عاجل
السبت 8 فبراير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

 منازل قبيلة المسجوم بالكاميرون تشبه القذائف بهندسة طينية تصارع تحديات العصر

في أقصى شمال الكاميرون، وبين الصحارى الشاسعة، تعيش قبيلة المسجوم التي تتميز بأسلوب بناء فريد يعتبر جزءًا من تراثهم الثقافي العريق. يعتمد أفراد هذه القبيلة على الطين المضغوط لبناء منازلهم، وهي تقنية قديمة تتناغم مع طبيعة المناخ، وتقدم حلاً بيئياً مستداماً. إلا أن هذه العمارة ليست مجرد مأوى، بل هي تعبير عن هوية ثقافية وفنية تمتد عبر الأجيال، وترسم صوراً هندسية معقدة على جدران البيوت المخروطية، مما يعكس البراعة في الاستفادة من الموارد الطبيعية.



 

 
 
 

البناء بالطين المضغوط: فن صديق للبيئة

 

 

تُبنى بيوت المسجوم من الطين المضغوط المجفف تحت أشعة الشمس، حيث تُعتبر هذه المواد بديلاً محلياً وفعالاً لمواد البناء الحديثة. تتميز المنازل بقدرتها على توفير درجات حرارة مريحة في بيئة صحراوية حارة، كما أنها مقاومة نسبياً للتآكل بفعل الأمطار القليلة والمناخ الجاف. بفضل الطين المجفف، تحافظ البيوت على توازن حراري في الداخل؛ فالطين لديه خاصية العزل الحراري التي تمنع دخول الحرارة المرتفعة إلى داخل المنزل نهاراً، بينما يبقي المكان دافئاً خلال الليل.

 

 

جماليات التصميم المعماري والهندسة التراثية لا تُستخدم مواد الطين في هذه البيوت لأسباب وظيفية فحسب، بل إن التصاميم الهندسية والزخارف التي تزين هذه المنازل تُعتبر جزءاً أساسياً من هوية المسجوم الثقافية. يُلاحظ أن المنازل تأخذ شكل قذائف مدفعية مخروطية، وهي مزودة بزخارف هندسية بارزة تُنحت مباشرةً على الجدران الطينية. هذا النمط الهندسي ليس مجرد زخرف، بل هو انعكاس لتفاصيل الحياة اليومية والقيم الثقافية لهذه القبيلة، التي تُضفي لمسة من الجمال العتيق على بيئتهم الريفية.

 

 

التحديات العصرية: صمود أمام التطور الحضري

 

يواجه نمط البناء الطيني في شمال الكاميرون تهديدات متزايدة نتيجة التطور العمراني الحديث. فمع تدفق التقنيات الجديدة وانتشار مواد البناء الحديثة، باتت تقاليد البناء التقليدية مهددة بالتراجع. تسعى القبيلة جاهدةً للحفاظ على هذا الإرث المعماري، ولكنها في حاجة إلى دعم مؤسساتي وبرامج تراثية تشجع على استدامة هذه الثقافة العمرانية الفريدة.

 

 

تظل تجربة قبيلة المسجوم مثالاً بارزاً على كيفية مواءمة الإنسان بين حاجاته ومتطلبات بيئته الطبيعية. ورغم التحديات التي تواجهها العمارة الطينية التقليدية، فإنّ الأمل في الحفاظ على هذا التراث ما يزال قائماً، إذ بدأت بعض المنظمات الثقافية والبيئية دعم جهود القبائل التقليدية في الكاميرون، لضمان استمرار هذه التحف المعمارية في الصمود كموروث ثقافي للأجيال القادمة.

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز