د. عادل القليعي
إيجابيات وسلبيات
رمضان كريم.. يا مصريين
قبل الشروع في كتابة هذا المقال أنوه على أمر مهم هو ليس المقصود بالسلبيات سلبيات الشهر الفضيل ذاته، وإنما سلوك البعض في ممارساتهم وأفعالهم في هذا الشهر، وعدم احترام حرمته وقدسيته على النحو الذي سنعرضه.
قد يكون العنوان غريبا بعض الشيء يثير فضول القارئ الكريم، فالجميع يتحدث عن رمضان وجو رمضان وروحانيات مع رمضان وموائد رحمن رمضان، وتراويح رمضان ومآذن المساجد المرصعة بالأضواء الجميلة وكأنها شعب مرجانية انتقلت من قيعان البحار إلى أعنان السماء.
نعم كل ذلك طيب وجميل وجميعنا يحبه ويسعد لرؤيته وصدورنا تنشرح به ونتمنى ألا ينتهى الشهر الفضيل.
لكن هيا بنا أيها القارئ الكريم نتعقل ما رمضان، لن أتحدث عن المعنى اللغوي والاصطلاحي لهذه الكلمة فأهل اللغة وعلماء الدين، حللوا هذا المصطلح لغويا ودينيا، وعلماء الاجتماع والأطباء والشعراء والكتاب والمفكرون والأدباء كل تناول هذا المصطلح من زاويته الخاصة.
لكننا سنطوف بك أيها القارئ العزيز، حول إيجابيات الشهر الكريم وسلبيات بعض المصريين في هذا الشهر.
أولى هذه الإيجابيات امتداح النبي ﷺ لهذا الشهر قائلا، رجب شهر الله، وشعبان شهري ورمضان شهر أمتي. والأمة المصرية روح الأمم جميعها، بل لها نصيب الأسد لأسباب كثير أهمها ورود اسمها في القرآن الكريم، وفي وصايا النبي ﷺ ومسرى الأنبياء عليهم السلام، ليس هذا وحسب بل ومأوى الأولياء وآل البيت ودعاء كريمة الوالدين السيدة زينب لها ولشعبها بالخير.
وثاني هذه الإيجابيات امتلاء المساجد بالساجدين والراكعين وقارئي القرآن الكريم، وهذا مظهر ديني حضاري ينم عن تقديس المصريين لهذا الشهر واغتنامهم فرصة أن منحهم الله هذا الشهر لينالوا رحماته ويفوزون برضوانه.
أما ثالث هذه الإيجابيات فكثرة الصدقات التي تعطى عن طيب خاطر ولو تصدق بتمرة أو حتى شق تمرة وهكذا نلحظه قبيل الأذان، فضلاً عن شنط رمضان التي توزع على الفقراء بكل حب، فصدق المعصوم الخير فيّ وفي أمتي إلى يوم القيامة. نعم صدقات توزع بما يحقق على المستوى الاجتماعي ما يسمى بالتكافل، ويا ليت هذا الأمر يستمر بعد رمضان فرب رمضان رب كل الشهور.
ورابع هذه الإيجابيات لم شمل الأسرة المصرية، في بيت العيلة، سواء في بيوتنا أو على موائد الرحمن، لا فرق فيها بين غني وفقير الكل يجلس على مائدة واحدة، كلكم لآدم وآدم من تراب، مساواة وبر وتعاون.
وخامس هذه الإيجابيات إبراز روح الوحدة والإخاء فلا فرق بين مسلم ولا مسيحي نجلس جميعا معا ونأكل في طبق واحد، ونتقاسم كسرة الخبز معا، نتشارك فى الأفراح والأتراح، شركاء في المواطنة، إخوة في الإنسانية، فالدين لله والوطن للجميع، رأينا ذلك في مصر.
أما السلبيات، فأذكر منها ما يلي: ما نشاهده في الأسواق وكأنه يوم الحشر، إعلان التعبئة العامة في المأكل والمشرب وادخار ما لذ وطاب، لماذا؟!، هل رمضان للمأكل والمشرب، هل نستدين حتى نملأ ثلاجاتنا؟! هذه واحدة. أما الثانية، فظاهرة غريبة، الشماريخ والصواريخ والألعاب النارية التي تؤذي الجميع، الرضع، الأطفال، المارة في الطرقات، الطلاب الذين يستذكرون دروسهم، أليس هناك رجل رشيد يوضح حرمة هذه الأمور التي تضيع حرمة هذا الشهر الفضيل وتطفأ بريقه ورونقه.
أما ثالث هذه السلبيات فمبارزة الله بالمعاصي وجعله أهون الناظرين إلى البعض، أقصد المجاهرة بالإفطار في نهار رمضان عيانا بيانا وخصوصا من بعض الشباب وأناشد المسؤولين بتوقيع غرامات فورية على من يضبط متلبسا بهذا الجرم دون عذر.
ورابع هذه السلبيات ترك البعض للعبادة والطاعة والعكوف ليل نهار على مواقع التواصل الاجتماعي بغية التسلية، (نسلي صيامنا)، هل تسلية الصيام بذلك، تسلية الصيام بالعمل النافع المفيد؟! نأتي إلى خامس هذه السلبيات، من يربط صيامه بصلاته فنجد من يصلي الفجر إلى المغرب ويترك صلاة العشاء، لأنه أفطر، وهذا خطأ فادح فالصوم فرض والصلاة فرض ولا يستقيم أمر المسلم المؤمن دونهما، كباقي أركان الإسلام. أيضا خلو المساجد بعد العشرة الأوائل من المصلين، وهذا جد أمر مهم، وخلو المساجد من المصلين بعد رمضان، وتعود ريما لعادتها القديمة، وينتهي عقد الموسميين بانقضاء الشهر الفضيل. اعقلوا الأمر جيدا، أعطانا الله الفرصة حتى نتوب ونعود إلى الله تعالى. أما سادس هذه السلبيات فيوم العيد وما نشاهده في ساحات الصلاة، جميل أن نرى صورة مشرقة مبهرة للمصلين المحتفلين بالعيد، لكن ما هو ليس بجميل وقوف الرجال والنساء صفوفا بجوار بعضهم البعض وهذا منهي عنه جملة وتفصيلا، فالسيدات لها أماكنها التي تصلي فيها، أم أن هذا دين جديد يتوافق مع المدنية الحديثة والمعاصرة، ولا أحد يلتمس أعذارا ويقول الناس فرحة بالعيد، نعم نفرح بالعيد لكن هذا يشرعن لأمر جد خطير اختلاط الرجال مع النساء في الصلاة وهذا غير جائز ونهى عنه النبي وحذر منه الفقهاء الأربعة وعلماء الدين. أما سابع هذه السلبيات، فنجد البعض يأخذ إجازات من عمله بحجة أنه صائم، هل الصوم يعني ترك العمل والنوم في البيوت. شهر رمضان منحة ربانية وهبها الله لأمة محمد إكراما للحبيب صلى الله عليه وسلم، فهل اغتنمناه في طاعة الله، هل اغتنمنا الفرص، ألا إن لربكم في دهركم هذا لنفحات ألا فتعرضوا لها. هل اغتنمنا فرصة أن الصيام جنة ووقاء فلا سباب ولا شتم ولا عراك، هل اغتنما فرصة أن الصيام لله وهو الذي سيجزي به؟!
أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان