مسلمون وأقباط تجمعوا على حب العذراء بدير جبل الطير بسمالوط

على شاطئ البر الشرقي للنيل وعلى هضبة مرتفعة تصل إلى 70 متر فوق سطح نهر النيل تجد الآلاف من المواطنين يصلون الي دير جبل الطير بمركز سمالوط بمحافظة المنيا، ما بين سيارات فارهة وحافلات تنقل بسطاء جاءوا من كل مكان في مصر ومن خارجها للاحتفال بمولد العذراء، رافعين أكف أيديهم للدعاء والرجاء "شيء لله بأم المخلص شيء لله يا عدرا".

وينتظر الجميع مولد العذراء كل عام وخاصة البسطاء، والذين ادخروا من دخلهم من أجل رحلة أسبوع يعتبرون ذهابهم للدير مصيفا ونزهة روحية لهم يتبركون ويلتقون في حب العذراء.

ويشهد اليوم الأربعاء احتفالات الليلة الكبيرة الختامية للمولد والذي ينتهي مساء غد الخميس، وسط فرحة بعد أن قضى المسلمون الأقباط والذين تجمعوا على حب العذراء، اسبوع كامل من الاحتفالات، زاروا خلالها الدير، وأوفوا بالنذور والمكان الذي احتمي به السيد المسيح وأمه العذراء في قلب الجبل.

ورغم مرور العائلة المقدسة في 4 محطات بمحافظة المنيا وهي الجرنوس بمغاغة والبهنسا ببني مزار، وجبل الطير بسمالوط، الأشمونين بملوي، إلا أنه تم اختيار منطقة جبل الطير كإحدى نقاط الحج المسيحي حيث مكثت السيدة العذراء والسيد المسيح داخل المغارة الموجودة بالجبل ثلاثة أيام جعلت الاحتفال بمولد العذراء بجبل الطير هو الأهم.

ويعد مولد العذراء بجبل الطير من أكبر الاحتفالات السنوية بمصر بعد احتفالات دير العذراء المحرق بمحافظة أسيوط، حيث يزور الدير ما يقرب من مليوني مسلم ومسيحي.

ورغم أن الدير  يكتظ بالزيارات والوفود الأجنبية ممن يأتون في رحلتهم للحج أو الزيارة طوال العام على اعتبار المنطقة هي إحدى نقاط الحج المسيحي وإحدى المناطق السياحية الدينية، إلا أن احتفالات المولد لها طابع خاص.

 وأعلن دير السيدة العذراء مريم بجبل الطير بسمالوط، عن بدء الاحتفال السنوي لمولد السيدة العذراء مريم، والذي بدأ من  الخميس 6 يونيو لينتهي غدا 13 يونيو 2024 عيد الصعود المجيد، والذي يتزامن مع احتفال الكنيسة السنوي بدخول العائلة المقدسة إلى مصر.

الكنيسة الأثرية 

يأتي زوار الدير من كل مكان لزيارة الكنيسة الأثرية و هي أقدم كنيسة أثرية تقع على ربوة مرتفعة تصل إلى 70 مترا بشرق النيل في مركز سمالوط بمحافظة المنيا حيث يوجد داخلها المغارة التي اختبأ فيها المسيح طفلاً وأمه السيدة مريم البتول، هربا من الرومان، وتعد شاهدة على رحلة العائلة المقدسة إلى مصر هرباً من بطش الملك هيرودس في أورشليم وبيت لحم في ذلك الوقت وتوجهها إلى مصر، فدخلت العائلة في تجوفات تلك الصخرة الكبيرة التي كان بها مغارة لا يتعدى طولها مترين وعرضها مترًا واحدًا، وظلوا بها لمدة 3 أيام متتالية، قبل أن يكملوا رحلتهم إلى أسيوط جنوبا في صعيد مصر.

وطبقا لما ذكره الاثريون والقائمين على الكنيسة، أنه في عام 328 ميلادية زارت الملكة هيلانة أم الملك قسطنطين الأول منطقة جبل الطير بسمالوط  وعندما علمت من الأهالي أن العائلة المقدسة زارت المنطقة واختبأت في المغارة، أمرت بنحت وتفريغ الصخرة المحيطة بالمغارة، وتحويلها إلى كنيسة السيدة العذراء، وهي عبارة عن صخرة واحدة تم تفريغها إلى 4 حوائط صخرية، و10 أعمدة في الصحن، وتم تجديد الكنيسة وبناء الطابقين الثاني والثالث فيها عام 1938، وتحتفظ المغارة بطابعها الخاص داخل الكنيسة، وكذلك حجاب الهيكل الخشبي من القرن 16 و3 أيقونات أثرية تم رسمها عام 1554 ميلاديًا وتعد تلك المقتنيات أبرز مقتنيات الكنيسة الأثرية.

مظاهر الاحتفال  

وتتعد مظاهر الاحتفال بالمولد والذي يستمر لمدة أسبوع، ويبدأ التجهيز له مبكرا بقيام البعض بحجز سكن مجاور للدير والإقامة خلال الأسبوع أو الزيارة اليومية، حيث يعتبر المولد مصدر دخل كبير لأهالي القرية، ويتنوع اليوم ما بين حضور العظات وإقامة الصلوات والاحتفالات المسائية بالمرنمين في ساحة الكنيسة الأثرية، حيث يستمتع الحضور بالمنظر الخلاب أعلى قمة الجبل وكأنهم يرون المحافظة بأكملها من أعلى ربوة مرتفعة.

وينتظر زوار الدير موسم الاحتفالات بالمولد، حيث يقومون بتعميد أطفالهم ونقش الصلبان أو الوشم خلال فترة الاحتفالات والخروج للتنزه في المناطق المخصصة لذلك، وشراء احتياجاتهم من اللعب والهدايا والتذكار لجميع جيرانهم من المسلمين والفول والحمص والحلوي هدية العذراء، ويقوم الزوار بالوفاء بالنذور من الذبائح أو الأموال.

وشهدت قرية دير جبل الطير أعمال تطوير كبيرة، جرى افتتاحها في شهر يوليو عام 2022 بحضور وزراء التنمية المحلية والسياحة، ومحافظ المنيا، بتكلفة جاوزت 30 مليون جنيه، وتضمنت تمهيدا للطرق بطول كيلومتر وترميم صحن الكنيسة الأثرية، وأعمال تطوير ساحة ومدخل الدير المتمثلة في رصف وتطوير مداخل الكنيسة ودهان واجهات المقابر على يمين ويسار مدخل الكنيسة لتظهر بشكل حضاري، وكذا أعمال التشجير والبوابات على مداخل الطريق المؤدى للدير وتجديد الاستراحة السياحية.