومون بزيارتها فى مصر، فقد تكون لدى جمانة حس وطني بمدن وطنها، لذا أصابها الحزن الشديد من قلة عدد السياح على غير ما اعتادت، وزاد حزنها فترة العزل المنزلي، وعدم قدرتها على مواصلة حياتها العادية.

 

وفكرت كيف يمكن أن تساهم في حل هذه المشكلة، حتى قدمت في مسابقة عبقرينو، والتي كانت مستوحاة من فكرة وزارة التربية والتعليم بقيام الطلاب بتقديم بحث حول السياحة بدلاً من الامتحان، وبدأت جمانة في تجميع المعلومات من الكتب والإنترنت، وهو ما ساعدها للانضمام لمسابقة عبقرينو لطلاب الصف السادس الابتدائي لأفضل حل لإعادة تنشيط السياحة في مصر بعد كورونا، وكانت والدتها المساندة الرئيسية لها في مرحلة البحث عن المعلومات وجمعها.

 

الطفلة جومانة
الطفلة جومانة

 

وفازت جمانة بالمركز الأول في المسابقة، كما فازت بدعم فني مقدم من ابتكار خانة للفائزين لتدريبها على مجموعة من المهارات، مثل التفكير المنظم وكيفية وضع حلول تكون قابلة للتطبيق، والجهات التي يمكن أن تقدم لها المساعدة، وتقول جمانة عن التدريب: "أول ما جيت كنت مقدمة مجرد فكرة، وهي أني أعمل فيديو عن مكان سياحي في مصر وأنشره"، لكن التدريب ساعدني كثير في خطوات التنفيذ، ومن أين أبدأ، وكيف أفكر بطريقة منظمة.. "الطريقة دي خلتني أفكر خلال فترة التدريب أني أعمل حملة وأسميها  "من أطفال مصر لأطفال العالم"، و"قررت أعمل قناة يوتيوب، ومش هكتفي بعمل فيديو لمكان سياحي واحد، هعمل عدة فيديوهات عن أكثر من مكان سياحي، مثل: الأهرامات، شرم الشيخ، المتحف المصري، لنشرها عبر السوشيال ميديا وقناة اليوتيوب لتصل إلى العالم.. و"هترجم الفيديوهات للإنجليزي عشان أدعو أطفال العالم لزيارة مصر".

 

جمانة  تواصل رحلتها وتتقدم في مجال الإبداع الاجتماعي حتى أنها تقدمت لعدة مسابقات، وحصلت على قلادة مؤسسة الأمير محمد بن فهد للأعمال التطوعية، وبالتأكيد سوف تحقق حلمها، وسوف نراها يومًا ما وزيرة للسياحة، أو رائدة فضاء كما تحلم.

 

نموذج آخر يدعونا للفخر والتفاؤل بالمستقبل، لكنه أيضًا يدعونا إلى التفكير والتأمل في كيفية إتاحة المساحة أمام الأطفال للانطلاق والتقدم بإبداعهم، وهذه المساحة علينا أن نقدمها لهم بإزالة كافة التحديات التي قد تواجههم، ولذا علينا أن نساند وزارة التربية والتعليم في النهج الجديد الذي تتبعه، وهو تدريب الطلاب بالمدارس على التفكير النقدي وحل المشكلات، وليس الاكتفاء بحفظ المعلومات وكتابتها في أوراق الامتحانات، دون فهم أو دراية، وهو ما اتبعته في امتحانات الثانوية العامة هذا العام، ولذا لم نجد الأرقام الخرافية التي اعتدنا أن نراها، حيث يتخطي الطلاب حاجز الـ 100% في مجموع درجاتهم، ولكن وجدنا تفاوت في الدرجات هذا العام، حتى إن الأول في الثانوية العام حصل على 404 درجة من إجمالي 410، ولم يتخط  الدرجة النهائية كما كنا نرى في الأعوام الكثيرة الماضية.

 

لذا يجب الاستفادة من تخصيص ميزانية للتعليم والعمل على تنشئة أجيال تكون منتجة في كافة المجالات، وتفكر بشكل مبدع ومبتكر، وتساهم في التغيير الاجتماعي وحل المشاكل الاجتماعية، عن طريق إدخال مهارات الإبداع الاجتماعي في المناهج التعليمية، ليبدأ أطفالنا وشبابنا منذ الصغر فى التعرف على هذه المفاهم وتطبيقها منذ الصغر.

 

وطبقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في عام 2020  فإن مصر صرفت تريليون جنيه على التعليم خلال 10 سنوات، وأنفقت 51.8 مليار جنيه خلال عام 2011/2012، وذلك على سبيل المثال فقط، ولذا يجب أن نستغل تلك الأموال فى دفع أولادنا ليكونوا صناع التغيير من حولهم.

 

وإلى اللقاء في المقال القادم ونموذج لشاب من سوريا يدعونا للفخر، فالنجوم المبدعة في بلدنا ووطنا العربي كثيرون.. فلنساندهم معًا.  

 

المديرة الإقليمية لمنظمة أشوكا الوطن العربي 

نائبة رئيس مجلس إدارة أشوكا العالمية 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز