عاجل| يابانيون يعشقون الحياة داخل السجون.. تعرف على السبب
شيماء حلمي
لماذا يختار بعض كبار السن في اليابان الذهاب إلى السجن؟.. هذا السؤال قد يكون لافتا ومحيرا للكثير من أبناء الشعوب الأخرى الذي ينظرون إلى اليابانيون كمثال حي على التطور والغنى، حتى إنه يتم اطلاق عليهم “كوكب اليابان”، لكن فى هذه السطور ستجد الإجابة المحيرة أيضا.
كانت إحدى السجينات، تدعى يوكو، 51 عاما، قد سجنت بتهمة حيازة المخدرات خمس مرات على مدى السنوات الخمس والعشرين الماضية، وفي كل مرة تعود فيها إلى السجن، يبدو أن عدد السجناء يتزايد.
وقالت يوكو، التي استخدمت شبكة CNN اسمًا مستعارًا لأسباب تتعلق بالخصوصية، "إن بعض الأشخاص يفعلون أشياء سيئة عن عمد ويتم القبض عليهم حتى يتمكنوا من العودة إلى السجن مرة أخرى، إذا نفدت أموالهم".
النضال في العزلة
تدرك أكيو جيدًا حجم العزلة والفقر. وهذه هى المرة الثانية التي تقضيها فى السجن، بعد أن سجنت سابقًا وهي في الستينيات من عمرها بتهمة سرقة الطعام.
وقالت "لو كنت مستقرة ماليا وأتمتع بأسلوب حياة مريح، لم أكن لأفعل ذلك بالتأكيد".
عندما ارتكبت سرقتها الثانية، كانت أكيو تعيش على معاش "ضئيل للغاية" لا يدفع إلا كل شهرين. ومع بقاء أقل من 40 دولارا وأسبوعين حتى موعد دفعتها التالية، قالت: "اتخذت قرارا سيئا وسرقت من متجر، معتقدة أنها ستكون قضية ثانوية". كانت إدانتها السابقة تعنى أنها سجنت.
بسبب قلة الدعم العائلى، توقفت أكيو عن الاهتمام بالمستقبل، أو بما سيحدث لها.
وكان ابنها البالغ من العمر 43 عاما، والذي عاش معها قبل سجنها، يقول لها فى كثير من الأحيان: "أتمنى لو ذهبت بعيدا".
السرقة هى الجريمة الأكثر شيوعا التي يرتكبها السجناء المسنون، وخاصة بين النساء.
فى عام 2022، كان أكثر من 80% من السجينات المسنات فى جميع أنحاء البلاد فى السجن بتهمة السرقة، وفقا لأرقام حكومية.
وقالت شبكة CNN الإخبارية الأمريكية إن بعض الناس يفعلون ذلك من أجل البقاء على قيد الحياة ــ فوفقا لمنظمة التعاون الاقتصادى والتنمية، حيث يعيش 20% من الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاما فى اليابان فى فقر، مقارنة بمتوسط 14.2% فى مختلف بلدان المنظمة الأعضاء البالغ عددها 38 دولة.
ويفعل آخرون ذلك لأنهم لا يملكون سوى القليل من المال خارج البلاد، وقال شيراناجا حارس السجن: "هناك أشخاص يأتون إلى هنا بسبب البرد، أو لأنهم جائعون".
وأضاف أن "الذين يصابون بالمرض يمكنهم الحصول على علاج طبي مجانى أثناء وجودهم فى السجن، ولكن بمجرد خروجهم، يتعين عليهم دفع ثمنه بأنفسهم، لذلك يرغب بعض الأشخاص فى البقاء هنا لأطول فترة ممكنة".
هل تستطيع اليابان سد الفجوة؟
لم تتمكن شبكة CNN من المرور إلا عبر بوابة أمنية واحدة فى سجن توتشيغى، حيث يعتبر واحد من كل خمسة نزلاء من كبار السن، وقد قام السجن بتعديل خدماته لتتناسب مع أعمارهم.
وفى جميع أنحاء اليابان، تضاعف عدد السجناء الذين تبلغ أعمارهم 65 عاما أو أكثر أربع مرات تقريبا من عام 2003 إلى عام 2022 ــ وقد أدى ذلك إلى تغيير طبيعة السجن.
"قالت شيراناجا: "الآن يتعين علينا تغيير حفاضاتهم ومساعدتهم فى الاستحمام وتناول الطعام، وفى هذه المرحلة، يبدو الأمر أشبه بدار رعاية أكثر من كونه سجنا مليئا بالمجرمين المدانين".
وقال ميجومى إن عدد السكان المسنين يتزايد بسرعة كبيرة لدرجة أن اليابان سوف تحتاج إلى 2.72 مليون عامل رعاية بحلول عام 2040، وفقا للحكومة اليابانيةــ التي تعمل الآن جاهدة على تشجيع المزيد من الناس على دخول الصناعة، واستيراد العمال الأجانب لسد الفجوات.
ويبدو هذا واضحا فى “سجن توتشيجي”، حيث يطلب الضباط "بشكل نشط من السجناء الحاصلين على مؤهلات التمريض تقديم الرعاية التمريضية" للسجناء المسنين الآخرين.
وتعد السجينة يوكو، البالغة من العمر 51 عاما، واحدة من مقدمى الرعاية، حيث حصلت على مؤهلاتها خلال عقوبتها الأخيرة، والآن، عندما لا يكون هناك عدد كاف من موظفى السجن لرعاية المسنين، فهى تساعد السجناء الآخرين فى الاستحمام وتغيير ملابسهم والتحرك، كما تقول.
في هذه الأثناء، تستمر السجون فى الامتلاء بالسجناء ذوي الشعر الأبيض.
انتهت مدة عقوبتها فى أكتوبرالماضى، وفى حديثها لشبكة “سى إن إن” قبل شهر من إطلاق سراحها، قالت إنها كانت تشعر بالخزى والعار، وتخشى مواجهة ابنها، وكانت تخطط للاعتذار وطلب المغفرة منه، لكنها قالت: "أخشى كيف قد ينظر إلي؟".
وأضافت: "إن البقاء بمفردى أمر صعب للغاية، وأشعر بالخجل لأننى انتهيت إلى هذا الموقف، وأشعر حقا أنه لو كانت لدى إرادة أقوى، لكنت قد عشت حياة مختلفة، لكننى أصبحت كبيرة فى السن الآن ولا أستطيع فعل أى شىء حيال ذلك.