عاجل
الخميس 16 يناير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي

اقتصاد الحرب.. تحديات أكتوبر وتنمية سيناء

سنوات طويلة قضتها سيناء منذ التحرير فى انتظار التعمير حتى جاءت دولة 30 يونيو لتبدأ ثورة تطهير لسيناء من الإرهاب فى المعركة الشاملة التي واصل فيها الأحفاد بطولات الأجداد لتنتهى بالقضاء على الإرهاب.. 



وفى الوقت ذاته التي حملت فيه يد السلاح كانت أيادٍ تعمر وتبني.. وإليكم بعض من كثير تحقق فى أرض الفيروز...

 

على الرغم من أن للحروب أهدافًا كثيرة لاستعادة الأرض المغتصبة من قبل الأعداء، فإنها تخلف من ورائها خسائر اقصادية واجتماعية كبيرة تؤثر فى خطط التنمية فى هذه البلدان، وكانت مصر من أكثر الدول التي عانت لسنوات من ويلات الحروب فى عصرنا الحالى، والتي بدأت منذ العدوان الثلاثى فى عام 1956 مرورًا بنكسة1967، وصولًا إلى تحقيق النصر فى السادس من أكتوبر1973.

وأكد عدد من خبراء الاقتصاد لـ«روزاليوسف» أن الحروب التي خاضتها مصر أثرت بالسلب على تعطيل مسيرة التنموية، إذ تعثرت جميع الخدمات فى مجالات الصحة والتعليم والطرق وغيرها، واستنزفت تلك الحروب موارد الدولة، وزادت من أعبائها، وما زالت الدولة تدفع فواتيرها حتى الآن.

وكشف الخبراء أن الدولة اضطرت إلى التخلى عن الخطة الخمسية الثانية من عام 1964 – 1970، التي كانت تستهدف بناء الصناعات الثقيلة واستكمال ما تم خلال الخطة الخمسية الأولى، واستبدلت بها خطة ثلاثية، ثم خطط سنوية لتسريع وتيرة الإنجاز، ونتيجة لذلك تراجع معدل النمو فى الناتج المحلى خلال الفترة من 66 إلى 71 ليصبح الإجمالى المحلى نحو 2.9%.

الاقتصاد القومى مر بفترة ركود تصل إلى تسع سنوات ما بين 64/1965 و1973، استنادًا إلى ذلك الانخفاض الكبير فى معدل نمو الدخل القومى «أقل من 3% خلال هذه الفترة»، الذي لم يكن يتجاوز كثيرًا معدل النمو السكانى، وفى عام 66/1967، لم يزد الدخل القومى على الإطلاق، الأكثر من ذلك أنه تناقص فى السنة المالية التالية 67/1968  بنسبة .2%.

وخلال السنوات الخمس التالية للخطة الخمسية الأولى، انخفضت نسبة الزيادة فى الناتج المحلى الإجمالى لتصل إلى 17%، مقارنةً بـ37%  خلال سنوات الخطة الخمسية الأولى، وكان السبب فى تدهور مستوى الناتج هو انهيار حجم الاستثمار، إذ هبطت نسبته من 18% فى أواخر سنوات الخطة الخمسية الأولى إلى 12% عام1972، كما هبطت نسبة الإدخار من 14% إلى 8% خلال الفترة نفسها.

ومع انتهاء حقبة الستينيات، كانت سياسة الإحلال محل الواردات قد تجاوزت إمكاناتها، ولم ينجم عنها سوى إحلال نوع معين من الواردات محل نوع آخر، وعلى الرغم من ذلك لم تخفف العبء على ميزان المدفوعات بل زادته.

وكشف الخبراء، أن مصر بعد عام 67 واجهت كل الآثار الاقتصادية المترتبة على إغلاق قناة السويس، وفقدان بترول سيناء، ونقص إيرادات السياحة، ونفقات توطين المهجرين من منطقة القناة، فضلاً عن الإنفاق العسكرى الجديد، بالإضافة إلى ما كان يجب على مصر دفعه لخدمة الديون التي حل موعد استحقاقها فى السنوات التالية لحرب 67، إذ بلغت قيمة أقساط الديون المستحقة الدفع وقتها خلال الفترة من عام 67 إلى 1972 لنحو 240 مليون دولار فى السنة بالمتوسط.

