
من دراما "حسبة عمري" إلى الواقع.. ملف حق الكد والسعاية بين القانون والإسلام

أروى رأفت
لطالما كانت الدراما مرآة تعكس الواقع الاجتماعي، وتسهم في تسليط الضوء على قضايا شائكة تمس فئات مختلفة من المجتمع. ومن بين القضايا التي تثير جدلًا واسعًا هي قضية حق الكد والسعاية وهو الحق الذي ما زال محل نقاش فقهي وقانوني رغم المطالبات المتكررة بإقراره في القوانين.
وقد جاء مسلسل حسبة عمري"، الذي سيعرض في السباق الرمضاني، ليعيد هذه القضية إلى الواجهة من خلال طرح درامي مؤثر يجسد واقع العديد من السيدات اللاتي يجدن أنفسهن في مواجهة ضياع حقوقهن بعد سنوات من المشاركة في بناء حياة مشتركة.
وفي هذا السياق تقدم «بوابة روزاليوسف» لقرائها كل ما يخص حق الكد والسعاية.
ما حق الكد والسعاية؟
يعد حق الكد والسعاية من المفاهيم الفقهية التي تهدف إلى حفظ حقوق المرأة العاملة التي ساهمت بجهدها ومالها في تنمية ثروة زوجها، سواء من خلال العمل المشترك أو بناء منزل الأسرة أو استثمار أموالها الخاصة قبل الزواج لصالح الأسرة وقد استند الفقه الإسلامي وخاصة المذهب المالكي إلى هذا الحق استنادًا إلى اجتهاد عمر بن الخطاب، حينما قضى لصالح حبيبة بنت زريق بنصف ثروة زوجها الراحل عمر بن الحارث، بعدما شاركته في تجارته وصناعة الطراز وبهذا الاجتهاد أقر الفقهاء المالكيون أن الزوجة التي تساهم في تكوين ثروة الزوج تستحق نصيبا منها بقدر جهدها وسعيها وليس فقط ما يترتب على حقها.
وقد دعا الأزهر الشريف الى إحياء حق الكد والسعاية، حيث شدد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب على ضرورة إحيائه في الفقه الإسلامي، مؤكدًا أن الزوجة التي تساهم في تنمية ثروة الزوج، سواء بالمال أو الجهد، تستحق نصيبًا من هذه الثروة.
المحامية نهى الجندي: حق الكد والسعاية من الحقوق التي يجب الاعتراف بها
وفي هذا السياق، قالت المحامية نهى الجندي، المختصة في قضايا الأسرة، لـ "روزاليوسف" أن حق الكد والسعاية يُعد من أبسط حقوق المرأة التي يجب الاعتراف بها ،إذا كانت قد ساهمت في بناء حياة زوجها سواء كان ذلك من خلال الدعم المادي أو المعنوي مثل رعاية الأبناء وتحمل أعباء الحياة ومساندة الزوج نفسيًا وعاطفيًا.
وأضافت أن من حق المرأة، بعد الطلاق، أن تحصل على مقابل لما بذلته من جهد طوال سنوات الزواج، تمامًا كما يحصل الموظف على مكافأة نهاية الخدمة بعد سنوات من العمل.
وأوضحت الجندي أن هناك تصورًا خاطئًا بأن هذا الحق يعد إجحافًا بحق الرجل، في حين أنه مجرد إنصاف للمرأة التي شاركت في بناء الأسرة ودعمت زوجها في تحقيق نجاحه كما أشارت إلى أن المذكرة الخاصة بحق الكد والسعاية قُدمت بالفعل ضمن مناقشات الحوار الوطني، وهي قيد الدراسة، إلا أن تطبيقها قد يكون صعبًا في الوقت الحالي.
و أكدت الجندي أن هذا الملف بحاجة إلى بحث متأنٍ، مشيرة إلى أن الأمر لا يتعلق بالحصول على نصف الثروة، بل بضمان حصول المرأة على ما يساعدها في تأمين حياتها بعد الطلاق.
كما شددت على أهمية تفعيل التأمين ضد الطلاق، وهو إجراء لم يُنفذ بعد، لكنه سيكون خطوة مهمة لحماية المرأة، متوقعة أن يتم تطبيقه قريبًا. وأكدت الجندي أن كثيرًا من النساء يجهلن حقوقهن القانونية، مثل حق المرأة في الحصول على مؤخر صداقها قبل توزيع التركة في حالة وفاة الزوج، مشيرة إلى أن هذا الدين لا يسقط إلا بالإبراء.
الدكتورة منى صلاح: الإسلام أقرَّ حق الكد والسعاية للمرأة
قالت الدكتورة منى صلاح الأستاذة بجامعة الأزهر لـ "روزاليوسف" أن الإسلام أقرَّ حق الكد والسعاية للمرأة ووضحت أن الزوجة التي تساهم في تنمية ثروة زوجها سواء بجهدها أو بأموالها لها نصيب من هذه الثروة عند الطلاق، ويتم محاسبة الزوجين كما يُحاسب الشركاء.
وأضافت أن الزوجة إذا ساهمت برأس مالها في مشروع الزوج، فإنها تستحقه مع أرباحه، وإذا عملت معه دون أجر، فلها الحق في تعويض مالي يحسب وفقًا لساعات العمل والجهد المبذول.
وأضافت على أن أعمال المرأة المنزلية لا تدخل في حق الكد والسعاية، إذ إنها جزء من الحياة الزوجية، تمامًا كما أن الرجل يعمل خارج المنزل للإنفاق على أسرته.
وأوضحت الدكتورة منى أن الزوجة يحق لها طلب خادم إذا كان زوجها مقتدرًا، وهو من الحقوق المشروعة لها كما لفتت إلى أن حق الكد والسعاية لا يقدر بنصف الثروة كما يعتقد البعض، بل يتم تحديده بناءً على مساهمة الزوجة المالية أو جهدها الفعلي في المشروع أو التجارة.