
العلاقات التجارية القديمة بين الصينيين وأفريقيا

د. إسماعيل حامد
يذهب العلماء إلى أن العلاقات التجارية بين سكان ساحل بلاد الزنج وبلاد جنوب شرق آسيا لاسيما الصين ترجع لما قبل العصور الميلادية . وهذا أمر لاخلاف عليه. ومن المُعتقد أن التجار الأفارقة، أو بالأحرى تجار بلاد الزنج، كانوا قد قاموا أيضاً برحلات تجارية لموانيء بلاد الصين منذ حوالي القرنين السادس والسابع، وهو ما يُستدل عليه من خلال بعض الرسوم التي ترجع لـعصر "أسرة تانج" (التانغ) حيث تصور تلك الرسوم بعض الأشخاص من ذوي الأصول الأفريقية على جدران "المغارات البوذية" .
وهو ما يشير لوجود عناصر أفريقية، وتحديدا من بلاد سكان الساحل الأفريقي الشرقي في بلاد الصين في ذلك الوقت، وهو الساحل الأقرب لبلاد الصين أكثر من مناطق أفريقيا الأخرى. يجدر بالذكر أنه مما يشير لاهتمام الصينيين بموانيء ساحل شرق أفريقيا أن أحد مؤرخيهم، ويُدعى: وانج تايوان، كان قد وضع مصنفاً تاريخياً وجغرافياً يتحدث فيه عن الموانيء والجزر الموجودة على سواحل شرق أفريقيا، ومنها جزر قنبلو، ومدغشقر، وجزر القمر..الخ . وفي سنة 875هـ/1470م، تتحدث المصادر الصينية، أو ما يعرف بـ"أخبار المينج" (حوليات أسرة مينغ)، عن وصف دقيق لـأحد الحمر الوحشية، وهي من أصول أفريقية .
من الراجح أنه لاتوجد إشاراتٌ على وجود الصينيين التجاري في مناطق شرق أفريقيا قبل القرن 9هـ/15م بحسب البعض، حيث مع قدوم هذه الحقبة وتحديداً سنة 805هـ/1402م تقدم إحدى الخرائط صورة عن بلاد أفريقيا، وهي صورة تبدو أقرب بأية حال إلى الواقع . لاشك أن الذهب كان من أهم السلع التي كانت تصدر من أسواق شرق أفريقيا إلى التجار القادمين من بلاد جنوب شرق آسيا .
تصف المصادر التاريخية وجود الذهب في مناجم شرق أفريقيا (أو بلاد الزنج بمعنى آخر) بقولها: "وفي بلاد الزنج معادن الذهب..". ولقد سمع ابن فضل الله العُمري من الثِقات ممن حدثوه عن هؤلاء الناخذة (أي: أرباب السفن)، وهم في الغالب كانوا من التجار والبحارة العُمانيين وربما كان منهم من السيرافيين عن شهرة أرض الزنج بالذهب. كان حكام مملكة زيمبابوي (روديسيا) التي ظهرت في حوالي القرن 7هـ/13م، أظهروا اهتماماً كبيراً باستخراج الذهب من تلك المناجم الواقعة في بلادهم، والاستفادة من تجارته على الساحل الأفريقي الشرقي مع كل من التجار العرب والآسيويين .