عاجل
الأربعاء 27 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مختارات من الاصدارات
البنك الاهلي
كلنا عايزين سعادة

كلنا عايزين سعادة

مونولوج فكاهى ردده إسماعيل ياسين قبل نحو 80 عامًا، يلخص معنى السعادة التي يصبو إليها البشر أجمعين، وعبر كل الأزمنة.



(كلنا عايزين سعادة / بس إيه هى السعادة / ولا إيه معنى السعادة / قوللى يا صاحب السعادة) يسخر إسماعيل ياسين فى هذا المونولوج ممن يعتبرون أن السعادة تكمن فى الفلوس، والتي من الممكن اعتبارها معادلاً موضوعيًا للذهب، كلما اشتدت أى أزمة اقتصادية سارع الناس بشراء الذهب، السلعة التي لا يمكن أن يقهرها الزمن.

ما الذي يتبقى لديك من أحلام، عندما ترتدى حذاءً من ذهب، وتفطر جبنة برقائق ذهب، وتتغدى شريحة لحم بصوص الذهب، والعشاء شكولاتة سوداء محشوة ذهب، البدلة أو الفستان أيضا بنسيج من ذهب، والشواية والمدفأة والأبواب والشبابيك من ذهب، وتقضى حاجتك فى (تواليت) كل مشتقاته مصنوعة من الذهب الخالص؟

ما ذكرته ليس له علاقة بحكايات (ألف ليلة وليلة)، أنها واحدة من محاولات الإنسان للبحث عن السعادة، بمختلف الطرق، سحر التعلق بالذهب يبدأ منذ الطفولة، يروى عن أمير الشعراء أحمد شوقى، وكانت جدته لأمه تعمل فى قصر حاكم مصر فى القرن التاسع عشر الخديوى إسماعيل، وتصطحبه معها، بينما هو يطيل النظر لأعلى حيث ثريات الذهب، وعندما التقاه الخديوى، وجده لا ينظر إليه، لأن عيناه مثبتتان، حيث المصابيح الذهبية، عثر الخديوى على الحل (لا يفل الحديد إلا الحديد) ولا يقهر الذهب إلا الذهب، وهكذا ألقى إليه على الأرض دراهم ذهبية، فتوجه إليها الطفل شوقى يجمعها، ومن بعدها، تخلص من عقدة النظر لأعلى بحثا عن الذهب، بعد أن وجده على الأرض، والغريب أن واحدًا من أوائل دواوين شوقى حمل اسم (أسواق الذهب)!

التقى شوقى مع أم كلثوم مرات قليلة، وعندما دعاها إلى حفل فى قصره الذي أطلق عليه (كرمة ابن هانئ) عام 1930 قبل رحيله بعامين، ملحوظة تحول القصر إلى متحف، أراد شوقى ثانى يوم أن يوجه الشكر لأم كلثوم، ذهب إليها فى منزلها وأعطاها ظرفا، مغلقا اعتقدت أم كلثوم أنه يمنحها نقودا أو هدية ذهبية، تحفظت، إلا أنه أخبرها أنها قصيدة كتبها عنها مطلعها (سلوا كئوس الطلا / هل لامست فاها).

كانت أم كلثوم قد اعتذرت عن شرب كأس من الخمر، أعطاه لها شوقى، ومن هنا جاءت القصيدة كومضة، لم تغنها أم كلثوم، إلا عام 1960، بعد رحيل شوقى بـ28 عاما.

فى الماضى كان أولاد البلد يتباهون باستبدال أسنانهم الطبيعية بأسنان ذهبية، ولدينا أغنية شهيرة (يا أبو سنة دهب لوولى)، كما أن السيدات كن ولا زلن فى الأحياء الشعبية يتباهين بعدد أساور الذهب فى المعصم وعلى طول الذراع.

أغرب حكاية ترددت عن الذهب (القشرة) ويطلق عليه (فالصو)، كشفت عنه الأستاذة (أم كلثوم) ابنة أديبنا الكبير نجيب محفوظ، بعد أن حصل على جائزة (نوبل) عام 1988 وطبقا للقانون، تم تتويجه بقلادة النيل (الذهبية) أرفع الأوسمة المصرية، وتشككت زوجة أديبنا الكبير، فى القلادة، فذهبت إلى جواهرجى العائلة، الذي أكد شكوكها، فهى فضة مطلية بالذهب، واحتفظ نجيب فى حياته كعادته بالسر.

هل قيمة الجائزة تتضاءل لو لم تكن من ذهب؟ الإجابة هى أن الإحساس بالقيمة الأدبية ليست له علاقة بالذهب، بل أحيانا أغلى من الذهب!!

 

نقلاً عن مجلة روزاليوسف

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز