خبراء الأثار يكشفون أسرار سرقة الإسرائيليين لأثار مصر أثناء احتلال سيناء .. والموقع الوحيد الذي فشلوا في الوصول إليه
كتب - علاء الدين ظاهر
كشف عدد من خبراء الأثار كواليس وخفايا سرقة إسرائيل للأثار المصرية أثناء ما كانت تحتل سيناء قبل تحريرها في حرب أكتوبر المجيدة عام 1973,حيث الدكتور محمد عبد المقصود منسق مشروع تطوير المواقع الأثرية بمحور قناة السويس الجديدة أن إسرائيل عندما إحتلت سيناء إهتمت بالأثار كثيرا,وأول بعثة أثار إسرائيلية عملت في أغسطس 67 داخل قلعة الطينة الإسلامية,حيث كان موضوع الأثار له أولوية ضمن مخطط إحتلال إسرائيل لسيناء
وتابع عبد المقصود:أثناء الإحتلال الإسرائيلي كان ملف الأثار يتبع جيش الإحتلال الإسرائيلي مباشرة مما يؤكد إهتمامهم بها كجزء من الإحتلال,حيث عملت بعثات إسرائيلية كثيرة في مواقع عديدة شمال وجنوب سيناء تتبع جامعات ومعاهد إسرائيلية في مواقع كثيرة جدا وقاموا بعمليات مسح أثري كبيرة وكثيرة جدا من القنطرة إلي رفح بإشراف من جامعة بن جوريون التي كان لها النصيب الأكبر في ذلك,وكانوا يهدفون إلي تحديد المواقع الأثرية في سيناء وإلا ما كانوا بعملية المسح الأثري الكبري هذه,وقاموا بالحفر والتنقيب في مواقع أكثر من 30 موقع
وقال عبد المقصود:المفاجأة أنه عندما تم توقيع إتفاقية السلام بين مصر وإسرئيل,لم تتضمن أي بند يخص إسترداد الأثار من إسرائيل,ولم يكن في الإتفاقية ما يلزم إسرائيل برد الأثار التي حصلت عليها أثناء الإحتلال,وإسرائيل وإن أعادت سيناء بالكامل دون الأثار التي سرقتها,وحينها كانت مواقع سرابيط الخادم ووادي فيران التي تم تشكيل لجنة مشتركة لستليمهم لمصر ضمن عملية إسترداد سيناء
وأشار إلي أنه وعلي مدار 10 سنوات بعد ما عادت سيناء,دخلنا في مفاوضات ومباحثات كثيرة مع إسرائيل حتي إستعدنا ما سرقته من أثار أثناء الإحتلال,لافتا أن الجدل الدائم حول هل أعادت إسرائيل كل الأثار المصرية لديها أم لا,سببه أننا لا نثق في إسرائيل,ولو ظهرت عندهم أي أثار لنا من حقنا المطالبة بعودتها فورا دون حتي الإحتكام لإتفاقية اليونسكو
وأضاف:مصر إستردت الأثار من إسرائيل علي 4 دفعات طوال عامين من 1992 حتي 1994,وكانت أكبر عملية إسترداد أثار في تاريخ مصر حيث إستعدنا 1800صندوق من الأثار,خاصة أنهم حصلوا علي شقف فخار من القنطرة حتي رفح من كل المواقع الأثرية,وذلك بعد أن رسموا خرائط لجميع المواقع الأثرية وحددوها بدقة,إلا موقع واحد لم يتمكنوا من الوصول إليه هو تل حبوة,لأنه كان علي بعد 3 كيلو متر من قناة السويس,وهو من المواقع المهمة جدا والذي كشفه الجيش المصري أثناء عملية العبور في حرب أكتوبر 73,ولو كان الإسرائيلون توصلوا له لكانت كارثة حيث أنه يمتلئ بالأثار المهمة جدا
وقال عبد المقصود أن أكثر الأثار التي إستخرجها الإسرائيليون من سيناء ترجع للعصر اليوناني الروماني,وكانوا يهدفون إلي إمتلاك مفاتيح التاريخ ليكونوا أصحاب أهم خرائط للأثار وتاريخها في مصر,كما أنهم أرادوا من بحثهم عن الأثار والمسح الأثري إيجاد نصلة بين اليهود وسيناء,لكن المفاجأة أن علماء أثار إسرائيليون كذبوا ذلك بقولهم أن سيناء مصرية وليس لها علاقة باليهود,وهو ما أكدته البعثات الأثرية المصرية التي عملت في سيناء بعد عودتها لمصر عقب حرب أكتوبر المجيدة
من جانبه,أكد مصطفي محمد مدير منطقة اثار سرابيط الخادم بجنوب سيناء أنه طوال 15 عاما قضاها الاحتلال الاسرائيلى في سيناء، كان شاغله الاكبر هو البحث عن تاريخ مزعوم لهم على ارض سيناء، مشيرا إلي أن كل معاهد الاثار الاسرائيلية نشطت وجابوا سيناء طولا وعرضا، سواء بالمسح الاثرى او الحفائر وبالفعل حققوا اكتشافات كثيرة ولكنهم فسروها بما يخدم ادعاءاتهم.