من جانبه، قال الدكتور محمد الشوادفى، أستاذ الاستثمار والتمويل بجامعة الزقازيق: إن الحروب تؤثر تأثيرًا كبيرًا على الاقتصادات فى العالم، ويكف أن بريطانيا العظمى، اقترضت من مصر بسبب معاناتها من الحربين العالميتين الأولى والثانية، والذي كان فيها الاقصاد المصري قويًا للغاية، إذ بلغ سعر الجنيه المصري عدة دولارات أو جنيهات استرلينى.

وأشار «الشوادفى» إلى أن البعض قد يتساءل كيف تبدل حال الاقصاد المصري بعدما كان قويًا؟ وتكمن الإجابة هنا بأن مصر خاضت 6 حروب متتالية فى أقل من 60 عامًا، وهو ما أثر بالسلب على التنمية الاقتصادية، لذا لجأت مصر إلى ما يسمى باقتصاد الحرب خلال الفترة من 1967 إلى1973، إذ اتخذت مجموعة من التدابير وإجراءات الطوارئ بغرض الحفاظ على رصيد النقد الأجنبى وتوفير الموارد للمجهود الحربى وتسليح الجيش خلال تلك الفترة.

وتابع أستاذ الاستثمار: «بعد هزيمة1967، اتخذ بعض الإجراءات من أجل بناء الجيش المصري وتوفير الموارد المالية لتسليح الجيش والاستعداد للحرب التالية والتي كان من أهمها إعادة النظر فى خطة الاستيراد والتصدير بسبب تفاقم العجز فى الميزان التجاري، والاعتماد على المنتج المحلى، وتأجيل تنفيذ المشروعات طويلة الأجل، وكذا تخفيض الإنفاق الحكومى، ومعالجة الجهاز الإداري للدولة بتقليص عدد الوزارات».

وأوضح «الشوادفى» أن الحروب أثرت بالسلب على تعثر الخدمات فى مجالات الصحة والتعليم والطرق وجميع المجالات، حيث إن الحروب فى القرن الماضى استنزفت موارد الدولة وزادت من أعبائها وعرقلت مسيرة التنمية لأجيال قادمة وأدى إلى تكدس الفصول وانخفاض عدد الجامعات وتغير خطط التنمية وعدم مواجهة الزيادة السكانية، مشيرًا إلى أن المعارك التي خاضتها مصر فى القرن الماضى ما زالت الدولة تدفع فواتيرها ولا سيما حرب 1967 وما ترتب عليه من ضياع موارد الدولة وزيادة الإنفاق العسكرى بتجديد المعدات.

وأكد الدكتور محمود عنبر، أستاذ الاقتصاد بجامعة أسوان، أن التكلفة الاقتصادية لأى حالة حرب «باهظة جدًا»، فهى لم تؤثر فى الأجيال الحالية فقط بل وتمتد آثارها السلبية للأجيال المستقبلية، ومن ثم تؤثر فى فكرة التنمية المستدامة، مشيرًا إلى أن عدم وجود أى استقرار أمنى أو سياسى يؤدى إلى هروب الاستثمار ويمنع تدفق الأموال الأجنبية، فرأس المال يطلق عليه لقب “الجبان»، لأن ليس له وطن ولا يبحث عن مكان إلا الذي يعظم أرباحه.

ولفت «عنبر» إلى أن الحروب انتقلت من المواجهة على أرض المعركة إلى التضيق الاقتصادى باستخدام فكرة العقوبات الاقتصادية كأحد أنواع «لى الذراع» لإركاع أى دولة، موضحًا أن التحديات الإقليمية التي تحيط بالدولة المصرية لم تثنيها عن استكمال خطط التنمية، واستطاعت أن تتحقق ما كانت ترمى إليه دون أن يكلف الدولة الدخول فى صراع مسلح، لأن عاقبته الاقتصادية ستكون سلبية بعدما استطاعت مصر التغلب على سلسلة طويلة العقبات، ووضعت نفسها فى مصاف الدول المتقدمة، وحصلت على الكثير من الإشادات الدولية.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز