الوعى حصن الأوطان ومقبرة الشائعات
محمود محرم
أكد خبراء فى مجالات الإعلام أن الوعى يعد الركيزة الأساسية لحماية الأوطان من التحديات والمخاطر الداخلية والخارجية.
واعتبروا أنه خط الدفاع الأول الذي يضمن استقرار المجتمع ويعزز تماسكه فى مواجهة الشائعات والأفكار المغلوطة.
وأشاروا إلى أن تشكيل الوعى يتطلب نشر المفاهيم الصحيحة وتعزيز القيم الوطنية والإنسانية لدى الأفراد منذ الصغر، مؤكدين أن هذا الدور هو مسؤولية مشتركة بين المؤسسات الإعلامية والتعليمية والدينية والثقافية.
أشار الخبراء إلى أن وسائل التواصل الاجتماعى أصبحت بيئة خصبة لنشر الأكاذيب وتضليل الرأى العام، مما يعيق الوصول إلى الحقائق ويزيد من احتمالية زعزعة الثقة بمؤسسات الدولة.
كما شددوا على أهمية دور الإعلام المسؤول والدراما فى تقديم محتوى يعزز الوعى الوطني، وأهمية تكامل الأدوار بين الأسرة والمدرسة والمؤسسات المختلفة لبناء جيل واعٍ بقضايا وطنه.
خط الدفاع
قالت الدكتورة منى الحديدي، عضو المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام: إن الوعى هو خط الدفاع الأول لحماية أى وطن من التحديات والمخاطر سواء كانت داخلية أو خارجية.
وأضافت أن الوعى يتيح للمواطن القدرة على إدراك ما يحدث من أحداث وتطورات، وتمييز الحقائق من الشائعات، مما يجعله قادرًا على مواجهة الأفكار المغلوطة التي تهدف إلى التأثير على استقرار الوطن وأمنه.
وأوضحت، أن تشكيل الوعى يعتمد بشكل أساسى على نشر المفاهيم الصحيحة وترسيخ القيم الإنسانية فى تنشئة الأفراد منذ سنواتهم الأولى، لافتة إلى أن هذه المرحلة تمثل أساس بناء المجتمع الحديث من خلال الأنشطة الإعلامية والثقافية والتعليمية التي تسهم فى إعداد جيل واعٍ بقضايا مجتمعه ومتسق مع قيمه ومبادئه.
وأشارت الحديدى فى تصريحات لـ«روزاليوسف» إلى أن العصر الحالى يتميز بكثرة وسائل التواصل الاجتماعى، التي أصبحت مصدرًا رئيسيًا للمعلومات، ولكن يتم تداول معلومات غير دقيقة أو مضللة عبر هذه المنصات.
واعتبرت أن هذا يمثل خطرًا حقيقيًا على تشكيل الوعى الجمعى، إذ يتحول العالم الرقمى إلى مجال لترويج الشائعات وتضليل الجمهور، مما يعيق الوصول إلى الحقيقة.
وأكدت أن التواصل الاجتماعى أصبح أكثر من مجرد وسيلة اتصال بين الأفراد، بل هو منصات لنقاش قضايا سياسية وتعليمية وحتى قضايا تخص الأطفال، دون وجود أى رقابة على المحتوى المتداول.
وأضافت الحديدى، أن من أبرز التحديات التي تواجه تشكيل الوعى فى الوقت الراهن هو انتشار الشائعات التي يتم ترويجها وكأنها مصادر موثوقة، فى حين أن غالبية من يروج لهذه المعلومات يفتقرون إلى العلم والدقة، ولا يتحلّون بأى إحساس بالمسؤولية تجاه المجتمع.
وشددت على أهمية تكاتف الجهود بين المؤسسات الإعلامية والثقافية والدينية لتصحيح المفاهيم المغلوطة وتعزيز القيم الإيجابية فى المجتمع، كما طالبت بتوسيع نطاق الخطاب الدينى وتفعيل دوره فى مواجهة الظواهر السلبية التي تهدد وحدة المجتمع وتماسكه.
وأكدت الحديدى أيضًا، أن الدراما تلعب دورًا كبيرًا فى تشكيل الوعى العام، حيث يمكن من خلالها أن تعكس القيم الإيجابية وتسهم فى تعزيز ثقافة التسامح والانتماء.
ودعت إلى توسيع نطاق الخطاب الدينى ليشمل قضايا تتماشى مع متطلبات العصر وتحدياته، وأن يكون الخطاب الدينى معبرًا عن احتياجات الأفراد وقادرًا على التصدى للأفكار المغلوطة التي يتم ترويجها عبر وسائل الإعلام.
الوعى ليس شعارًا
من جهته، قال الدكتور عصام فرج، الأمين العام السابق للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام: إن الوعى ليس مجرد شعار، بل هو واجب وطني يتطلب عملًا ممنهجًا ومعلومات موثوقة لتشكيل حائط صد ضد كل التحديات التي تواجه الوطن.
وأشار إلى أن غياب المعلومات الدقيقة وترك الساحة خالية للشائعات يفتح الباب أمام التشكيك والإحباط، خاصة فى ظل الدور السلبى الذي قد تلعبه بعض وسائل التواصل الاجتماعى، التي أصبحت بيئة خصبة لنشر المعلومات المغلوطة والأكاذيب.
وأضاف فرج فى تصريحات لـ«روزاليوسف»، أن المسؤولية تقع على عاتق كل المؤسسات، سواء كانت إعلامية، تعليمية أو مجتمعية، فى بناء وعى مجتمعى قادر على التصدى للشائعات والحفاظ على استقرار الوطن.
وأكد أن هناك تراجعًا ملحوظًا فى دور هذه المؤسسات فى بناء الوعى المجتمعى، ما يتطلب استعادة هذا الدور الحيوى من خلال تقديم المعلومات الصحيحة والشفافة بشكل مستمر، مما يقضى على محاولات نشر الشائعات وإثارة البلبلة.
وأشار فرج إلى أن الوعى القومى هو الركيزة الأساسية لتعزيز الانتماء الوطني لدى المواطنين من خلال تكاتف جميع الجهات الحكومية والخاصة، وبذل جهد مستمر من أجل توعية المجتمع بالقضايا الحقيقية والتحديات التي تواجه الوطن.
وأوضح أن المواطن عندما يمتلك المعلومة الصحيحة، يصبح قادرًا على التمييز بين الحقيقة والشائعة، مما يزيد من صلابته ووعيه تجاه محاولات التضليل.
وأكد أن وسائل الإعلام الوطنية تتحمل مسؤولية كبيرة فى التصدى لهذه التحديات، من خلال بث الرسائل التوعوية وتقديم محتوى بناء يعزز الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة.
ركيزة بناء المجتمعات
قالت الدكتورة ليلى عبدالمجيد، عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة الأسبق: إن الوعى ليس مجرد أداة دفاعية، بل هو ركيزة أساسية فى بناء مجتمعات قوية ومتماسكة تقف صفًا واحدًا خلف وطنها، قادرة على إحباط أى محاولات للنيل من أمنه واستقراره.. وأشارت إلى أن الوعى الوطني هو الحصن الذي يضمن عبور الأوطان إلى مستقبل أفضل، مهما كانت التحديات، مؤكدًة أن بناء وعى مجتمعى حقيقى يشكل درعًا أساسية لحماية الدولة من مخاطر الشائعات والأفكار الهدامة التي تنتشر عبر منصات الإعلام المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعى.
ولفتت إلى أن الجماعات المتطرفة والمعادية للوطن تستغل هذه الوسائل لنشر الأكاذيب والتشكيك فى الدولة ومؤسساتها بهدف زعزعة الاستقرار وبث الفرقة بين أبناء الوطن.
وأضافت عبد المجيد أن الوعى المجتمعى لا يمكن أن يُبنى إلا من خلال مصادر موثوقة للمعلومات، وتكامل الأدوار بين المؤسسات المختلفة مثل التعليم والإعلام والأسرة، حيث إن كلًا منها له دور حاسم فى تشكيل الفكر لدى المواطن وتعزيز قيم الانتماء والولاء للوطن.
كما أكدت أن التعليم يلعب دورًا رئيسيًا فى بناء العقول، من خلال مناهج تربوية متطورة تركز على التفكير النقدى، وترسخ أهمية التمييز بين المعلومات الصحيحة والشائعات المغرضة.
وأشارت إلى أن الإعلام أيضًا له دور محورى فى رفع مستوى الوعى لدى المواطنين من خلال تقديم محتوى موضوعى وشفاف يكشف الحقائق ويفند الشائعات.
وشددت على ضرورة وجود إعلام مسؤول يدعم جهود الدولة فى مواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ويسهم فى زيادة الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، وأكدت أن بناء الوعى المجتمعى هو عملية مستدامة تتطلب تكاتف جهود الدولة والمجتمع فى توفير الثقة والمعلومات الصحيحة للمواطنين، مما يعد أساسًا لمواجهة أى تحديات قد تهدد الوطن.
وأشارت عبد المجيد إلى أهمية دور الأسرة فى تنشئة أفراد مدركين لما يحيط بهم، قادرين على التفكير الواعى والتحليل المنطقي، مما يسهم فى التصدى لمحاولات التضليل الفكرى فى ظل التحديات المحيطة بالدولة سواء على المستوى الإقليمى أو الدولى.
وأضافت أن هذه الجهود تتطلب وعيًا مستمرًا وإدراكًا لما يحدث على الساحة العالمية.
المواطن شريك
قالت الدكتورة ميرفت الطرابيشى، عميد كلية إعلام 6 أكتوبر سابقًا: إن بناء وعى جماهيرى قوى يعد خطوة أساسية ليكون المواطن شريكًا فاعلًا فى حماية الأمن القومى ومواجهة التحديات المختلفة، خاصة فى ظل المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد.
وأكدت ضرورة تضافر الجهود بين جميع المؤسسات، الإعلامية والسياسية والتعليمية لتحقيق هذا الهدف، مشيرة إلى أن الصحف ووسائل الإعلام تلعب دورًا محوريًا فى توجيه الرأى العام نحو الحقائق بعيدًا عن الشائعات والأخبار المضللة.
وأوضحت أن الأحزاب السياسية يجب أن تنهض بمسؤولياتها الوطنية فى هذه المرحلة، من خلال نشر التوعية وتشجيع المواطنين على المشاركة الإيجابية فى الحياة السياسية.
وأكدت أهمية دور المؤسسات التعليمية فى تشكيل وعى الأجيال الجديدة، من خلال برامج تربوية وثقافية تهدف إلى تنمية الانتماء والولاء للوطن.
وأشارت إلى أن الجماعات الإرهابية تتربص بمصر وتستغل الظروف لزرع الفتن وزعزعة الاستقرار من خلال الشائعات والتضليل الإعلامى.
حائط صد
فى الختام، أكد الدكتور محمد الحفناوى، أستاذ الإعلام بجامعة كفر الشيخ، أن بناء الوعى لدى المواطن يعد حائط صد ضد التحديات، خاصة الشائعات والمؤامرات التي تستهدف استقرار الوطن.
وأوضح أن الوعى يمثل ثقافة المجتمع، وهو الأساس لبناء أمة قوية قادرة على مواجهة التحديات، مشيرًا إلى أن هناك أزمة وعى حقيقية فى مصر، تتطلب معالجة عاجلة من خلال تكاتف جهود المؤسسات المختلفة لتشكيل وعى شعبى قادر على التصدى لمحاولات زعزعة الاستقرار.