الوكيل: 120 مليار جنيه استثمارات مصانع الأدوية في مصر
كتب - عيسى جاد الكريم
قال أحمد الوكيل رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية خلال افتتاح مؤتمر تحديات قطاع الدواء، الذي عقدته شعبة الأدوية بالاتحاد العام للغرف التجارية أن صناعة وتجارة الدواء ثاني صناعة على مستوى العالم بعد السلاح، فيبلغ حجم السوق العالمي للدواء نحو 1.3 تريليون دولار، نصيب الشرق الأوسط 3% منها، ويبلغ حجم النمو السنوي للسوق المصرية في الصناعة من 13:12%، وصل بنهاية العام الماضي الماضي إلى 36 مليار جنيه، مقارنة بـ٢٤ مليار جنيه في 2014،
وقد ولدت هذه الصناعة على ارض مصر حيث بدأ أجدادنا الفراعنة يمارسون العلاج منذ 2900 قبل الميلاد ويعتبر أيمحوتب أول من مارس الطب والصيدلة في مصر القديمة واعتبر إله الطب عند قدماء المصريين. والعديد من الأدوية عند قدماء المصريين ما زالت تستخدم حتى الآن وكانت تستعمل من الظاهر والباطن كما هو الحال الآن.
وفي بداية الستينيات كان حجم استهلاك الدواء لا يتجاوز عشرة ملايين من الجنيهات وكان حجم الإنتاج المحلى تحو نصف مليون جنيه.
وهذا يعني أن الدولة كانت تعتمد على الاستيراد لأكثر من 95% من الاحتياج كما كان نصيب الفرد نحو اثنين وعشرين قرشًا وكانت تعادل نحو نصف دولار أمريكي في ذلك الوقت.
وأخذ الاستهلاك المحلى يزداد عامًا بعد عام حتى وصل حجم الاستهلاك في عام 2004 إلى نحو ستة مليار جنيه منها 93% إنتاج محلى، وبالتالي انكمش الاستيراد إلى 7% فقط. كما ارتفع نصيب الفرد من نصف دولار عام 1960 إلى أكثر من مائة دولار عام 2004.
فصناعة الدواء، صناعة استراتيجية واجهت الكثير من المعوقات على مر تاريخها وأهمها توافر وسعر العملات في التسعينيات وكذا في السنوات الماضية، حيث لا نزال نستورد غالبية المواد الخام، وتحكم شركات عالمية في تكنولوجياتها مع ضعف حجم وموازنة البحث العلمي، وكذلك ثبات أسعار الأدوية على مدى سنوات طويلة رغم ارتفاع عناصر التكلفة مما تسبب في تحقيق خسائر للشركات سواء على مستوى السوق المصرية أو على مستوى التصدير نظرًا لارتباط أسعار التصدير بأسعار دولة المنشأ.
وفي عام 1960 كان عدد مصانع الأدوية خمسة مصانع منها اثنان، هما مصنع شركة مصر للمستحضرات الدوائية ومصنع شركة ممفيس وثلاث شركات عالمية هي شركة فايزر وشركة هوكست الشرقية (افينتس) وشركة سويس فارما (نوفارتس).
ووصل عدد المصانع في عام 2005 إلى نحو سبعين مصنع منها حوالى 62 شركة ومصنع وطني و8 مصانع لشركات أجنبية عالمية. وتنتج هذه المصانع نحو 4491 مستحضر دوائي بإجمالي 7616 من الأشكال الصيدلية ويعمل في هذه المصانع، بالإضافة إلى الخدمات المرتبطة بالدواء أكثر من ربع مليون عامل وفني وصيدلي وكيميائي ومدير.
واليوم يبلغ حجم الاستثمارات في هذا القطاع نحو 120 مليار جنيه من خلال 123 مصنعًا تضم نحو 300 ألف عامل مباشر ويتمثل الاستثمار الأجنبي في القطاع بنحو 8 شركات تستحوذ على 40 في المائة من إجمالي استثمارات القطاع، حيث تعتبر مصر أكبر منتج للدواء في المنطقة العربية والإفريقية بل وفى الشرق الأوسط. وتساهم الشركات العالمية العاملة في مصر بما قيمته 65% من إجمالي قيمة سوق الدواء في مصر وذلك من خلال الإنتاج المباشر في مصانعها بمصر (30%) أو من خلال عقود تصنيع مع شركات قطاع الأعمال والقطاع الاستشاري والخاص (35%.)
