د. عادل القليعي
محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.. "القائد القدوة"
اجتمعت في شخصية رسول الله ﷺ كل محاسن الخير وكل صفات الجمال والجلال والبهاء، ليس هذا وحسب بل وجمعت هذه الشخصية بين جنباتها القيادة والقدوة ولم لا وهو المؤيد بالملكوت والمعصوم الذي حصنه الله تعالى من كل ما هو مهلك، ليس هذا وحسب بل ووهبه العلم اللدني (وعلمناه من لدنا علما)، (علمه شديد القوى).
نعم شخصية حارت العقول في وصفها، وآمنت بها القلوب وآمن بها أهل الأرض وأهل السماء. شهد له القاصي والداني، المؤمن والكافر بصدقه وأمانته ولين جانبه وطيب خاطره. نعم هو النبي لا كذب، إنه ابن عبد المطلب. هيا لنتعرف عن قرب على جوانب من شخصيته ﷺ.
ولنبدأ بالجوانب الفلسفية، الفلسفة هي حب الحكمة، نعم ورسولنا المعظم علم الحكماء الحكمة بحكمته (يؤتى الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا)، فهو النبي الفيلسوف الحكيم والنبي الحكيم الفيلسوف، علمنا كيفية استنباط الأحكام من القرآن الكريم عن طريق حديثه عن الاجتهاد، الاجتهاد بالرأي. أقنع بحكمته كل من حاوره وجعله يؤمن برسالته. ألم يحاور وفد اليمن الذين أتوا إلى حضرته وسألوه أسئلة نعدها فلسفية، عن حقيقة بدء الخلق، قال النبي، كان الله ولم يوجد شيء وكان الله وأوجد كل شيء وكان عرشه على الماء. كذلك من الجوانب المهمة في شخصيته، الجوانب السياسية، ألم يرس حضرته مبدأ من أعظم المبادئ الإسلامية، مبدأ الشورى، الذي أسست على أثره كل ديمقراطيات العالم الآن، الانتخاب الحر المباشر في تولي المناصب. ويوم بدر عندما سأله سلمان الفارسي، أهو منزل أنزلك الله إياه يا رسول الله أم الحرب والمشورة؟ وفي أسرى بدر لم ينفرد برأيه في الأسرى بل استمع لرأي الصحابة واستجاب لنصائحهم.
كذلك من الجوانب المهمة في شخصيته صلى الله عليه وسلم، الجوانب الأخلاقية، (وإنك لعلى خلق عظيم)، وعندما سئلت السيدة عائشة عن خلقه، قالت كان خلقه القرآن، ليس هذا وحسب بل اتسم بالعفو، والحلم إذ جاءه رجل قال له أوصني يا رسول الله قال لا تغضب.
أيضًا الرحمة بالشجر والحجر والحيوان قبل الإنسان، نعم فاق النبيين في خلق وفي خلق، نعم ولد مبرأ من كل عيب، كأنه ولد كما يشاء. الأمانة والعدل والمساواة والتعاون والكرم والشجاعة والإيثار.
كذلك إذا أردنا أن نتحدث عن بعد آخر من أبعاد شخصيته صلى الله عليه وسلم، فسنتحدث عن الجوانب الاجتماعية، فالنبي ﷺ محب لوطنه ولبلده ولأهله، يقول في مكة والله إنك لأحب بلاد الله إلى قلبي ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت، ويعود منتصرا فاتحا وترتعد فرائس قومه، وهنا يظهر خلق الفتح والتسامح، وتظهر القدوة الحقيقية في أبهى صورها، ما تظنون أني فاعل بكم، قالوا أخ كريم وابن أخ كريم. فقال اذهبوا فأنتم الطلقاء. فاليوم يوم المرحمة علمنا حب الوطن والمواطنة وأن حب الوطن فرض عين لا من فروض الكفايات. حب السلام، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم افشوا السلام بينكم. ودوما ما كان يردد، خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهله، ومن ثم فقد قرأنا عن بره لأمه حليمه التي أرضعته وبره لصديقات زوجته خديجة رضى الله عنهما وبره لزوجاته ولريحانته فاطمة البتول وبره بأحفاده وكثيرة هي مواقفه في مكة والمدنية وأهل المدينة وودهم ووصلهم، وعندما أعطى الغنائم لأهل مكة وزادهم ، أخذت الأنصار الغيرة، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم، ألا يكفيكم أن يعود معكم رسول الله واستقر بالمدينة حتى لقي الرفيق الأعلى.
أما الجوانب النفسية في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم، فكان رقيق القلب، لين الجانب، طيب النفس، دوما ما يعاتب نفسه وينهرها مؤدبا إياها وكان يأمر الصحابة بالتضييق على النفس الإمارة، ليس هذا وحسب بل هو طبيب القلوب ومطببها، عليكم بترقيق القلوب بالاكثار من ذكر الله، فمن أراد أن يصرف الله همه ويقيه شر نفسه فعليه بذكر الله سبحانه وتعالى.
إذا أردنا أن نعدد خصال وصفات النبي صلى الله عليه وسلم، فلن نستطيع حصرها. أليس حقيق بهذا الرجل محمد ﷺ أن يقود أمة، فإذا كان إبراهيم عليه السلام أمة قانتا لله تعالى، فحبيبنا محمد ستسعى إليه كل الأمم يوم القيامة طالبين شفاعته. نعم سيدي أبا الزهراء جمعت بين جنباتك القائد والقدوة (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر. فلنجعله قائدا وقدوة لنا وأقول لمن يتطاول ويتنطع عليه مستهزأ، قف عند منتهاك ولا تتجاوز حدودك وتأدب وقف صحرا فإنه رسول الله ﷺ سيد ولد آدم ولا فخر، جد القمرين الحسن والحسين، وأختهما السيدة زينب كريمة الوالدين.
أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان