عاجل
الأحد 6 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
We
البنك الاهلي

المصريون بين الأصل العربي والعرق الفرعوني

أرشيفية
أرشيفية

يبدو ثمة تباين واضح بين الفرضيات حول الأصل الإثني للمصريين المعاصرين، وجذورهم العرقية الأولى منذ بدء التاريخ وحتى يومنا. إذ إن البعض يعتقد أن المصريين الحاليين ذوو أصول عربية، وثمة آخرون يرون أنهم ينتسبون  لجذور فرعونية قديمة، بينما يذهب آخرون إلى اتجاهات أخرى حتى اختلط الأمر  بشكل أكثر تعقيدا ما بين مؤيد لرأى هذا أو ذاك. وحتى نُفند تلك الإشكالية تفنيدًا دقيقًا بحكم تخصص كاتب المقال في علم النسب لنصل لغايتنا، وأن نُميط اللثام عنها. فإننا سنعود للبداية الأولى، فأكثر المؤرخين يعتقدون أن البشر  ينتسبون في الغالب لأبناء نوح عليه السلام الذين عاشوا بعد حقبة الطوفان، وبنو نوح هم: سام جد الساميين، وحام جد الحاميين، ويافث جد الآريين (الشعوب الآرية)، وهو ما تؤكده التوراة: "هذه مواليد بنى نوح. سام وحام ويافث.." (تكوين-10). إذ سكن سام بن نوح جزيرة العرب، وتُنسب له الشعوب السامية التي عاشت فيها، ومنهم: العرب، واليهود، والآراميون، والبابليون، والآشوريون، والعموريون..إلخ. أما حام بن نوح يقال انه سكن أفريقيا، وأنجب: مصرايم وهو جد المصريين القدماء، وكذلك كوش Kush وهو جد أكثر الشعوب الأفريقية الأولى، وكذلك يعتقد أنه ينتسب إليه القبائل الزنجية والبانتو وغيرهم، ولهذا فاسم كوش ينتشر كثيرًا فى ربوع أفريقيا، وكان اسم كوش يُطلق على بلاد النوبة Land of Nubia  قديمًا، وكذا السودان، وإثيوبيا وهي الحبشة القديمة، أو على الأراضى جنوب مصر. تقول التوراة: "وبنو حام كوش ومصرايم وفوط وكنعان" (تكوين- 10). أما الابن الثالث يقال له يافث، وهو جد الآريين او الشعوب الهندو أوروبية الذين سكنوا شمال الأرض عند مناطق بحر قزوين. وقد اتجهت بعض القبائل الآرية إلى آسيا، ومنهم: الفرس والحيثيون، والعيلاميون، وغيرهم. بينما ذهبت القبائل الاخرى لأوروبا، وتفرعت منهم فروع عديدة مثل: اليونانيين القدامى، والشعوب اللاتينية (كالفرنسيين، والإيطاليين، والأسبان) وشعوب الأنجلوسكسون والجرمان (الإنجليز والألمان)، وكذا الشعوب الإسكندنافية، والسيلتيك، والفايكنج، والشعوب السلافية (كالروس، والصرب،والبولنديين، وغيرهم). ولآن أبناء يافث وهم الآريون سكنوا آسيا وأوروبا، لذا عُرفوا باسم (الهندو- أوروبيين). وعلى هذا، فالمصريون القدماء أو الفراعنة حسب تسمية البعض هم حاميو الأصل، فهم أبناء مصرايم بن حام بن نوح عليه السلام. وبمرور الزمن بدأوا يختلطون ببعض القبائل السامية، لكنهم ظلوا يحتفظون بأصلهم الحامى إلى حد كبير. ثم جاء اليونانيون (وهم آريو الأصل) وسكنوا أرض مصر بعد سقوط آخر الأسرة الفرعونية. من ثم حدث بعض الإمتزاج، لكنه لم يكن مؤثرًا فى إحداث تغيير عرقي كبير، ثم جاء الرومان واحتلوا مصر. وبعد قرابة أربعة قرون من الوجود الرومانى، تحولت مصر إلى المسيحية فى النصف الأول من القرن الرابع الميلادى أيام الإمبراطور قسطنطين (280- 337م)، وهذا يعنى في الغالب أن أكثر المصريين من بقايا العصر الفرعونى تحولوا للمسيحية. ثم جاء العرب مصر حوالى سنة 21هـ/641م، ثم أخذ المصريون يتحولون للإسلام بمرور الزمن، كما بقى الآخرون على دينهم الأصلى وهي المسيحية. كما قدم إلى مصر بعد الفتح كثيرٌ من قبائل العرب التي سكنت مصر، مثل ربيعة، وجهينة، وبلي، وقريش، بني هلال..الخ، ومن ثم استقر بعضهم فى مدن وقرى الدلتا، بينما سكن آخرون صعيد مصر، في حين آثر البعض منهم الاستقرار في الواحات والصحارى، ومنهم جماعات البدو فى سيناء، أو فى واحات الصحراء. ولاريب أنه حدث بعض الامتزاج بين المسيحيين المصريين وبعض العرب بالمصاهرة، لكن ذلك لم يُحدث تغييرًا جذريًا فى أصل كل منهم حتى يومنا هذا. وعلى هذا فالمصريون المسيحيون حتى يومنا هذا هم في الغالب حاميون من ذوي الأصول القديمة، على ألا يكونوا من أصول يونانية، أو رومانية، أو أرمن..الخ. لأنهم ظلوا على دينهم الأصلى، ولم يندمجوا مع العرب. أما الإشكال العرقى حاليا فهو يرتبط بالمسلمين ذاتهم، فهم بين احتمالين، إما أن يكون المصري المُسلم ينتسب لإحدى القبائل العربية التي سكنت مصر بعد الفتح، وهذا هو الغالب، وعلى هذا يكون من أصل سامى، فالعرب هم من نسل سام بن نوح مثلهم مثل اليهود وغيرهم من الشعوب السامية. ولا ريب أن أسماء القبائل العربية لا تزال ذائعة بين المصريين، مثل: بنى عدّى، وجُهينة، وبنى هلال، وأولاد على، بني حسن..إلخ، وهو ما يبدو أيضاً في كثير من أسماء وألقاب المصريين من ذوي الأصول العربية حتى يومنا هذا، مثل: الحجازي، الكناني، القُرشي، الهلالي، العدوي، الجُهني، البلوي...الخ. وعلى هذا، فكل من ينتمى لتلك القبائل العربية الأصيلة، فهو عربى الأصل دونما شك. أما المسلمون الآخرون، خاصة ممن لا يُعلم نسبهم على وجه التحقيق، فإما أن يكونوا من أصل مصري قديم، أو أنهم ليسوا من العرب بشكل واضح، اي أنهم في الغالب من أصول غير عربية كالشركس أو الأتراك..الخ. أو أنهم من أبناء الاقباط الذين تحولوا إلى الإسلام بعد الفتح العربى، أو أنهم قد يكونوا من مزيج قبطي - عربى، أى يكون الأب (أو الأم) من أصل قبطي، ثم صاهر من القبائل العربية، وتحول للإسلام، أو العكس. وعلى ذلك يشكل هذا المصري مزيجًا من الأصول الحامية-السامية، لأنه يجمع بين العرق المصري الحامى من جانب، والعرق العربى السامى في ذات الوقت. لاريب أن اشكالية العرق والأصل من الأمور المعقدة في كل دول العالم حتى يومنا هذا وليس في مصر فقط وتحتاج مزيداً من الدراسات العلمية المتعمقة...



تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز