عاجل
الجمعة 3 أكتوبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
البنك الاهلي
فما ظنكم برب العالمين..!  "3-1"

فما ظنكم برب العالمين..! "3-1"

قد ينتاب المرء الضيق ويشعر بالتعاسة وقد يصاب باليأس والإحباط نتيجة ضغوط يتعرض لها من خلال مجريات حياته اليومية، هذه الإحباطات سببتها ظروف معيشية كضيق في الأرزاق وعدم تناسبية دخوله مع متطلبات ولوازم واحتياجات أسرته.



أو لأي أسباب أخرى كإخفاق في عمل ما يقوم به ولا يحقق النتائج المرجوة منه.

أو كأن يتعشم في الوصول إلى مراد ما من المرادات الدنيوية قد لا يتحقق.

فيصاب المرء بالإحباط والضيق والضجر فيصب جم غضبه على حياته وعلى واقعه مما ينعكس سلبا عليه وعلى من يعول، على أولاده وزوجه، وقد يصاب بالأمراض النفسية أو كما يطلقون عليها أمراض العصر، كالاكتئاب، فيعتزل حياته، وقد ينتهي به الحال إلى أن يودع في المصحات النفسية.

أو يسلك مسلكا آخر، ألا وهو مسلك الزهد، فيتجه إلى حياة الدروشة ويترك أعماله ويلتزم أضرحة الأولياء.

لكن نقول لهؤلاء وكل من على شاكلتهم، هل تعرضتم في حياتكم لمثل ما تعرض له النبي صلى الله عليه وسلم، هل ذقتم ما ذاقه صحابته الكرام رضوان الله عليهم من تنكيل من كفار قريش، ومن ضيق في الأرزاق، هل ربطتم على بطونكم أحجارا كما ربطها أولو العزم من الرسل.

هل قتلتم وشردتم وأخرجتم من دياركم وتم وأد أطفالكم وبقرت بطون نسائكم مثلما حدث لأهل غزة الكرام.

الذين ظلوا ثابتين على أراضيهم متمسكين ببلدهم، هل رأيتم شبابكم يموت أمام أعينكم، هل رأيتم أشلاء أطفالكم تتناثر في الهواء مثلما حدث مع أهل غزة.

لماذا لا توكلون أموركم إلى الله تعالى، إذا ضاقت بكم الأرزاق، لماذا لم تتذكروا قوله تعالى (إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين)،

ورزاق هنا في هذه الآية على وزن فعال، أي استمرارية الرزق، وأن رزقه لا ينقطع أبدا ما دامت السموات والأرض مصداقا لقوله تعالى (وأن هذا رزقنا ما له من نفاد).

لماذا لم تتذكروا قوله تعالى (ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها)، ضاق بك الرزق في قريتك أتركها واتجه إلى مكان آخر تربح فيه ثم عد إلى قريتك وقم بتعميرها.

أخفقت في تحقيق حلمك، لماذا لا تحاول مرات عديدة ، ألم يهبك الله عقلا لتستعمله في معالجة الخلل الذي أدى إلى إخفاقك، ألم يمنحك الله قوة الإرادة والعزيمة والإصرار على تحقيق مشروعك وحلم حياتك.

المهم لا تتواكل، خذ بالأسباب وتوكل على رب الأسباب، فحياتنا التي نحياها ركيزتها الأساسية الجهاد والكفاح وبذل الجهد من أجل تحقيق أهدافنا (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين)، نعم إذا ما أخلصنا في سعينا وجهادنا حتما سيوفينا الله أجورنا غير منقوصة.

كيف ذلك، سيهدينا السبل التي نسلكها لتحقيق أحلامنا ويهيئ لنا الأسباب، ورب سبب يأتي دون سبب دونما أن نعمل له أدنى حساب وقد يأتيك السبب من حيث لا تدري ومن حيث لا تحتسب.

إياكم ثم إياكم أن تجعلوا للشيطان عليكم سبيلا، إياكم أن تعطوه فرصة ليقنطكم من رحمة الله.

إياكم أن تجعلوه يسيطر على قلوبكم وينفث سمومه فيكم.

فالله تعالى لا ينسى عباده أبدا، وإنما قد يؤخر قضاء الحاجة لحكمة يعلمها هو، فهو تعالى يحب أن يسمع دعاءنا ونداءنا ومناجاتنا.. وهذا هو الإحسان، إحسان الله إلينا.

لكن متى سيحسن إلينا وستأتينا لطائفه ونفحاته، إذا أحسنا إليه تعالى، وإحساننا إليه يكون عن طريق حسن الظن به سبحانه وتعالى.. مصداقا للحديث القدسي الذين رواه النبي ﷺ عن رب العزة جل وعلا.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: يَقُولُ اللهُ: "أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي، إِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ، ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ، ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ هُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا، تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا، تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً".

وللحديث بقية مع شرح هذا الحديث الرباني الذي يريح القلوب ويطمئنها.

 

أستاذ الفلسفة بآداب حلوان

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز