عاجل
الثلاثاء 14 يناير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
ليلى عبدالمجيد: الحضور الطاغي في الجامعة والصحافة!

85 عاما صحافة 12

ليلى عبدالمجيد: الحضور الطاغي في الجامعة والصحافة!

التهمتها عيناه، ابتسم لها، بادلته الابتسامة بواحدة خجلى، ابتهج في أغوار قلبه. حاولت هي، أن تداري إعجابها به عن صديقاتها في طلية الإعلام، فغدرتها نظراتها.



كل شيء كان يعجبها به، اعتداده بنفسه، مثابرته على النجاح وتحقيق الذات، و...حبه لها. وهو، كان مفتوناً بها، بتألقها، وذكائها، وبساطتها.. فمحا فؤاده كلٌ ما عداها. وقصة محمود وليلى، لم يُحْكَ في كلية الإعلام في جامعة القاهرة، مثيلاً لها. فهي قصة حب، وتجربة حياة، وعشق للصحافة و... نجاح.  كانت ليلى دائماً إلى جانبه، في المدرج،  خلال المذاكرة والتحضير للامتحانات، وفي قاعة التحرير لجريدة "صوت الجامعة" خلال تدريبهما على العمل الصحفي كتابة، وتنفيذاً. وكانت ليلى، إلى جانبه أيضاً، يوم تعرض لمحنة احتراق بيته، ومكتبته الحبلى بالمراجع، التي كان يتوكأ عليها لتحضير أطروحة الدكتوراه. وقتها، طوى محمود  قلبه على جرحه، ووجد ليلى تؤازره في محنته، تخفف عنه، وتعطيه الأمل، وتحثه على عدم اليأس والإحباط. وتأجل يوم عرسهما، ارتضيا بالمقسوم، وانتظرا حتى سنة 1985 لتبدأ حياتهما الزوجية.

 

شهر العسل كان في السودان حيث كان محمود يعمل. ومثل كل زوجين عانى محمود وليلى، من مشكلة التوفيق بين العمل المضني، والأسرة المتطلبة. فكانا يتساعدان على تجاوز هذه المشكلة الكأداء، وترتيب حياتهما، فلا يتخلفان عن إنجاز العمل حتى التفوق به والنجاح، ولا تتأثر حياتهما الأُسَريَّةِ بأي ضيمٍ. محمود علم الدين وليلى عبدالمجيد، قصة حب، وقصة نجاح لم تعرف جامعة القاهرة مثيلاً لها. و... نبدأ بحكاية  ليلى عبدالمجيد، ثالث عميدة لكلية الإعلام في جامعة القاهرة.

 

تعاونت على تكوين شخصية ليلى عبدالمجيد، بيئة صالحة، وبيت علم وثقافة وهداية. والدها محمد عبدالمجيد إبراهيم، الكاتب الإذاعي الألمعي، والشاعر، وخبير التعليم، حبب إليها المطالعة، فراحت تغرف من معين مكتبته، التي تتربع على ارففها أمهات الكتب، ما أثرى مداركها، وما كان يزيد على ثقافتها،  "صالون والدها الأدبي والثقافي"، الذي كان يضم كتاباً، وشعراء، وصحافيين، ومطربين. تخبر ليلى، أن المطرب سمير الإسكندراني، الذي كان يتردد على "صالون والدها الأدبي"، شاركها وأترابها في الأجواء الوطنية الحماسية بعد حرب 1967، عندما كانوا ينزلون إلى الشوارع، يوزعون منشورات تستنهض هِمَمَ الناس للعمل، ومساندة الجيش بعد نكسته. وتأثر ليلى عبدالمجيد بوالدها، جعلها تنصرف إلى الكتابة، وتميل إلى الصحافة. ولما أدرك ميلها، وولعها بمهنة المتاعب، علَّمَها ألا تحكم بظاهر الحادثة أو المسألة، إنما الغوص إلى الجوهر ،جوهر الحقيقة نفسها، التي تغلف الحادثة أو المسألة. كما تعلمت منه أصول اللسان العربي، فملكت عنان النثر، وولعها بالصحافة جعلها تنشىء "جريدة منزلية" مع إخوتها، ترأست تحريرها، متأثرة في ذلك، بمدرسي اللغة العربية في "مدرسة بيبرس" الرسمية، في منطقة القصر  العيني"، الذين كانوا يلزمون الطلاب بتخصيص "كراسة" خاصة بالصحافة، وكانوا يطلبون من كل طالب أن يجمع في كراسته قصاصات الأخبار من الجرائد والمجلات، في محاولة لتعويدهم على وعي، وفهم، ما يدور في مصر والعالم.

