![البنك الاهلي البنك الاهلي](/UserFiles/Ads/8372.jpg)
![من ذاكرة التاريخ الجيش المصرى عبر العصور (٢) (الدولة القديمة)](/Userfiles/Writers/5339.jpg)
أ.د. رضا عوض
من ذاكرة التاريخ الجيش المصرى عبر العصور (٢) (الدولة القديمة)
لعب الجيش المصري بقيادة الملك مينا دورًا محوريًا فى تحقيق الوحدة بين الوجه البحرى والوجه القبلى وقيام أول دولة وإعلان أول حكومة مركزية فى تاريخ الإنسانية وإعلان تكوين أول جيش وطني فى التاريخ، للدفاع عن حدودها ضد هجمات الأعداء، وقد تكون الجيش المصري من فرق قتالية مدربة منظمة وكان النظام العسكرى فى الميدان صارمًا يقوم على طاعة الأوامر العسكرية لقائد الفرقة، وكان التجنيد يتم عن طريق كاتب الجيش؛ وكانت للجنود تدريبات منتظمة تستهدف تنظيم الخطوة، ومشية الصف، وكان الجندى يسير تلو زميله فى دوريات محددة، ويعاون نافخ البوق أو ضارب الطبل فى تنظيم تقدم الجنود، وهى فرقة الموسيقى العسكرية، كما اهتمت تدريبات الجيش بالجرى والسباق والمصارعة؛ وشارك أبناء الملوك فى التدريبات العسكرية مثل الرماية والفروسية.
وقد كان الملك هو القائد الأعلى للجيش، بينما القواد يقومون بالقيادة نيابة عنه، وهم من حملوا لقب أمير الجيش ومن بين ألقاب قادة الجيش هناك لقب «قائد الصدام»، و«قائد الجنود الجدد» كما كان الملك يكلف ولى العهد بالنيابة عنه أحيانًا، وفى عهد الملك زوسر أول ملوك الأسرة الثالثة والذي حكم مصر لمدة 29 عامًا كما ذكر فى كتاب
للمؤرخ مانيتون الذي يؤكد أنّ مدّة حكمه فى الفترة من عام 2640 ق م حتى عام 2611 ق م.
كما ذكر اسمه فى بردية تورين باللون الأحمر تمييزًا له عن باقى ملوك الدولة القديمة حيث يعدّ الملك زوسر من أقوى الملوك الذين حكموا مصر وبردية تورين هى من المصادر المباشرة للبحث فى تاريخ الحضارة المصرية، فقد كتب بها أسماء أكثر من 300 من الملوك وسنين حكمهم وأعمالهم من عصر ما قبل الأسرات حتى الأسرة الثامنة عشرة وتوجد هذه البردية بمتحف تورين بإيطاليا.
قسم الملك زوسر حدود مصر لمناطق وسماها أبواب المملكة وعين فى كل منطقة منها حاكمًا يسمى (سشم تا) مرشد الأرض وأقام فى كل منطقة حصنًا على شكل مستطيل لحمايتها، كما أقام سورًا من أسوان إلى الفيلة يبلغ طوله نحو ١٢ كيلومترًا ليضمن سلامة حدوده الجنوبية وقسم الجيش تحت قيادته إلى فيالق، كل فيلق على رأسه أمير لقبه (أمرا مشع) وكل فيلق مقسم إلى فرق، كل فرقة يقودها قائد فرقة لقبه «عبرو» وكل هذه الفيالق كانت تحت إمرة رئيس أعلى يطلق عليه قائد الجيوش الأعلى.
اتخذ الملك زوسر مدينة منف عاصمة له وقام زوسر فى فترة حكمه بالعديد من الحملات العسكرية، حيث كان أوّل ملك يرسل حملات إلى منطقة وادى المغارة التابعة لسيناء؛ وذلك لاستخراج مادتى النحاس والفيروز، وما زال هناك نقش لوحة له فى الوادى؛ حيث تُشير هذه اللوحة إلى ضربة أحد الأعداء.
ووسع دولته جنوبًا ومد حدود البلاد إلى ما بعد الشلال الأول.
وفى بداية العصر الفرعونى كانت مصر تمتلك أسطولًا ضخمًا كان يشرف عليه رئيس الأسطول ولقبه (مدب دبت) ويعنى بانى السفن، وبعض السفن كان يصل طولها إلى خمسين مترًا، وفى أيام الملك زوسر كان عدد السفن التي تجلب خشب الأرز من فينيقيا (لبنان حاليًا) حوالى 40 سفينة فى كل رحلة، ويذكرنا التاريخ بأنه مع وجود الحاكم القوى والجيش القوى تنعم الدولة بالاستقرار والأمن والأمان فتزدهر العلوم وتكثر الإنجازات فنجد أنه فى عهد الملك زوسر ظهر الإبداع البشرى فى الهندسة والطب حيث تم بناء هرم سقارة المدرج أول وأضخم بناء حجرى فى تاريخ البشرية وظهر نابغة الطب أمحتب أول طبيب فى التاريخ الإنسانى حيث جاء فى كتاب عالم الآثار الأمريكى بريستيد بعد ترجمته بردية إدوين سميث إن أمحتب هو المخترع الأول لفن الطب بلا منافس وأنه أول صورة لطبيب واقعى فى التاريخ البشرى.