"هيبتا 2".. دراما بالذكاء الاصطناعي 

تقديم جزء ثان من فيلم ناجح مهمة ليس باليسيرة، أصعب ما فيها توقيت اتخاذ القرار، بعد ثمان سنوات يعود صناع فيلم "هيبتا" بجزء جديد يحاولون من خلال حملته الدعائية المكثقة التأكيد على أنه لا حاجة لجمهور 2025 لمشاهدة شريط 2016 أولًا، لكن ماذا عن الجمهور الذي أحب "هيبتا" وارتبط بأداء ماجد الكدواني وشخصيات الفيلم وعباراته الأيقونية، حتى هذه العبارات "تظاهر" صناع الجزء الثاني بالانقلاب عليها منذ المشهد الأول، عندما اعتبرت "رون" – تجسدها جيهان الشماشرجي- أن سؤال "إنتي بجد؟" قديم أوي، أي أننا سنشاهد فيلما جديدا تماما عن الحب، فهل نجح هادي الباجوري ورفاقه في "المغامرة الجديدة"؟ 

من المفترض أن فكرة الفيلم الأول تقوم على تويست رئيسي، أن من يروي هو بطل كل الحكايات، وهو ما يتكرر في "هيبتا 2"، بالتالي لا مفاجآت هنا للمشاهد المتمرس، وفيما تبدو "سارة" البطلة الرئيسية صاحبة المحاضرة ثم المناظرة منقلبة على أفكار "هيبتا" يتضح في نهاية الفيلم مدى ارتباطها بها حيث ظل "شكري مختار" حاضرا رغم النكوص عن أفكاره، هنا نحن أمام سلسلة من التويستات أفقدت الجمهور قدرته على المتابعة بشغف بسبب عدم احكام المؤلفين محمد صادق ومحمد جلال ونورهان أبو بكر سلاسة الانتقال بين الحكايات الأربع، وعدم إنهاء الحكايات في الوقت المناسب انتظارا للدقائق العشر الأخيرة من الفيلم لتتبخر كل الشخصيات سريعا تاركين الكادر لسارة وأسامة – جسده محمد ممدوح- وهو ما لم يمنح الجمهور الفرصة الكافية لاستيعاب كل هذه التداخلات! 

لجأ صناع "هيبتا 2" للذكاء الاصطناعي هربا من سطوة الورق في "هيبتا 1"، فخرجت النتيجة كما تخرج لنا نتائج البحث في جيمناي وشات جي بي تي، مليئة بالتفاصيل لكنها مربكة وغير متسقة مع نفسها، ولولا فكرة "المناظرة" ووقوف ممدوح بجوار منة شلبي على خشبة المسرح لافتقد الفيلم لمزيد من عناصر الجذب، لكن تبادل الحوار بين النجمين أسهم بشدة في إبقاء المتفرج محافظا على اهتمامه بمعرفة ما وراء الأبلكيشن وما علاقة صاحبته بكل ما يحدث في القصص الأخرى، لكن دون التركيز مع الاكتشافات السبعة والإحصاءات والأرقام التي أغرق بها فريق التأليف الجمل الحوارية.

افتقد "هيبتا 2" حرفية وائل حمدي ورسوخ ماجد الكدواني، لكنه لم يفتقد قدرة المخرج هادي الباجوري على اختيار مواقع تصوير وتفاصيل فنية تناسب موضوع الفيلم، وجاءت المشاهد الخارجية أكثر تحررا وجاذبية، فيما لم تختلف كثيرا مشاهد منزل منة شلبي عما قدمته قبل عام بالتمام والكمال في "الهوى سلطان"، بينما افتقدت مشاهد المسرح الحميمة التي ميزت مشاهد المحاضرة في الجزء الأول، بل إن الكاميرا لم تلتقط ردات فعل الجمهور منذ اشتعال المناظرة بين "سارة " و"أسامة" وكأنهما غادرا المسرح وأكملا الحوار في مكان آخر!

الطاقم الفني في الفيلم قدم أفضل ما عنده وسط وفرة إنتاجية واضحة، مدير التصوير حسام حبيب، الديكور لهند حيدر، الملابس لمنة علي، موسيقى تصويرية هي أفضل العناصر لهشام نزيه، فيما بذل المونتير أحمد حافظ أقصى ما لديه لتحقيق إيقاع متماسك لكن جاء الشريط في النهاية أطول مما ينبغي. 

يشارك في بطولة الفيلم تسعة ممثلين رئيسيين وعديد من ضيوف الشرف، تفاوت واضح في المستوى بينهم، محمد ممدوح يعود ويؤكد قدراته على تقديم الشخصية الرومانسية بنفس كفاءة شخصياته الأكثر نجاحا في "ولاد رزق" و"شقو"، جيهان الشماشرجي تثبت عملا بعد الآخر أنها ممثلة موهوبة وليست فقط وجها جميلا، بذلت جهدا واضحا لإيصال مشاعر مرحلة البطلة وهي على شفا الطلاق لتعكس لنا فترة مهمة في حياة "سارة" تلت المرحلة التي قدمتها ممثلة مميزة أخرى هي سلمى أبو ضيف التي أضاف لقصتها ظهورا خاصا لأشرف عبد الباقي، فيما لا بد أن يبحث كريم قاسم عن طريقة يظهر بها تقدمه في العمر، ممثل موهوب ولديه حضور لكنه على الشاشة كمحمد هاني لاعب الأهلي لا يعكس النضج المناسب للشخصية التي يقدمها، بينما تميزت ثنائية حسن مالك ومايان السيد بحسن اختيارهما لتناسب كل منهما مع الدور وأضافت ميمي جمال الكثير كضيفة شرف مؤثرة، فيما تمسك كريم فهمي بأداء "مذيع البودكاست الهادئ"، وكان "هشام ماجد" الذي أرفض تصنيفه كضيف شرف صاحب اللفتات اللطيفة بين القصص الموجعة، واستثمر صناع "هيبتا 2" إجادة بسنت شوقي لشخصية "المرأة المفترسة"، لكنها مطالبة بمزيد من التنويع في أدوارها المقبلة، "هيبتا 2" شهد تفاوتا في أداء منة شلبي خصوصا في المشاهد الأولى وهي وحيدة على خشبة المسرح، شجاعة منها بالتأكيد أن تقبل الدخول في مقارنة مع أبطال الجزء الأول، وجودها سيكون عامل جذب رئيسيا لجمهور الجزء الثاني، لكن جمهورها المؤمن بأن "الهوى سلطان" لن يفضلها بسهولة داعية للحب عبر الذكاء الاصطناعي.