 

حازت ليلى عبدالمجيد على "الثانوية العامة" بمجموع ٨٥٪ من قسم الأدبى، فقررت الالتحاق بكلية الآداب، قسم  الصحافة، كان "معهد الإعلام" الوحيد، وقتذاك، الذي يدرس الصحافة، (تحول المعهد في ما بعد إلى "كلية الاعلام")، ويفرض على المنتسب إليه امتحان دخول بعيداً عن التنسيق. فساعدها والدها على اجتياز الامتحان التحريري، الدفعة ضمت نحو 78 طالبا، برز بعضهم وتقلدوا مناصب مرموقة، منهم عبدالله السناوي، عماد الدين أديب، وحمدين صباحي، المرشح الرئاسي الأسبق، ونجوى كامل، وكيلة كلية الإعلام الأسبق وغيرهم...  خلال سنوات الدراسة في "معهد الإعلام"، التقت ليلى عددا من الشخصيات التي أثرت فى وجدانها، وكتنوا من قامات البلد في الصحافة، والفكر، منهم محمد فتحي، المعروف حينها بـ«كروان الإذاعة»، وجمال الدين العطيفى، الذي شغل بعدها منصب وزير الإعلام. إلاّ أن الدكتور جلال الدين الحمامصى، رئيس تحرير "أخبار اليوم" ،بين كل هؤلاء، الذي أثر فيها، وتأثر به، فشجعها، أخذ بيدها، وساعدها في وضع أطروحة الدكتوراه وكان موضوعها " السياسة الإعلامية فى مصر من يوليو 52 وحتى مايو 1971 وأثرها على الفن الصحفي فى الفترة نفسها".

 

تتذكر ليلى عبدالمجيد مقولة أساتذها الحمامصي: "نحن أصحاب رسالة"، وكان تعليقه على الأطروحة التي ناقشها فى صيف 1982: «شكرًا يا ليلى.. لقد أثلجت صدرى فى هذا الجو الحار». (ستكون لنا عودة الى جلال الدين الحمامصي فيما بعد).

 

كانت ليلي عبدالمجيد الأولى في دفعتها فتم تعيينها معيدة في الكلية، وتدرجت في المناصب الأكاديمية حتى صارت عميدة إعلام القاهرة، وهي ثالث سيدة تشغل هذا المنصب المرموق، بعد جيهان رشتي، وماجي الحلواني، كما أنها صاحبة تاريخ علمي ثري قدمت خلاله مؤلفات ،  وبحوثًا علمية رصينة، جعلتها واحدة من رواد الصحافة والإعلام في مصر والعالم العربي.

 

لم يمنعها التدريس الجامعي، والأبحاث الأكاديمية عن الصحافة، ساعدها جلال الدين الحمامصى على العمل في قسم التحقيقات فى "أخبار اليوم"، وبعدها عملت فى "مجلة أكتوبر"، وكانت "مؤسسة روزاليوسف"، من أكثر الدور الصحفية التي أحبت العمل بها، فعملت فيها ٣ سنواتقبل أن تنتقل للعمل مع مع سناء البيسى فى مجلة "نص الدنيا"، حتى وصلت الرحلة إلى كتابة المقالات فى جريدتى "الأهرام "و"المساء"، التي كنت مسوؤله فيها عن إجابة الرسائل العاطفية، فى باب"قلبى يسأل".  اسهمت فى تقديم دراسة  لتطوير إصدارات "دار التحرير للطبع والنشر"، فبادرت على رأس فريق علمي بتقديم حلول علمية مدروسة أسهمت في زيادة توزيع وانتشار تلك الإصدارات، وفق رؤية علمية ونظرة واقعية امتزجت فيها الخبرة الحياتية بالمعرفة الأكاديمية، كما نجحت بالفعل في تطوير الدراسات العليا بالكلية، والعمل على ربطها بالمجتمع بشكل أكبر.  وأخذت ليلى عبدالمجيد تتنقل بين الوظائف والمسؤوليات من وكيل الكلية لشؤون التعليم والطلاب، ثم وكيلاً لشؤون خدمة البيئة وتنمية المجتمع لرئاسة قسم الصحافة ثم، نيابة رئيس مجلس إداراة كل من مركز بحوث المرأة والإعلام ومركز التدريب والتوثيق، ومنها لعمادة كلية الإعلام في "جامعة 6 أكتوب"، ورئاسة مجلس إداراة ورئيس تحرير "مجلة أوراق اكتوبر " القاهرية، كما أسهمت بإصدار اكثر من  22 كتابا عن الصحافة والإعلام فى مصر،  وسياسات الاتصال في العالم الثالث. ناهيك عن الجوائز وشهادات التقدير منها الجائزة الأولى "مركز معلومات البحرين" و"مركز معلومات المرأة والطفل" في البحرين، وجائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية "المجلس الأعلى المصري للثقافة"، وجائزة سليمان عرار للفكر والثقافة من الأردن، والتميز "مؤسسة عكاظ "السعودية، وشهادة تقدير "جامعة الملك فهد".

 

ليلى عبد المجيد، سيرة ومسيرة تتعلم منها الاجيال الجديدة فى مدرجات الجامعة، وفي بلاط صاحبة الجلالة، وهي أنموذج المرأة الناجحة المبدعة، وقامة مشهود لها بالكفاءة والتميز، وهي تستحق ما هو أكثر من جائزة التميز في العلوم الاجتماعية، وتدفعهم إلى مزيد من الإبداع والعطاء.

 

..ويبقي الحكي عن الزوج الشريك فى قصة الحب الشهيرة لثنائي إعلام القاهرة، الرفيق الذي اختارته رفيق عمرها ودربها إلى النجاح.

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز