![البنك الاهلي البنك الاهلي](/UserFiles/Ads/8372.jpg)
فن الدبلوماسية.. سمات وكاريزما الكادر التعليمي
كتَب الشَّاعر الكبير أحمد شوقي أبياتًا حَوْلَ المُعلِّم حيث قال:
قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَّبجيلا
كادَ المُعَلِّمُ أَن يكُونَ رَسولا
أَعَلِمتَ أَشرَفَ أَو أَجَلَّ مِنَ الَّذي
يَبني وَيُنشِئُ أَنفُسًا وَعُقولا
لِيعطيَنا أهميَّة كبيرة وتكاد تكُونُ جوهريَّة في حياة المُجتمعات الرَّاقية بصورةٍ عامَّة، وحياتنا بصورة خاصَّة، لأنَّهم هم البناة بعد العائلة، حيث يقضي الطَّالب أكثر من ثماني ساعات في المدرسة أو الثَّانويَّة العامَّة أو حتَّى الكُليَّة. وما زالتْ صوَر مُعلِّمينا وأساتذتنا مطبوعةً في مخيِّلتنا لِمَا لهم أثَر بالغ في صقل شخصيَّة الطَّالب، وكم من طالب متأثِّر ومعجب بشخصيَّة أستاذه، بل يسعى إلى تقليده في كثير من التَّصرُّفات والأسلوب، معجبًا بكاريزما هذا الأستاذ أو ذاك.
وشخصيًّا أتذكَّر مُعلِّمي في المرحلة الابتدائيَّة في ستينيَّات القرن الماضي حيثُ الشِّدَّة واللِّين بنَفْسِ الوقت بدرجةٍ متوازنة راقية، وهندام خارجي وعطر جميل تفوح الرَّائحة كأنَّه يحضر حفلة عرس أو أيَّ فعاليَّة اجتماعيَّة، وكذلك في الجامعة والَّذين كانوا قمَّة بفنِّ المجاملة والاستماع والمناقشة برحابة صدر وتواضُع لا يُعلَى عَلَيْه، ناهيك عن اختيار ألوان الملابس البسيطة الرَّاقية والالتزام العالي بإدارة الوقت وشغف التَّعاون مع الجميع بأحدَث المعلومات وكنَّا ننتظر اليوم المفتوح بفارغ الصَّبر للالتقاء بالجميع لِمَا لها أهميَّة وأثَر كبير في حياتنا اليوميَّة.
وعَلَيْه، بدأتِ المدارس والمعاهد المُتخصِّصة بعِلم النَّفْس الاجتماعي ترفد المدرسة الدبلوماسيَّة البريطانيَّة بضرورة إدخال وزجِّ جميع الخطِّ الأوَّل والثَّاني من الكادر التَّعليمي بالمدارس الابتدائيَّة والثَّانويَّة بحلقات معمَّقة وبمستويات مختلفة بمفاهيم المهارات الدبلوماسيَّة، ومفاهيم البروتوكول والإتيكيت لكلا الجنسين.
وضعتْ بعض المدارس الأجنبيَّة وخصوصًا البريطانيَّة شروطًا لقَبول الكادر التَّعليمي بالمدارس الابتدائيَّة والثَّانويَّة وتطوير مهارات وكاريزما أساتذة الجامعات بأنَّ عَلَيْهم اجتياز حلقات مفاهيم البروتوكول والإتيكيت وبمعدَّل لا يقلُّ عن (80%)؛ لكونِ المُعلِّم يُعَدُّ الحجر الأساس لبناء مُجتمع مثالي ومتحضِّر وراقٍ بجميع مفردات المَدَنيَّة المُتحضِّرة الَّتي تحتاجها الدَّولة بكُلِّ مفاصلها؛ لأنَّ الحكومات بمختلف مُسمَّياتها تحتاج لنَوعيَّة مميَّزة من الموارد البَشَريَّة والكادر التَّربوي الَّذي يدعم أهدافها واستراتيجيَّتها المستقبليَّة، ولأنَّ الأغْلبَ والكثيرين يحملون شهادات جامعيَّة بمختلف مستوياتها، حيث إنَّ دوَل أوروبا الغربيَّة بها دوام المدارس الابتدائيَّة يبدأ من السَّاعة الـ(8) صباحًا وينتهي حتَّى الـ(3) عصرًا، ويبقى طيلة هذه الفترة بإشراف الكادر التَّعليمي أو رفقة المُشرِف التربوي، وهؤلاء لدَيْهم كفاءات عالية بمفاهيم البروتوكول والإتيكيت بالمستوى المتقدِّم من حيثُ كيفيَّة التَّعامل مع جميع شرائح الطَّلبة.
لذلك على الجهات التَّعليميَّة المسؤولة الاهتمام ببالغ الأهميَّة بإدخال مفردات المهارات الدبلوماسيَّة ومفاهيم البروتوكول والإتيكيت للكادر التَّعليمي والتَّربوي من الخطِّ الأوَّل والثَّاني بالمدارس الابتدائيَّة، ثمَّ الثَّانويَّة لِمَا له من أهميَّة كبيرة في إنشاء شريحة وطبقة راقية من المُجتمع الرَّاقي الَّتي ترنو إِلَيْه أهداف الحكومة لبناء الازدهار والأمان والسَّعادة للمُجتمع.
ومفاهيم البروتوكول والإتيكيت والمهارات الدبلوماسيَّة هي كثيرة وبالغة الأهميَّة، وليس كما هو معروف فقط الأكل بـ(السِّكين والشَّوكة والملعقة) بل هو صورة المُجتمع الحضري المميَّز في جميع مفردات الحياة اليوميَّة، سواء الرَّسميَّة أو الاجتماعيَّة.
تتفاخر المدارس الدبلوماسيَّة المُتخصِّصة بمفاهيم البروتوكولات الدّوليَّة والإتيكيت الاجتماعي بأنَّها ذهبتْ أكثر من تدريب الكادر التَّعليمي، حيثُ أدخلتْ مفاهيم البروتوكول والإتيكيت الاجتماعي لصفوفِ المرحلة الابتدائيَّة والثَّانويَّة وحتَّى الجامعة كدروسٍ تفاضليَّة لا تدخل ضِمْن قائمة الامتحانات، وإنَّما تدخل بالتَّنافس في التَّعيين مستقبلًا.
وعَلَيْه، عَلَيْنا الاهتمام كثيرًا بتدريب وتطوير وصقل مهارات الخطِّ الأوَّل والثَّاني من الكادر التَّعليمي والتَّربوي؛ لأنَّهم يُمثِّلون القدوة بالنِّسبة للطَّلبة على مختلف الأعمار، وأنَّ من أهمِّ هذه المحاور ضِمن مفاهيم البروتوكول والإتيكيت الاجتماعي هو: الهندام الخارجي وكيفيَّة اختيار ملابس الألوان النَّهاريَّة، ومع كُلِّ الأسف نرَى في بعض المدارس الكثير مَن يرتدون (النعال) وبملابس تكاد تكُونُ ملابس عائليَّة غير لائقة بالإتيكيت الحكومي، بالإضافة إلى فنِّ الاستماع، فنِّ الإنصات، إتيكيت مستوى نبرة الصَّوت، بروتوكول وإتيكيت استقبال الضُّيوف وكبار الشَّخصيَّات، إتيكيت فنِّ التَّعامل مع مستويات الذَّكاء المختلفة عِندَ الطَّلبة، بروتوكول وإتيكيت فنِّ المجاملة والإتيكيت الاجتماعي، المهارات الدبلوماسيَّة برفع مستويات أداء الطَّلبة، إتيكيت الطَّعام والأكل، بروتوكول وإتيكيت حضور الفعاليَّات الرَّسميَّة والاجتماعيَّة، نظام الأسبقيَّة وحضور وإعداد وتنظيم المؤتمرات التَّربويَّة الرَّسميَّة الدّوليَّة والمحليَّة، مهارة إدارة الوقت، مهارة وإتيكيت التَّكريم والتَّشجيع، مبدأ النَّقد والنَّقد الذَّاتي، بروتوكول وإتيكيت مفردات الإدارة الحديثة، إتيكيت الجلوس والمشي، إتيكيت اختيار واستخدام المكياج، إتيكيت نَوع وحجْم الحقائب النِّسائيَّة، إتيكيت صبغ الأظافر.. وبالنِسبة للرِّجال الاهتمام بشكلِ اللّحيَّة والوجْه ونَوع ولَون المَصر والدِّشداشة والنّعال أو لَون البدلة أو البنطلون والقميص وربطة العنق والَّتي تدخل ضِمن إتيكيت الهندام الخارجي استنادًا إلى تقاليد ونظام كُلِّ دَولة ومدينة وقرية.
دبلوماسي سابق والرئيس التنفيذي للأكاديمية الدولية للدبلوماسية والإتيكيت