ومصر تصدر اليوم 1,9 مليار جنيه بينما تستورد 12.7 مليار واردات حيث تغطى الصناعة 93% من الاستهلاك المحلى ولديها فائض في الإنتاج يتراوح من 10 إلى أكثر من 50% في بعض المصانع مع عدم استغلال بعض طاقات الأقسام كاملة في عدد من المصانع وذلك رغم معدلات النمو العالية في استهلاك الدواء داخليًا.
وتوقعت دراسة حديثة أعدها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ارتفاع قيمة العجز في الميزان التجاري للأدوية بحلول عام 2018 بنحو 24.3 مليار جنيه تعادل 123.6 % عن عام 2013 ويأتي ذلك نتيجة لزيادة قيمة الواردات التي لم يقابلها زيادة مماثلة في قيمة الصادرات.
وللأسف، فمتوسط نسبة المواد الخام المصنعة محليا تتراوح من 15 إلى 20% فقط مما يجعل أسعار العملات وتكاليف الشحن وأسعار مدخلات الإنتاج المستوردة عامل مؤثر على اقتصاديات الصناعة.
كما تبلغ مديونيات القطاع العام وحده لدى الحكومة نحو 700 مليون جنيه، كما أن هناك 50 مصنعًا حديث الإنشاء مهددة بالإغلاق نتيجة سياسات التسجيل وصعوبة إجراءات الإفراج عن الخامات المستوردة.
وحتى لا تنهار تلك الصناعة الاستراتيجية، يجب أن نعمل جميعا على عدد من المشكلات الرئيسية.
أولا، تسعير الأدوية حيث توقف العديد من المصانع عن إنتاج أدوية أصبحت تكلفتها اعلى من سعر بيعها، ويضطر المواطن الآن لشراء البديل المستورد بعشرات أضعاف سعر المحلي، لذا فإعادة التسعير في صالح المستهلك قبل أن تكون في صالح المنتج، وذلك في إطار آليات السوق المهذبة طبقا للدستور.
ثانيا: تيسير وتعجيل إجراءات التسجيل والإفراج عن المواد الخام، خاصة للشركات الصغيرة.
ثالثا: تطوير البحث العلمي خاصة في مجال الدواء، حيث إن نسبة الإنفاق على البحث والتطوير من الناتج المحلى الإجمالي في مصر بلغت 0.2% مقارنة بتونس حيث بلغت فيها 1.1%، وفى الأردن 0.4% بينما ترتفع في الدول المتقدمة لتصل النسبة إلى 3.4% في كل من اليابان وكوريا ووصلت أعلاها في إسرائيل لتبلغ 4.3%.
رابعا: دعم إجراء الدراسات الحيوية الخاصة بتأكيد فعالية المستحضر الطبي، وإنشاء معامل حيوية مصرية معتمدة معترف بها عالميًا لإصدار شهادات معتمدة لبدء الإنتاج يقوم منتجو الأدوية بإجرائها في معامل معتمدة خارج مصر بمبالغ كبيرة تصل إلى 100 ألف دولار عن كل دواء مما يزيد من الفاتورة الإنتاجية التي يتكبدها المنتجون.
خامسا: تشجيع التصدير وإعادة النظر في السياسة التصديرية عن طريق دعم صناعة الدواء للتصدير والمنافسة في الأسواق الخارجية المختلف، وتقدم الدعم السياسي لتسجيل منتجات الأدوية بالأسواق الخارجية، حيث تأتى مصر في المرتبة 51 بين دول العالم وبنسبة 0.1% من إجمالي صادرات العالم تسبقها في الترتيب جنوب إفريقيا ولاتافيا ولوكسمبورج، ويليها في الترتيب قبرص والسعودية وماليزيا، تتقدم الأردن على الدول العربية لتأتى في المرتبة 39 بين دول العالم والأولى عربيا من حيث صادرات الدواء تليها مصر في المرتبة الثانية وتحتل الجزائر المرتبة 106 عالميا والمرتبة 15 عربيا، تأتى إسرائيل في المرتبة 17 بين دول العالم بنسبة 1.2% من إجمالي صادرات الدواء في العالم.
سادسا: التصدي الحازم للأدوية المغشوشة والمهربة
سابعا: تفعيل منظومة التأمين الصحي كآلية لتخطي زيادة أسعار الأدوية.
ثامنا: إنشاء هيئة عليا للدواء تُشرف على القرارات المهمة في هذا الشأن، وتبحث بحرفية آليات حل المشكلات الطارئة كارتفاع الأسعار واختفاء الأنواع التي يتوقف عليها حياة عشرات المرضي.



