دراسة تكشف مكاسب زيارة الرئيس السيسي للخرطوم : آفاق جديدة في وادي النيل
السيد على
تقارب غير مسبوق تشهده العلاقات المصرية السودانية منذ بداية الألفية الجديدة، ترجمته زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي للعاصمة السودانية الخرطوم صبيحة يوم السبت 6 مارس 2021، إذ أتت تلك الزيارة لتسطر فصلا جديدا في العلاقات التاريخية بين البلدين، وتعيد رسم خريطة القوي الإقليمية في منطقة حوض النيل وشرق إفريقيا من ناحية أخرى.
وفى دراسة جديدة لمركز فاروس للدراسات الإفريقية ذكرت أن زيارة «السيسي» للسودان أتت لتتوج جهودا دبلوماسية وسياسية كبيرة بذلتها القاهرة على مدار أكثر من عامين لتحقيق التقارب المنشود مع الخرطوم، فعقب الإطاحة بنظام الرئيس المعزول «عمر البشير» وجدت القاهرة الفرصة سانحة لبناء علاقات قوية مع السودان قائمة على التعاون البناء وعدم الإضرار بالأمن القومي للبلدين وتبادل المصالح المشتركة للشعبين، إذ ظل نظام الرئيس المعزول «عمر البشير» جاثما على صدر العلاقات بين البلدين طوال ثلاثة عقود تقريبا، مانعا أية تقارب حقيقي، مُعليا من القضايا الخلافية ومُرسخا أسس الفرقة بين البلدين.
وأضافت الدراسة أنه منذ اندلاع ثورة ديسمبر 2018 ونجاحها في الإطاحة بالبشير في إبريل 2019، توالت الزيارات السياسية والدبلوماسية بين الجانبين، ففي سبتمبر 2019 وبعد شهر من تشكيل الحكومة الانتقالية كانت القاهرة هي الوجهة الأولى عربيا لرئيس الوزراء السوداني «عبدالله حمدوك»، وفي المقابل جاءت زيارة رئيس الوزراء المصري «مصطفى مدبولي» للخرطوم في أغسطس 2020 لتكشف عن نيه الحكومتين المصرية والسودانية في المضي قدما في تطوير العلاقات المشتركة وبناء مواقف سياسية واستراتيجية موحدة تراعي مصالح الدولتين.
وتابعت الدراسة كما تقاطر الدعم المصري للجانب السوداني في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية، والإنسانية، فسياسيا دعمت مصر جهود السودان في تشكيل حكومته الانتقالية وتشكيل مجلس السيادة، كما دعمت اتفاق السلام الشامل بين الحكومة السودانية والحركات المتمردة والذي تم توقيعه في جوبا عاصمة جنوب السودان في أغسطس 2020.
وأوضحت الدراسة أنه على الصعيد الخارجي دعمت القاهرة جهود السودان في رفع اسمه من قائمة الدول الراعية للتنظيمات الإرهابية والذي سبق أن أدرجت الولايات المتحدة اسمه في تلك القائمة بسبب استضافة السودان لتنظيم القاعدة في فترة التسعينيات وارتباط اسم السودان بالعديد من عمليات تنظيم القاعدة كتفجير سفارتي أمريكا في نيروبي ودار السلام عام 1998 وتفجير المدمرة الأمريكية كول في خليج عدن في عام 2000، وأما على الصعيد الاقتصادي فقد سعى الجانبان خلال الفترة الماضية في تعزيز التعاون الاقتصادي من خلال الربط الكهربائي بين البلدين بقدرة 300ميجا وات، وطرح العديد من مشاريع تطوير وسائل النقل والطرق بين الجانبين مثل ربط السكك الحديدية بين القاهرة والخرطوم وتفعيل النقل النهري، ووإنسانيا سيرت القاهرة المزيد من القوافل الطبية والإغاثية لمساعدة أهل السودان على تخطى عواقب الكوارث الطبيعية التي تعرضت لها البلاد مثل أزمة الفيضانات الأخيرة التي دمرت العديد من القرى السودانية، كما سيرت القاهرة شحنات مساعدات طبية إبان ذروة تفشي وباء كورونا في السودان.
ولفتت الدراسة إن زيارة الرئيس السيسي للسودان رسمت آفاقا سياسية جديدة في العلاقات بين الجانبين وتوازنات القوى المستقبلية في منطقة حوض النيل وشرق إفريقيا فلأول مرة منذ عقود طويلة نلمس تقاربا مصريا سودانيا على أرض الواقع، إذ غلب الفتور والنفور على العلاقات بين البلدين خلال العقود الماضية رغم التجاور الجغرافي والامتداد الحضاري، وحملت زيارة السيسي للسودان وما قبلها من زيارة وزيرة الخارجية السودانية للقاهرة موقفا موحدا للبلدين إزاء أزمة سد النهضة، فكلا البلدين أصرا على رفض أية تصرفات أحادية تلجأ إليها إثيوبيا في ملء وتشغيل السد، وأصرا أيضا على أهمية الوصول إلى اتفاق ملزم بين الأطراف الثلاثة يضمن حماية حقوق الدول الثلاثة أثناء عملية ملء وتشغيل السد، كما دعمت القاهرة التحرك السوداني الأخير بطلب وساطة رباعية دولية “تتكون من رئاسة الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة” لحل أزمة سد النهضة والوصول إلى صيغة موحدة ترضي جميع الأطراف.