
خلال ندوة تواصل الشهرية
الأمثال الشعبية بين الواقع والمأمول

هايدي فاروق
إعادة صياغة الموروث الثقافي وتنقية الأمثال الشعبية يدعم المجتمع..
عقدت ندوة تواصل بالمجلس الأعلى للثقافة، تحت إشراف الكاتبة الصحفية الدكتورة عزة بدر نائب مقرر لجنة السرد القصصي والروائي، نشاطها الثقافي الشهري بالأمس حيث تضمنت مجموعة متنوعة من الأنشطة الإبداعية والفكرية التي جمعت بين الشعر، القصة، إلى جانب نقاشات حول الثقافة الشعبية وأثرها على المجتمع. ما بين الواقع والمأمول.

ففي مجال الإبداع الشعري:
قدم الشاعر مجدي أبو الخير مجموعة من القصائد، منها مشاهد من الثمانينات وموت عاشق، التي مزجت بين شعر العامية والفصحى، مع تصوير حي للريف المصري خلال الثمانينيات.
وأمتع المطرب والملحن محمد فوزي حسن الحضور بصوته وعزفه.
الإبداع القصصي..
وفي مجال الإبداع القصصي قدمت الدكتورة زينب فرغلي أستاذ البلاغة والنقد الأدبي نص بعنوان (امرأة على الطريق) وهو اعترافات عصرية لامرأة بين صراعات الأمومة والطفولة، وتجارب ذات طابع تأملي وفضفضة إنسانية.
وأشادت الدكتورة عزة بدر بسلاسة العرض الأقرب للرواية القصيرة.. مؤكدة أن القصة مونولج داخلي يرصد ذكريات وآمال البطلة.
فقد حرمت مشاعر الطفولة فضلا عن الصراع المحتدم بينها وبين أبنتها في النص.
شيماء ياسر، الكاتبة والقاصة، ناقشت في قصتها عودة من مجموعتها منتصف الفراغ حكاية امرأة حسمت قرارها ورفضت العودة إلى زوجها. استلهمت القصة من هواية الزوج في إطلاق أسراب الحمام وانتظار عودتها، لتشبيه حياة الزوجة التي طالما اعتاد الزوج وجودها واطمأن إلى خمود ثورتها. لكن الزوجة المتمردة باغتته بقوة اختيارها، رافضة الخضوع لسلطته، ومؤكدة تحديها للرؤية الذكورية الأنانية.
من جهتها، أوضحت الدكتورة عزة بدر أن القصة تعكس لحظة حاسمة في حياة المرأة العصرية، وتتميز برؤية مغايرة مقارنة بأغنية الفنانة إيمان الطوخي، من كلمات الشاعر سيد حجاب:
"يا بنت يا اللي حمامك طار قومي اعملي له بنية عملتها له سبع تدوار شبابيكها كلها بحرية رفرف ولا حط عليا!!"
وأكدت أن الأغنية تُكرّس للرؤية الذكورية، حيث تقدم صورة المرأة المستسلمة التي تبني للحمام مأوى انتظارًا لعودته، بينما قصة عودة تعبّر عن استقلالية المرأة ورفضها الخضوع، وتجسد لحظة اختيار واعٍ يعكس قوة الإرادة وحرية القرار.
الثقافة الشعبية:
وفي الجزء الأخير من الندوة كان الموضوع الرئيسي بعنوان "رؤية فكرية الثقافة الشعبية بين الواقع والمأمول قدمها الدكتور محمد المفتي استاذ العلوم التربوية بكلية التربية جامعة عين شمس وعضو لجنة التربية وعلم النفس بالمجلس الأعلي للثقافة
استعرض الدكتور محمد المفتي رؤيته حول العلاقة بين الثقافة الشعبية والقيم المجتمعية، مؤكدًا على أهمية الأمثال الشعبية كأداة لغرس القيم والأخلاقيات. ومع ذلك، دعا إلى ضرورة تنقية هذه الأمثال من المفاهيم السلبية واستبدالها بأخرى إيجابية تتماشى مع تطورات العصر الحديث.
أشار المفتي إلى أن الإنسان يُربى من خلال وسيلتين رئيسيتين: المناهج الدراسية والثقافة العامة، حيث تمثل الثقافة نتاجًا للإنسان ومصدرًا لصياغة شخصيته وقيمه.
وأوضح أن في كتابه تأملات تربوية، قدم بدائل مبتكرة للأمثال الشعبية السلبية، داعيًا إلى إعادة صياغة بنيتها لتتفق مع متطلبات العصر الحديث.
أمثلة على التعديلات المقترحة:
المثل التقليدي: "يا مخلفة البنات يا شايلة الهم للممات"
نقده: لا يتناسب مع قيم الحضارة المعاصرة ويعزز النظرة الدونية للمرأة.
البديل المقترح: "يا مخلف البنات يا رافع الرأس للممات".
المثل: "ضرب الحبيب كأكل الزبيب"
نقده: يعبر عن رؤية مرضية وغير سوية للعلاقات الإنسانية.
البديل المقترح: "حنان الحبيب كأكل الزبيب".
المثل: "إن جالك الطوفان ضع ابنك تحت رجليك"
نقده: يحمل دلالة سلبية تروج للتضحية بالأبناء من أجل النجاة.
البديل المقترح: "إن جالك الطوفان ضع ابنك فوق كتفيك".
أكد المفتي أن تغيير هذه الأمثال يحتاج إلى جهود متضافرة تشمل الأسرة، الإعلام، والمؤسسات الثقافية، مع التركيز على تنشئة الأجيال الجديدة على القيم الإيجابية، مما يسهم في خلق مجتمع أكثر وعيًا وتقدمًا.
الدكتورة حنان إسماعيل، مديرة بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، قدمت تأملات نقدية حول الأمثال الشعبية، مؤكدة أنها تعكس الحالة المزاجية والخبرات الاجتماعية.

موضحة أن أن الأمثال تمتاز بالإيجاز والجاذبية اللغوية والجرس الموسيقي ، لكنها قد تنقل أحيانًا رسائل متضاربة أو تعزز سلوكيات غير مرغوبة.
ختامًا، عبّرت الفعاليات عن أهمية توظيف الأدب والفكر في إعادة صياغة الموروث الثقافي بشكل يدعم قيم التقدم والتنوير.