الأفوكاتو سمر: معاقة بدرجة ماجستير في القانون
بني سويف - مصطفى عرفة
أطلقوا عليها في بني سويف لقب اللؤلؤة لمرحها وروحها العالية وإيمانها بالله وثقتها في نفسها (سمر عبد المحسن عبد الباقي حسين.. 25 سنة) التي تغلبت على إعاقتها واستطاعت أن تحصل على الماجستير في القانون وتستعد لنيل درجة الدكتوراه.
تحكي سمر قصة كفاحها وطموحها الذي لا ينتهي: اتولدت طبيعية وعند سن الثالثة أصبت بحمى أثرت على الأعصاب وشخصها الأطباء بحالة ضمور عضلات ونقص كالسيوم في النخاع الشوكي وحتى سن 12 سنة، كنت بمشي لكن بصعوبة وتدهورت حالتي وأصبحت عاجزة عن السير تمامًا.. كنت بتقطع من نظرات الحزن والشفقة والدموع في عيون أبي وأمي وأخواتي.. إيه ما لكم؟! امسحوا دموعكم؟! انتو نسيتوا ولا إيه؟ ده قدر ربنا وأنا راضية بيه.
في ليلة انهمرت دموعي أنهارا ورفعت يدي للسماء، ناجيته وحده رب العزة الرحمن الرحيم، خاطبته بدموعي وتوسلت له بحبيبه النبي محمد صلى الله عليه وسلم يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما يا من تجيب المضطر اذا دعاه وتكشف السوء، واستجاب لي وكيف لا يستجيب وهو القائل ادعوني استجب لكم؟
وتابعت سمر: اجتهدت في دروسي وحصلت على الشهادة الإعدادية بتفوق ونصحني الجميع بالالتحاق بالتعليم الفنب "دبلوم وتخلصي" صممت على دخول ثانوي عام وسط نظرات الشك والشفقة ومن حاولوا يهبطوا من معنوياتي ويقللوا من قدراتي إلا أنني حاربت بكل قوتي وذاكرت وتعبت كتير جدا واعتمدت على نفسي اعتمادا كليا.. كنت بروح المدرسة والدروس كل يوم، مش بس كده، كمان اخترت القسم العلمي وحصلت على مجموع 80%.
وهنا كانت صدمة جديدة لـ"سمر" لأنها بكده مش هتقدر تدخل الكلية اللي اتمنتها "الطب"، احبطت شوية.. زعلت شويتين.. لكن على مين! ولا يهمنا عافرت، ورضت بكل إيمان بقدري اللي اختاره ربنا لي ودخلت كلية الحقوق، وفي الكلية يشهد لها الدكاترة بحرصها الشديد وسعيها للتفوق بكل ما أوتيت من قوة ودعموها، وربنا رزقها كمان بأصحاب جدعان زيها وقفوا معاها وجنبها لحد ما أخدت الليسانس سنة 2016.
تسكت سمر وتضع أيديها على خدها وتستنى بكرة اللي مابيجيش أبدا؟ لا، سمر جابت بكرة بأيديها لحد عنده، بعد الليسانس قدمت دراسات عليا وحصلت على دبلومتين، واحدة في القانون الدولي والثانية في القانون العام "ما يعادل ماجستير" وبكده تكون حصلت على الماجستير في 2018م.
وبدمعة شكر ورضا تكمل سمر: طول الفترة دي ماكنتش باستخدم كرسي متحرك وكنت كرهاه ورفضاه لعدم الوعي الكافي من بعض الناس اللي حواليا، وطبعا الفترة دي كلها كنت تاعبة والدي جدًا، لأنه هو اللي كان بيشيلني ويوديني ويجيبني.
"سمر" توصف والدها قائلة: "والدي كان كل الفترة دي هو رجلي وإيدي، وكل حاجة قابلتها من صعوبات وحواجز كتير جدا بس بفضل من ربنا قدرت تتخطاها، وتقبلت فكرة ضرورة وجود وسيلة في حياتها تساعدها على الحركة ويرتاح والدها خاصة بعد كبر سنه.
وبدأت لؤلؤتنا تزين كرسيها المتحرك في 2019 حياتها انقلبت رأسا على عقب، اتغيرت حياتها من البنت الكئيبة المنطوية اللي كارهه حياتها اللي مبتطلعش من البيت غير للجامعة ومن الجامعة للبيت (على حد وصفها) إلى بنت مستقلة بتحب الحياة.
وقررت سمر ماتقعدش في البيت تاني.. خلاص، وتكمل دراستها وتحصل على الدكتوراه، وحاليا بتحضر بالفعل للدكتوراه في القانون الدولي الخاص.
وتختم سمر حكايتها وبتقول: وطبعا الفضل الأول والأخير في كل حاجة عملتها يرجع لربنا ثم أهلي، ادعولي بقي علشان اقدر اخلص رساله الدكتوراه بتاعتي.
من جانبها أكدت هايدي جمال، مسؤول المرأة ذات الإعاقة بالمجلس القومي للمرأة ببني سويف، برئاسة نارمين محمود أن سمر نموذج للتحدي والإرادة وهزيمة الواقع المؤلم وخلق واقع سعيد، وتحكى قصة كفاحها نجاحها في التغلب على إعاقتها، ونحن في المجلس القومي بصدد إعداد احتفالية لتكريمها هي وغيرها ممن نجحن في التغلب على الإعاقة، ولدينا حصر شامل بهن لمتابعتهن وتقديم الدعم والمشورة لهن.