الأخيار يتحدون ارتفاع الأسعار

تشهد مصر كغيرها من دول العالم موجة كبيرة من ارتفاع الأسعار، خاصة بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية العالمية خلال السنوات الأخيرة، الأمر الذي دفع الدولة إلى اتخاذ كل التدابير اللازمة من أجل السيطرة على الأزمات الاقتصادية المتعاقبة، وضبط واستقرار الأسعار بالأسواق في جميع ربوع محافظات مصر.

 وكالعادة يهل علينا شهر رمضان الفضيل، شهر الرحمة والغفران والخير، أفضل وأكرم شهور العام والذي ينتظره الجميع بلهفة من عام لآخر، ورغم الاستعدادات والتجهيزات لاستقبال الشهر الفضيل، فإن ارتفاع الأسعار ما زال يشكل صداعا مزمنا في رأس المواطن المصري، خاصة بعد الارتفاع الملحوظ في أسعار السلع الاستهلاكية والغذائية بالأسواق التجارية، الأمر الذي أثار حفيظة المواطنين وأصابهم بحالة من الارتباك والقلق والخوف من عدم قدرة العديد من الأسر بتلبية احتياجاتهم الأساسية، مما دفع مؤسسات الدولة برفع درجة الاستعدادات لاستقبال شهر الخير، من خلال إقامة معارض "أهلا رمضان" التي تغطي كل أنحاء محافظات مصر بالسلع الغذائية ذات الجودة العالية وبأسعار مخفضة تناسب الجميع، بالإضافة إلى قوافل أبواب الخير التي ينظمها صندوق تحيا مصر، بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني وذلك لتخفيف العبء عن كاهل المواطنين، فضلا عن دور ومجهود المجتمع المدني وأهل الخير "الأخيار" الذين تحدوا ارتفاع الأسعار وقاموا بتجهيز شنط وكراتين الخير، التي تعد من أهم وسائل تحقيق التكافل الاجتماعي بين الناس وبعضها، وهذا ما يؤكد للجميع  "أن الخير لا يعرف المستحيل".

جدير بالذكر، أن الاقتصاد العالمي واجه العديد من التحديات والصعوبات، التي ألقت بظلالها وآثارها السلبية على حركة البيع والشراء بالأسواق ومنها: جائحة كورونا التي ضربت العالم بأكمله، والحرب الروسية الأوكرانية وانعكاس ذلك على سلة الغذاء العالمية، بالإضافة إلى عوامل عديدة ومتنوعة أدت إلى ارتفاع الأسعار ومنها: زيادة الطلب على السلع بسبب زيادة عدد السكان، بالإضافة إلى نقص الإنتاج المحلي الذي أسهم في اعتماد مصر بشكل كبير على الاستيراد لتوفير احتياجاتها من السلع الأساسية، مما جعلها شديدة التأثر بتغيرات الأسعار العالمية، فضلا عن ضعف القوة الشرائية للجنيه وانخفاض قيمته مقابل الدولار، مما أسفر عن ارتفاع أسعار السلع المستوردة والمنتجات التي تعتمد على مواد خام مستوردة.

في النهاية رغم ما قامت به العديد من الدول بهدف تخفيف وطأة التأثيرات الاقتصادية على المواطنين، فإن الأزمة الاقتصادية لا تزال قوية، ويجني ثمارها المواطن، لذا فمن الضروري تشديد الرقابة على التجار الذين يستغلون زيادة الاستهلاك ويرفعون الأسعار، بالإضافة إلى احتكارهم لبعض السلع الاستراتيجية، حيث تجد صورا عديدة لاستغلال وتلاعب بعض التجار عند تحديد الأسعار، وذلك على حسب أهوائهم الشخصية من أجل تحقيق أعلى معدلات الربح السريع على حساب المواطن.

أخيرا وليس آخرا، أتمنى أن نستطيع جميعا عبور هذه الأزمة بسلام وأمان، وأن نسعى دائما إلى تحقيق الاستقرار من خلال تطبيق الرقابة الداخلية على ضمائرنا وفي معاملاتنا اليومية وخاصة عمليتي البيع والشراء، الأمر الذي سيساهم بشكل كبير في ضبط أسعار السلع بالأسواق، وضمان توافر ووصول هذه السلع إلى مستحقيها دون مغالاة في أسعارها.

ورغم الظروف الصعبة التي نمر بها الآن فإنه يجب علينا السعي إلى إدخال البهجة والسرور على قلوب أهالينا البسطاء، ومد يد العون لهم، ونشر روح التكافل والتضامن داخل المجتمع.

ختاما.. "كرتونة الخير"، هي وسيلة مهمة ومبادرة إنسانية رائعة تُساهم في التخفيف من الأعباء المالية على الأسر الفقيرة والمحتاجة، ونأمل أن تستمر هذه المبادرة وأن تتوسع لتشمل جميع الأسر التي تحتاج إلى المساعدة، بكونها تساهم في توفير الأمن الغذائي لهذه الأسر، كما أتمنى ألا ترتبط بشهر رمضان فقط بل تستمر طوال العام وبشكل دائم.

نحن نساعد هؤلاء البسطاء لأننا في أشد الحاجة إلى مساعدتهم فهم الذين يأخذون بإيدينا إلى طريق الجنة، كما أنه واجب علينا، لأن الله يعطينا لنعطيهم فمن "جَبر يُجبر".