رشاد كامل
التابعى يغادر روزاليوسف!
لم تكن السراى الملكية والمندوب السامى البريطانى راضيين عن روزاليوسف ومقالات محمد التابعى خاصة هجومه الشديد والصريح على زكى الإبراشى ناظر الخاصة الملكية.. وعن تلك الأيام يقول الأستاذ التابعى : «انهالت التحقيقات والاتهامات على المجلة واستدعتنا النيابة العمومية - السيدة روزاليوسف وأنا - للتحقيق وحضر معنا التحقيق الأستاذ «سابا حبشى باشا» وتولى النائب العمومى بنفسه التحقيق معنا، وتبين من نوع الأسئلة التي وجهت إلىّ ومن سير التحقيق أن تهمة «العيب فى الذات الملكية» هى التهمة التي كانت تتردد فى خاطر النائب العام وعقوبتها السجن خمس سنين، ثم عرفت من صديقى وهيب دوس بك المحامى أن سعادة الإبراشى كان يعد العدة من زمن طويل وأن لدى سعادته دوسيهًا ضخمًا ضمنه كل مقالاتى وحملاتى عليه، وذاع فى بعض الأوساط أنه طالما بقى محمد التابعى فى روزاليوسف فسوف يحدث للمجلة كذا وكذا ثم قابلنى فى ميدان السباق بمصر الجديدة موظف كبير كان من حكام الأقاليم وقال لى: «العين عليك حمراء يا فلان».
فأنصحك تخرج من البلد كام شهر أحسن ما يحصلش لك طيب!
كما سمعت نفس النصيحة من المرحوم «حسن رفعت باشا» وكيل وزارة الداخلية كما سمعت نفس النصيحة من الزميلة العزيزة السيدة روزاليوسف وكان التحقيق قد انتهى ولم أكن قد علمت بعد بقرار الاتهام ولا بالحضور أمام القضاء!
وفى يوم 17 مارس سنة 1934 سافرت إلى أوروبا وفى يقينى أننى شبه منفى وأننى أسافر مضطرًا لا مختارًا وهذه الحالة النفسية نغصت علىّ رحلتى وأقمت فى أوروبا نحو ثلاثة أشهر وأثناء غيابى قدمت القضية إلى محكمة الجنايات وتقرر تأجيلها إلى حين إعلانى بالحضور وعودتى إلى مصر وهكذا أصبح مصير القضية مرتبطًا بعودتى إلى مصر.
ويتلقى التابعى رسالة من روزاليوسف بتاريخ 4 مارس سنة 1934 تقول فيها: عزيزى تابعى: وصلنى خطابك صباح اليوم وقد انتظرته طويلًا ولكننى آسفة لأنك متضايق أيضًا هناك فى بارس ولا أعرف سبيلًا لكى تكون مرتاحًا أما من جهة حضورك الآن فإنه لا يقدم ولا يؤخر فى الموقف الذي نحن فيه بل أقول لك إنه غير مستحسن لأننا أنا والمحامون - محمد على باشا وسابا حبشى وعبدالرحمن البيلى - الذي قدم نفسه لخدمتى - نود التأجيل والتسويف لأن التأجيل يراه حضراتهم فى صالحنا.
ولهذا فقد كتبت فى المجلة بأنه وصل منك تلغراف بأنك عرضت نفسك على الأطباء وقد قرروا راحتك ثلاثة شهور من العمل وللمعالجة أيضًا، فحضورك الآن غير مرغوب فيه وكل ما أطلبه منك أن تطمئن وتقضى مدة راحتك فى تغيير هواء ومناظر لكى تعود سليما.. و.. و.
وتقول روزاليوسف فى كتابها «ذكريات»: وعاد التابعى من أوروبا لتقع الخلافات بيننا التي انتهت بخروجه فقد أخذ المحيطون بالأستاذ التابعى يدفعونه إلى الخروج والانفراد بعمل مستقل، وكان من جراء ذلك أن تعكر الجو وتوالت الخلافات على التافه والجليل، ولما اشتد الخلاف استدعانى الأستاذ مكرم عبيد، وكان يحب التابعى على العكس من مصطفى النحاس الذي كان اطمئنانه إلىّ أكثر - استدعانى ليتوسط فى الأمر واقترح تسوية الخلاف أن أجعل التابعى شريكًا لى فى ملكية المجلة لكننى اعتذرت وقلت له أن اسم المجلة شيء خاص بى وأحب أن احتفظ به لابنى فهو الذي يستطيع أن يحافظ عليه بعدى.
وخرج التابعى ومعه مصطفى أمين وعلى أمين وسعيد عبده وصاروخان وغيرهم وأحدث خروج عدد كبير من المحررين دفعة واحدة هزة للمجلة وأحاط بى الناس ينذروننى بأن المجلة ستموت ولكننى تمسكت بموقفى، وقررت أن أصدر جريدة يومية كبرى!!
وللذكريات بقية!