
أ.د. ممدوح مصطفى غراب يكتب: صناعة المبتكرين

الأفكار، الإبداع، الابتكار, كلها مفردات تعني أن هناك مبدعا أو مبتكرا أو مخترعا لديه القدرة على التفكير الابتكاري والإبداعي ويمتلك أدوات تساعده، وبيئة إبداعية تؤدي إلى تقديم ابتكارات لحل مشكلات أو تغطية فجوة يحتاجها المجتمع، مثل تطبيق المواصلات والذي قدم خدمة بطريقة ابتكارية لحل مشكلة الحصول على وسيلة مواصلات بسهولة وعلى مدار اليوم دون أن تمتلك الشركة سيارة واحدة، وأمثلة ابتكارية كثيرة يتم تطبيقها لسد فجوة أو حل مشكلة مثل التجارة الإلكترونية وإحدى الشركات والتي غيرت مفهوم التسوق عبر الانترنت، أو أنظمة الدفع الإلكتروني من خلال التليفون المحمول والذي غير طرق المعاملات المالية بنظم سهلة وسريعة دون الحاجة إلى أموال.
في ظل هذه الابداعات والابتكارات يجب أن ندرك مفهوم الابتكار أو الابداع والذي يعنى التجربة والفشل، الصبر والوقت، الحرية والتفكير، المعرفة بالمشكلات وأسبابها، أنها مجموعة معطيات يجب أن ندركها ونعمل عليها، أنها ثقافة يجب أن نعمل على نشرها ووضع آليات لتطبيقها. المبدع والمبتكر والمخترع يتم اكتشافه من خلال خبراء أو متخصصين أثناء سنوات عمره الأولى في المدرسة والجامعة من خلال اهتماماته، ويجب العمل على تنميته وتوفير البيئة المناسبة له من تعليم وتدريب وأدوات لتحفزه, وتساعده على إظهار موهبته.
كم نحن في حاجة إلى توفير نظام تعليم قادر على تعليم الطفل طرح السؤال وليس إيجاد الإجابة فقط، التفكير في حل المشكلات لا حل الامتحانات فقط، العمل في مجموعات ليس في انعزالية.
الإبداع والابتكار كلمات أصبحت تتردد ونتحدث عنها ولكن لم نصل حتى الآن إلى آليات لنشرها لتصبح ثقافة داخل المجتمع وعند كل مسؤول عن مؤسسة تعليمية قادرة على صناعة مبدع وليس قتل مبدع, نحن في حاجة إلى نظام تعليم جاذب قائم على حرية التفكير والإبداع والقدرة على التحليل وإلى مؤسسات تعليمية، عندها إلمام بمشكلات الوطن وحصرها ولها علاقة بالمؤسسات القومية والشركات والمصانع للحصول على مشكلات حقيقية لطرحها على الطلاب لحلها بطرق إبداعية، ومن خلال مجموعات عمل يشرف عليها موجهون أو مشرفون على دراية بالأبداع والابتكار وعندهم القدرة على الإدارة الإبداعية.
صناعة المبتكر أصبحت أولوية لمستقبل بلدنا لسد فجوات وحل مشكلات في مجالات مختلفة مثل الصحة والزراعة والصناعة وحتى التعليم الذي يحتاج إلى طرق ابتكارية وإبداعية لوضع أفكار لجذب الطلاب للمدارس والجامعات.
النجاح في جذب الطلاب دون الحاجة إلى استخدام أدوات الحضور والانصراف والحرمان من الامتحانات، هي البداية الفعلية لعمل مصنع المبدعين والمبتكرين، الصناعة المضمونة والرابحة.
ولتكن أول تجربة لنا طرح إحدى المشكلات القومية في أي مجال وما أكثرها (صحة، تعليم، نقل، مياه، طاقة.....) على طلاب المدارس والجامعات طبقا لتخصصهم ونتركهم ليبدعوا في وضع حلول مبتكرة بشرط مساعدتهم وتوفير البيئة المناسبة ووضع إطار زمني طبقا لحجم المشكلة لتقديم رؤيتهم أو تصورهم في حلها، على أن يتم متابعتهم ومناقشتهم من خلال خبراء في شتى المجالات.
ولنبدأ بطرح مشكلة التعليم وكيفية جذب الطالب إلى الدراسة بالمدارس دون الحاجة إلى آلية الحضور والانصراف. ثقوا في أننا سوف نجد أفكارا جديدة وابتكارات قابلة للتطبيق من خلال هؤلاء الطلاب في حال استطاع القائمون على التعليم إدارتهم بصورة ابتكارية ومحفزة. مستقبل مصر وحل مشكلاته سوف ينبع منا ومن بيئتنا.