جمال عبدالصمد
ملحمة "حماة الوطن".. تخطت نصف القرن
الجندي المصري شاب محب ومخلص لوطنه، يمتلك قلبا نبيلا ينبض بالوطنية والشجاعة، في وقت الحرب يحمل روحه على كفه فداء لوطنه، إنسان يحمل أحلامًا وآمالًا كبيرة من أجل حماية تراب الوطن ورفع رايته عاليًا.
يتحلى هؤلاء الجنود "حماة الوطن" بسمات وخصائص تميزهم عن غيرهم اكتسبوها داخل مصنع الرجال "القوات المسلحة المصرية"، حيث إن شجاعتهم وبسالتهم تبث الفزع والهلع في قلب العدو، وتجعله يفقد توازنه ورشده وقدرته على التفكير أثناء أي معركة يخوضونها.
خمسون عامًا مرت على حرب أكتوبر المجيدة، ولا تزال أحداثها تتردد في أذهاننا، وتتصدر قصص أبطالها صفحات وسائل الإعلام المختلفة، حيث إن جعبة أبطالها مليئة بالاسرار والقصص التي سجلها التاريخ، وبرغم مضي نصف قرن على حرب الكرامة، فإن هناك وقائع وقصصا تحكى لأول مرة، وهذا يؤكد على أن هذه المعارك والحروب تركت إرثاً وطنياً وكنزاً ثميناً للتاريخ العسكري المصري الذي يسرد لنا تفاصيل أروع الحكايات للملاحم البطولية التي تستحق التقدير والإشادة بها.. بداية من التخطيط والاستعداد للحرب بمراحلها المختلفة، وكيفية إدارتها بالشكل الذي أربك صفوف العدو وأبهر العالم، حيث تمكن جنودنا من تحطيم الساتر الترابي، وتصفية ثغرة الدفرسوار وغيرها من المواقع المختلفة، وصولا إلى صدور قرار وقف إطلاق النار .
وهذه الحكايات البطولية وقصص التضحيات تترك أثرًا بالغًا على المجتمع المصري، حيث تساهم في بث الروح الوطنية لدى أبنائنا، وتعزيز روح الانتماء للوطن، كما تمنحنا شعورًا بالفخر والاعتزاز بتاريخ مصر البطولي، بالإضافة إلى إنها مصدر إلهام للأجيال القادمة وتعزز الثقة بالنفس، فضلا عن تشجيعها لأبناء مصر على بذل الجهد والعطاء من أجل الوطن .
لا شك أن إعادة نشر هذه الملاحم البطولية تكشف لنا عن قدرات الجيش المصري فى تحقيق ما اعتقده البعض مستحيلا، وكيفية إنهاء غرور العدو الصهيوني، بالإضافة إلى التذكير بقوة مصر فهي دولة لديها جيش رشيد عظيم قوي يتألف من مقاتلين أكفاء، وقادة عظام قادرين على مواجهة كل الأحداث والمواقف مهما كانت، ويتعاملون معها بقوة وثبات وثقل يتناسب مع كونها دولة ذات تأثير إقليمي ودولي .
تُعد تضحية وبسالة الجندي المصري جزءا لا يتجزأ من الهوية المصرية، كونها تراثا عريقا ومصدر فخر واعتزاز لكل مصري، حيث قدم حماة الوطن تضحيات جسام دفاعًا عن الوطن، وهذا ما ظهر جلياً في حرب السادس من أكتوبر عام ١٩٧٣ م، التي شكلت لحظة فارقة في تاريخ الحروب والمعارك، بعد أن كشفت عن إرادة الشعب المصري في استعادة حقوقه المشروعة، ووقوفه شامخاً مدافعاً عن أرضه وعرضه.
في النهاية.. رغم التحديات التي واجهها الجندي المصري بحرب أكتوبر، فإنه استطاع أن يتغلب على كل اللحظات والظروف القاسية التي تعرض لها بالعزيمة، وقوة الإيمان والثقة بالنفس، حتى تمكن من تحقيق النصر واسترداد أرض سيناء الحبيبة، وذلك لتظل بطولاتهم خالدة، ومثالا مشرفا يؤكد على أن جند مصر هم خير أجناد الأرض، وسيظل الجندى المصري أسطورة لا تموت أبدا، وفخر للعالم العربي.
ختامًا.. ستظل حرب أكتوبر مصدر إلهام للأجيال القادمة، لأنها أثبتت أن الإرادة والعزيمة يمكنها التغلب والتفوق على أي عدو مهما كانت قوته العسكرية، وهذا ما جعل حرب العاشر من رمضان نقطة تحول حاسمة في تاريخ مصر خاصة وتاريخ الوطن العربي عامة، وستظل حكايات أبطالنا البواسل تحكى في الاحتفالات السنوية لحرب العزة والكرامة، وهذه البطولات لا حصر لها وفي كل عام يظهر لنا الكثير من أسرارها الجديدة، التي تحكي عن بسالة وشجاعة أولاد مصر الأبطال رمز الفداء والتضحية.
حفظ الله مصر وشعبها وجيشها العظيم.