وقال: قاموا بحفائر فى نواميس عين حضرة وهى مقابر دائرية مشيدة من الحجر ترجع للعصر الحجرى الحديث وادعوا انها ترجع للكنعانيين، كما فسروا الكتابات السيناوية الموجودة فى سرابيط الخادم ووادى المغارة خطأ وادعو انها دليل على ان اللغة المصرية اصلها كنعانى، ولكن الحقيقة هى العكس فتلك الكتابات هى دليل على ان اللغة المصرية القديمة هى اصل كل الكتابات السامية، فعمال المحاجر الاسيويين قلدوا اللغة والكتابة المصرية مما ادى الى نشأة كتابات اخرى.
وأوضح أن اشهر علماء إسرائيل بن تور وروزنبرج وجيفون واورين وغيرهم كثيرون، نشروا عشرات المقالات عن ابحاثهم فى سيناء حتى ان موشى ديان اشتهر بهوسه بالاثار المصرية، وزار مرتين معبد حتحور بسرابيط الخادم وحاول سرقة احدى اللوحات ونقلها من مكانها الاصلى، لكنها أعادها مرة أخري لتستقر خارج المعبد.
وأضاف "محمد" أنه رغم كل المحاولات إلا ان حفائرهم فى موقع تمنه جنوب فلسطين المحتلة حملت لهم مفاجأة كبيرة, حيث دأب علماء الاثار عندهم على إطلاق أسم مناجم سيدنا داوود وسيدنا سليمان، على الموقع المكتشف هناك، ولكن حفائر عالم الاثار الاسرائيلي روزنبرج فى الموقع اثبتت وجود معبد لحتحور سيدة الفيروز والالهة المصرية القديمة فى تمنة، بل ان الوجود المصرى هناك يرجع الى بداية الاسرة 18.
وقال إنه للاسف الشديد الى الان لا توجد الا القليل من اعمال الحفائر المصرية فى جنوب سيناء، وربما الشمال حظه اوفر فهناك اكتشافات مهمة لاثريين مصريين، لكن في الجنوب هناك مواقع لم يسبق لمصرى الحفر بها، مناشدا وزير الاثار فتح الباب امام الاثريين المصريين ليوثقوا ابحاثهم النظرية بحفائر علمية لنفند بها مزاعم اليهود، لان أى دارس أو باحث يجد نفسه مضطرا للاستعانة بابحاثهم وفى السنوات الاخيرة تحققت اكتشافات مهمة توضح اهتمام ملوك ما قبل وبداية الاسرات بسيناء.
وأشار إلي أن اليهود حفروا فى مواقع الشيخ محسن والنبى صالح ووادى فيران ووادى مغارة وسرابيط الخادم ووادى النصب ووادى خريج فى جنوب سيناء,هذا غير مواقع شمال سيناء حيث قاموا باعمال مسح اثرى لكل ساحل البحر المتوسط، وليس خافيا علينا سبب اهتمام اليهود بسيناء فهى الارض التى شهدت خروج بنى اسرائيل وشهدت معجزات ألهية وتيه بنى اسرائيل.
وأوضح أن اهتمام المصريين لا يقل عن اهتمام اليهود بسيناء، فهى ارض مقدسة للمصريين ومنطقة تبادل حضارى وثقافى دافع عنها الملوك منذ عهد "دن" من ملوك الاسرة الاولى، حيث عثر له على نقش فى وادى الحمر وهو يؤدب بمقمعته متمردا او عدوا حاول اثارة المشاكل، ونفس النقش تقريبا وكأنه اصبح رمزيا لكل الملوك من الدولة القديمة عثر عليه فى وادى مغارة.
وأضاف: "بعد استرداد سيناء كانت تتبع تفتيش الاثار فى الزقازيق، ولم تكن هناك مقرات فى سيناء، لكن بعد ذلك انشئت مناطق وتفاتيش للاثار فى الشمال والجنوب للاثار المصرية والاسلامية، وتخصص كثير من المصريين فى اثار سيناء واعدت دراسات لنيل الدكتوراة والماجستير عنها، وحاليا هناك عدد كبير من الدارسين المصريين لاثار سيناء، ولابد من اهتمام أكبر بعمل حفائر لبعثات مصرية فى جنوب سيناء.