عاجل
الأربعاء 27 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
منير مراد... الموهوب الأول والمظلوم الأول!!

منير مراد... الموهوب الأول والمظلوم الأول!!

عشت قبل يومين يوما استثنائيا مليئا بالبهجة فى زمن عزت فيه البهجة، كنت أستعيد من خلال إذاعة الأغانى ألحان الموسيقار منير مراد فى ذكرى رحيله.



التقيت مرة واحدة الموسيقار الكبير، بعدها بأيام رحل عن عالمنا، وتصادف أنه كان يفصله 11 يوما فقط عن رحيل الرئيس أنور السادات، فلم يمنحه الإعلام الاهتمام اللائق، كانت مصر تتحسس اسم الرئيس القادم بعد 6 أكتوبر1981، ذهبت لوداعه فى جامع عمر مكرم، بين عدد قليل جدا من الذين يعرفون قدره،لا أتذكر أننى رأيت منير مراد فى لقاء تليفزيونى، ولو كان قد حدث فإن هناك من مسح هذا التسجيل، ما أتذكره أنه اصحبنى إلى غرفة صغيرة بمنزله وأشار إلى أسطوانات (سلك) قبل اختراع الأسطوانة التقليدية، وقال لى هذه تحف يتمنى أن تحافظ عليها الدولة، مع الأسف هذا التراث النادر كان مصيره مثل عشرات غيره عند بائع (روبابيكيا) يبيعه بالكيلو.

أتذكر تسجيلا إذاعيا لا يُنسى، جمعه مع عبدالحليم وشقيقته ليلى مراد، منير يُمسك بالعود وليلى تغنى (ليه خلتنى أحبك) و(سنتين وأنا أحايل فيك)، وأظنه كان لقاءً أقرب للصلح بين عبدالحليم وليلى، بعد أن أخذ منها عبدالحليم أغنية (تخونوه)، التي لحنها بليغ قبل أن تسجلها على أسطوانة، فكانت واحدة من أغنيات فيلم (الوسادة الخالية) وهذه قصة أخرى.

منير حالة إبداعية متكاملة يرقص ويغنى ويمثل، الجزء العميق فى تلك الموهبة والمصدر الأساسى لهذا الإبداع أنه ملحن عبقرى امتلك من الأنغام كل الأطياف وكأنه (قوس قزح).

لمنير مراد تسجيل نادر يدل على قدرة استثنائية لتقمص روح الآخرين، اسكتش اسمه (هنا القاهرة) يقلد فيه المطربين أمثال عبدالوهاب وعبدالمطلب وليلى مراد وغيرهم، أنه الأكثر تداولا، إلا أن الأكثر إبداعا، عندما أمسك بالعود وتخيل كيف يلحن (لا مش أنا اللى أبكى) لـ محمد عبدالوهاب، كل من فريد الأطرش وكمال الطويل والسنباطى والموجى فتقمصهم موسيقيا.

منير صاحب أكثر النغمات مشاغبة وشبابية فى تاريخنا الغنائى (وحياة قلبى وأفراحه)، هل ننسى كيف استغل منير كل الأصوات فى مشهد داخل فيلم (يوم من عمرى) عبدالسلام النابلسى وسهير البابلى والثلاثى المرح وحتى المزمار الشعبى كان بطلا، والحصان يرقص مثلنا على الإيقاع فى (ضحك ولعب وجد وحب)؟!

بدأ المشوار نهاية الأربعينيات مع شادية،وإذا كان الموسيقار محمد فوزى أطلقها والموسيقار محمود الشريف هو العمق الاستراتيجى لصوتها، فإن منير هو توأمها الروحى، منذ أن قدم لها (واحد اتنين واحد اتنين)،ومضات صوت شادية تتفتح على الجمل الموسيقية لمنير مراد، أنها لا تغنى بل تضىء فى قلوبنا فيضانا من البهجة (يادنيا زوقكى بالعز والهنا)، (دور عليه دور)، (سونة يا سنسن).

كيف كان يرى شريفة فاضل بنت البلد الجدعة الفهلوية (حارة السقايين)، وبذكاء أعاد محمد منير غناءها، ثم أعادتها نانسى عجرم فى مطلع الألفية فساهمت فى شهرتها.

منير مراد غزيرالنغمات، قادر أن يصنع الثوب اللائق بالصوت والنغمة (علمنى الحب) صباح و(أبعد عن الحب) عادل مأمون و(من يوميها) وردة، وكانت أم كلثوم تستعد لتقديم عدد من الأغانى القصيرة المرحة له، وودعتنا قبل استكمال المشروع.

 إنه المظلوم الأول والموهوب الأول فى حياتنا الموسيقية!!.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز