عاجل
الثلاثاء 17 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
مساعٍ أوروبية وأمريكية لتحجيم تركيا

مساعٍ أوروبية وأمريكية لتحجيم تركيا

لا ريب أن المصالحة الخليجية هي ثمرة جهود عربية ودولية، وعبرت عن ضرورات سياسية واقتصادية وامنية بشكل خاص. ربما تكون أبرز مترتباتها الاقليمية والدولية هي بداية مصالحة اخرى تجرى فصولها العلنية والخفية بين فرنسا وتركيا بتشجيع من الإدارة الامريكية الجديدة، ولن تخلوا هذه المصالحة من تفاهمات تتعلق بعودة الالتزام بالأمن الغربي المشترك برؤى استراتيجية جديدة.



 

فلنحاول تقريب صورة ما جرى ويجرى في واجهة العلاقات الدولية وما وراء الكواليس من تطورات ستنشأ من جراء تغيير الادارة الامريكية الجديدة استراتيجياتها الدولية، والتي ستنعكس– في تقديرنا- ايجابيا على عدد كبير من الميادين: الثقافية والبيئية والصحية والسياسية والامنية: ثقافيًا فإن ادارة الرئيس جو بايدن ستعود إلى منظمة اليونسكو التي انسحب منها الرئيس السابق ترامب، وبيئيًا ستعود إلى اتفاقية باريس للمناخ، وصحيًا ستعود إلى منظمة الصحة العالمية، وسياسيا سوف تعطي تحالفاتها الاوروبية المكانة التي تستحقها بعد ان تدهورت كثيرا، وأمنيًا ستعيد تنشيط الحلف الاطلسي وتفعيل دوره.

 

إن غياب الرئيس السابق ترامب عن المشهد السياسي الامريكي وتأثيراته الدولية سوف ينعكس مباشرة على العلاقات التركية- الامريكية، فلن يكون بوسع الادارة الامريكية التبرير أو التغاضي عن تجاوزات تركيا الامنية والاقتصادية وهي كثيرة، وقد يضطر الرئيس بايدن لإخضاعها إلى بيت الطاعة الغربي. وهو ما وعاه جيدًا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عندما أكد مؤخرًا "ضرورة فتح قنوات الدبلوماسية والمصالحة على مصراعيها من أجل إزالة الغموض الذي ظهر في المنطقة بعد الانتخابات الأمريكية".

 

ولكي تحقق الادارة الامريكية الجديدة التقدم المطلوب على الساحة الدولية فإنها ستكون مدعوة إلى ترتيب اوضاعها التحالفية اوروبيًا وحماية مصالحها الامنية والاقتصادية دوليًا واعادة توازن القوى لحلفائها المحتدمين في الشرق الأوسط.. ومن المحتمل ان تجرى بعض التحولات ومنها:

 

أولًا: في وقت تتنافس فيه امريكا مع الصين على قيادة العالم، سيتفرغ الرئيس الامريكي بايدن لإعادة ترميم جبهة الغرب التي تصدعت بفعل سياسات ترامب الهوجاء، وهو ما يقتضي الالتزام الكلي بسياسة أمنية واقتصادية واستراتيجية مشتركة، تكون اوروبا مركزها وتركيا واسرائيل اجنحتها الاقليمية.

 

ثانيًا: سيعود الديمقراطيون الذين استرجعوا السلطة في الولايات المتحدة لمحاولة استيعاب كل التناقضات التي نشبت في منطقة الشرق الاوسط بغيابهم ومنها العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، ووقف التمدد العسكري التركي إلى الدول المجاورة والكف عن سياسة زرع القواعد العسكرية التركية في العراق وسوريا وليبيا والسودان وقطر والصومال، العمل والتنسيق مع اسرائيل لتوسيع عمليات التطبيع مقابل اقرار مبدأ الدولتين والبدء بتنفيذه.

 

ثالثًا: تفعيل الدور الامني والسياسي لحلف شمال الاطلسي والتنسيق بين جيوشه البالغة 29 جيشًا، ويحتل الجيش الأمريكي المرتبة الأولى بقدراته العسكرية وعدده الذي يصل إلى مليون و338 ألف جندي. ويأتي بعده الجيش التركي ليحتل المرتبة الثانية بعدد جند يصل إلى 435 ألف جندي، يليه الجيش الفرنسي، في المرتبة الثالثة، ويصل تعداد جنوده إلى 208 آلاف جندي. ووقف الاحتدام بين الجيش الثاني والثالث.

 

رابعًا: الضغط على تركيا لوقف استخدامها لنظام الدفاع الجوي الروسي إس 400 لتعارضه مع أنظمة تسليح جيوش الحلف الأطلسي والتفاوض معها لتزويدها بنظام الباتريوت الامريكي.

 

خامسًا: التنسيق بين جيوش الحلف الاطلسي ووقف التناقضات التي تجعل تركيا تسهم في الحرب ضد حلفاء مثل فرنسا ومصر في ليبيا، وسحب الميلشيات المسلحة الاجنبية من ليبيا وهو ما بدأت بوادره تطل على الساحة الدولية من خلال تصريح وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعث مؤخرًا رسالة إيجابية إلى الرئيس رجب طيب أردوغان، وتصريح ياسين أقطاي مستشار الرئيس التركي الذي يؤكد ضرورة أن يكون هناك تواصلا بين مصر وتركيا.

 

تلك هي بعض الملفات التي ستبذل الإدارة الامريكية الجديدة جهودا لتسويتها بين الدول الحليفة لها ومنها أيضًا النزاع على تنقيب واستغلال الغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز