محمد الجزار
فى ذكرى طردهم من إنجلترا متى يطرد اليهود من فلسطين؟
تمر اليوم ذكرى طرد اليهود من بريطانيا، حيث أصدر الملك إدوارد الأول قرارًا بطرد كل اليهود من إنجلترا فى 31 أغسطس من عام 1290، وهو القرار الذي استمرت فعاليته طوال العهود الوسطى، حتى تم إلغاؤه بعد أكثر من 350 عامًا، وبالتحديد فى 1656، إذ لم يكن القرار فجأة بل حصيلة أكثر من 200 سنة من سوء المعاملة، ويرجع سبب قيام الملك البريطانى بطرد اليهود لازدياد الشعور بالكراهية ضدهم فى إنجلترا فى القرن الثالث عشر، وكانوا يسيرون فى شوارع مدينة لنكولن القديمة بغطرسة بغيضة إلى النفوس جعلت الناس يتجنبون اليهود.
وأن قرار الملك إدوارد طبق على جميع الجزر البريطانية، لدرجة أن الملك إدوارد طالب مواطنيه برد ديونهم للمرابين اليهود خلال شهر، وإلا صارت ديونهم ملكًا للتاج، ولم يتأخر كثيرًا الملك فيليب ملك فرنسا حيث قرر طرد اليهود من مملكته سنة 1306.
وجاءت فرحة عموم المصريين بطردهم من مصر لاستمرار سلوك اليهود فى التعامل بالربا واعتبار أنفسهم جنسًا آخر غير البشر، وقد اختار الأغنياء من يهود مصر فرنسا وطنًا لهم، وهاجر يهود الطبقة الوسطى إلى الولايات المتحدة وأمريكا اللاتينية، بينما هاجر الفقراء إلى إسرائيل، وهناك عدة عوامل أدت إلى طردهم من مصر منها بعد تراكم الاعتداءات الإسرائيلية على مصر متمثلة فى الغارة الإسرائيلية على القاعدة المصرية فى غزة عام 1955، ثم العدوان الثلاثى على مصر عام 1956، التي شاركت فيه إسرائيل بجانب إنجلترا وفرنسا، وهجرة معظم من تبقى منهم خاصة بعد المضايقات التي تعرضوا لها نتيجة للغضب الشعبى وختم جوازات سفرهم بختم «بلا عودة»، أن مسألة طرد اليهود من مصر، هى لا تتعدى كونها بدعة صهيونية، وأن إنشاء دولة إسرائيل كان سببًا رئيسيًا فى هجرة اليهود من مصر خاصة بعد عام 1948، وحتى 1956، قد مارست ضغوطًا كبيرة على اليهود المصريين ليهاجروا عن طريق القوة الهائلة للصهيونية العالمية، وعن طريق إثارة الفتنة والكراهية ضدهم من الشعب المصري، مثل فضيحة لافون التي حرض فيها الموساد بعض اليهود المصريين على القيام بتفجيرات وعمليات إرهابية على أهداف مدنية فى مصر، وتلا ذلك الهجوم على غزة، وفى النهاية كان عدوان 1956، ورغم طرد أوروبا ومصر لليهود إلا أن أمريكا بعد انهيار بريطانيا العظمى حملت راية دعم دولة الاستيطان فى كل شيء لدرجة أنه لا فرق بين الولايات المتحدة سياسيًا، ثقافيًا، وتاريخيًا وإسرائيل إلى حد بعيد، سواء من حيث النشأة والتطور التاريخى، أو بتفسيرات الدين وفق أساطيرهم، حتى المناهج السياسية الحاكمة بالولايات المتحدة فى أمريكا يوجد نسخ من تيارات مختلفة كما هو الحال فى دولة الاحتلال وإن كان معظم هؤلاء جميعًا ينتمون لنفس الفكر الصهيونى إلا أن لديهم اتجاهات مختلفة للطريقة الأفضل للحفاظ على المشروع الصهيونى وتمكينه، والذي بات يتحول فى نظر العالم إلى مشروع عنصرى إلى جانب مضمونه الاستعمارى.
وفى زمن العجائب والغرائب وزمن الصمت على الأكاذيب والتصفيق للباطل وفجأة نكتشف أن إسرائيل تترأس مؤتمرًا تابعًا للأمم المتحدة لنزع السلاح فى دورته الحالية حتى 16 سبتمبر المقبل، ربما العالم يمنح مكافأة لإسرائيل على الانتهاكات وجرائم الحرب التي ترتكبها منذ السابع من أكتوبر الماضى ضد المدنيين فى قطاع غزة وكل فلسطين بعد قتل أكثر من 40 ألفًا، وإصابة أكثر من 100 ألف، وتشريد أبناء الشعب الفلسطينى، وإن كانت إنجلترا فى السابق طردتهم وفرنسا أيضًا فنتمنى أن يأتى يوم يتم طردهم من فلسطين ليعودوا إلى الشتات لأنهم لا أمانة ولا دين ولا عهد لهم، وهى حركة صهيونية عنصرية بغيضة ورغم ذلك ستظل فلسطين عربية.
نقلاً عن مجلة روزاليوسف