عاجل
الإثنين 4 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الانتخابات الرئاسية 2024
البنك الاهلي
الفائز في الانتخابات الرئاسية.. قراءة تحليلية

الفائز في الانتخابات الرئاسية.. قراءة تحليلية

بلا سابق إنذار، استدعى الشعب المصري جينات حضارته، الضاربة بجذورها في عُمق التاريخ مسافة تفوق السبعة آلاف عام، ملبيًا نداء الوطن، موجهًا رسالته البليغة لكل من يهمه الأمر.



 

رسالة شعب مصر بعلم الوصول: لا نزال قادرين على إبهار العالم، ضحى شهداؤنا بالأرواح والدماء من أجل بقاء الوطن وأمنه، فلن نبخل بأصواتنا على وطن يجابه التحديات، واستقراره ضرورة لمواصلة البناء، إرادتنا الوطنية أقوى من مخططات الأعداء  وتحدياتنا الاقتصادية. 

 

وكعادة شعب مصر، هزم كل من راهن على إحداث شروخ في جدار الثقة بين المصري والدولة، خسروا معركة جديدة هي الأخطر في حرب لم تضع بعد أوزارها، ولم يتوقف قرع طبولها.

 

لم تكن مشاركة الملايين في اليومين الأول والثاني للانتخابات الرئاسية بالداخل، ومن قبلها المشاركة المُشرفة للمصريين بالخارج في 121 دولة حول العالم، إلا ثمرة تعاظم القدرة الشاملة للدولة، وفي القلب منها الكتلة الحيوية للدولة، وواسطة عقدها حصون الوعي العام.

 

فقد خاض المصريون في الاثني عشر عامًا الأخيرة، أربعة استحقاقات انتخابية رئاسية، أولها عام 2012، كان الحشد به طرفه يستند إلى أيديولوجية دينية، وسبقها استفتاءات اسموها غزوة الصناديق، في هذا الاستحقاق، لم يحسم التضليل الانتخابات بنسبة ملحوظة، بل ضئيل الأصوات المعدودات المشكوك في نزاهتها.

 

ما يعني أن تيار الوعي الوطني، كان قطاع كبير منه يقظًا، وما لبث يمر عام، على ما آلت إليه النتائج في يونيو 2012، حتى أفاق الوعي العام الجامع، من مخدر خليط الشعارات الدينية، وما سمي "شراكة الميدان"، لينتبه الشركاء أصحاب نظرية "عصر الليمون"، على سياسات إقصاء تام، ومحاولات فاشية لتغيير الهوية الوطنية.

 

ثار الشعب في الثلاثين من يونيو، مستحضرًا جينات حضارته، على غير توقع من كل المراقبين الدوليين، وأنصار الفاشية، الذي بلغ بهم الوهم التأكيد على أنهم باقون لأكثر من خمسين عامًا في الحكم.

 

استعاد نحو ثلاثين مليون مصري عبر الميادين، دولتهم، محافظين على الهوية المصرية، لتبدأ حرب فرض الإرادة، بين شعب ومؤسسات وطنية، بقيادة حكيمة تم استدعاؤها، وجماعة ذات امتداد ودعم دولي معادٍ للدولة الوطنية، تستخدم، ومحركوها، أسلحة الحرب الهجينة، خليطًا من الإرهاب، والشائعات، والحصار الاقتصادي، بغية تركيع الدولة.

 

لكنها مصر أبدًا لا تركع وتسجد لغير الله، سبحانه وتعالى، الله حافظها الذي اختصها دون غيرها من بقاع الأرض ليتجلى على أرضها، بسيناء المقدسة الطاهرة، المُعطرة بدماء شهداء الوطن منذ الشهيد القائد «سقنن رع»، قبل الميلاد بـ3200 عام، في حرب التحرير من احتلال الهكسوس سكان الرمال، وحتى دماء شهداء المعركة الشاملة لتطهير سيناء من الإرهاب وحماية استقلال القرار الوطني.

 

وتوالت إنجازات الشعب المصري، وانتصاراته في سلسلة من المعارك، التي تحمَّل فيها آلام الجراحات الاقتصادية الخطرة، ليتعافى الاقتصاد الوطني، وتٌبنى عضلات جسد الدولة المنهكة على مدار سنوات، لتعود فتية قوية قادرة على الارتقاء بجودة حياة مواطنيها، واستيعاب صدمات الأزمات العالمية.

 

دولة تٌوظف قدرات شعبها الكامنة، وتعظم قدرتها الاستخراجية، لتنطلق إلى مصاف الدول المتقدمة، حيث ينبغي وتستحق أن تقف عالميًا، بحكم الحضارة والثروات والتاريخ، والمكان والمكانة.

 

وبينما كانت مصر تخطو بثبات على مدار السنوات العشر الأخيرة، تُقاتل على مختلف الجبهات، وتَبني دون أن يعرقلها المعتدون، بما أوتوا من خليط الأسلحة والمكر، كان بناء الوعي أحد أعمدة تنامي قدرتها، وإصلاح الحياة السياسية أحد أهدافها، ورصد جديد للمخططات المُعادية والتعامل معها، التي امتدت من محاولات إحداث شروخ في جدار الثقة، للتشكيك في نزاهة الاستحقاقات الديمقراطية إلى محاولة تهجير الأشقاء من فلسطين وتهديد سلامة التراب الوطني المصري.

 

خرج الشعب المصري منتصرًا في كل الجولات، لينتصر للوطن في جولة ديمقراطية جديدة، شارك لتفوز مصر، ولهذه المشاركة الكثيفة عدة أعمدة وأسباب:

 

أولًا: أدرك الشعب مدى خطورة تهديدات الأمن القومي، والمخططات التي استهدفت الدولة، والمتغير الحاسم أنها بعد محاولات خفية خرجت للعلن، مع العدوان الصهيوني القائم على الشعب الفلسطيني.

ثانيًا: الإصلاح الداخلي وحجم الإنجازات المتحقق في السنوات الأخيرة.

١- القضاء على الإرهاب واستعادة الأمن والاستقرار، وهو ما يفسر الحضور الطاغي للمرأة وكبار السن، فهم آباء وأمهات، الأقدر على إدراك قيمة الأمن والاستقرار بما يتكبدونه من قلق على الأبناء في حالات عدم الاستقرار التي خبروها في سنوات الانفلات الأمني.

٢- تفكيك تنظيم الإخوان المتطرف، ومن ثم القضاء على تغلغل خلاياه التي كانت تعبث بنسيج الوطن عبر التحريض الدائم ضد الدولة وتحويلها لعدو، بحثًا عن مكاسب سياسية للتنظيم، وإن استمرت سياساتهم عبر هجمات إعلامية من الخارج تتخذ من وسائل التواصل الاجتماعي مُوصلات، إلا أنها انهارت أمام جهود بناء الوعي التي تبذلها جميع مؤسسات الدولة رسمية ومجتمع مدني وفي قلبه الإعلام.

 

٣- تحويل الدولة شعارات العدالة الاجتماعية التي رفعها الكثيرون لسنوات، إلى واقع معاش عبر القضاء على العشوائيات وتكافل وكرامة وحياة كريمة، والحقوق الأساسية، الحق في سكن كريم، وعلاج صحي، وتعليم جيد، فقد تم القضاء على فيروس “سي” الذي فتك لسنوات بأكباد المصريين، وبدأ تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل، وجميعها إنجازات شعر بها المواطن رغم التحديات الاقتصادية، ويحرص قطاع كبير على استكمالها.

 

٤- تعزيز اللُحمة المجتمعية، وبناء الإنسان، أحد أهم مقومات الكتلة الحيوية، فقد تم تمكين المرأة وقادرون باختلاف، واقتلاع بذور الطائفية، عبر قوانين دور العبادة، وإعلاء مبادئ المواطنة.

 

٥- ترميم شروخ جدار الثقة بين الشباب والدولة، عبر إجراءات عملية، واستراتيجية تمكين شاملة، استهدفت التأهيل قبل التمكين، فبدأ مؤتمر الشباب بخلق قنوات تواصل مباشر بين رأس الدولة والحكومة والشباب، بحوار ذي اتجاهين فعال، أثمر تنسيقية شباب الأحزاب والأكاديمية الوطنية للتدريب، والبرنامج الرئاسي للتدريب وتأهيل الكوادر، وغيرها من الإنجازات الواقعية والتمكين في المجالس النيابية والمواقع القيادية.

 

٦- الحوار الوطني، أنعش الحياة السياسية، وأزال منغصاتها، بشراكة سياسية ومجتمعية شاملة في رسم خارطة الأولويات الوطنية، الجميع يتحدث وعلى الأرض يُنفذ الممكن فعليًا، وقد أسفر هذا عن تغيير الصورة الذهنية، وترسخت المصداقية، وهو ما دفع ثلاثة رؤساء أحزاب للمنافسة على مقعد الرئاسة، ومن ثم تقلصت دعاوى المقاطعة إلى حد لا يُذكر، وتزايد القوى السياسية والمجتمعية التي تحث على المشاركة السياسية لترسيخ التجربة الديمقراطية.

 

٧- عامل مهم خاص بالشباب ومشاركتهم المتنامية، يتمثل في أن قطاعًا كبيرًا من الذين يصوّتون لأول مرة في استحقاق رئاسي، عاشوا حياة جامعية آمنة فكريًا، فلم يتعرضوا لسيطرة أسر الجماعات المتأسلمة التي كانت تستخدم الجامعات للاستقطاب وتزييف الوعي، وفي الوقت ذاته تشكل وعيهم في العشر سنوات الأخيرة على مصارحة، وإنجازات معاشة على أرض الواقع.

 

٨- التمثيل العادل، لكافة مكونات المجتمع في المجالس النيابية، من المرأة و”القادرون باختلاف” حتى المصريين بالخارج وما بينهما من فئات لم يكن فوزها في الانتخابات بنظامها الفردي بالأمر اليسير، وهو ما عزز السلام المجتمعي بوجود مٌعبرين عن جميع الفئات في السلطة التشريعية. 

 

٩- تنظيم عمل الجمعيات الأهلية في تحالف وطني داعم لاستراتيجيات التنمية الشاملة، وما انعكس على تواجدها الجماهيري، بما مكنها من القدرة على التأثير.

ثالثًا: ضمانات وإجراءات العملية الانتخابية

١- أدارت الهيئة الوطنية للانتخابات العملية الانتخابية بشفافية، وتعاملت المؤسسات ووسائل الإعلام بحيادية، فشاهد المواطن على الشاشات للمرة الأولى المرشحين أو حملاتهم على قدم المساواة، ما عزز الثقة.

 

٢- أداء المرشحين أنفسهم الراقي، فلم تتجاوز حملة ولا مرشح في حق الآخر، ليركز الجميع على رؤاهم وبرامجهم الانتخابية، ما أسهم في الحشد الإيجابي وسط حالة من السلام المجتمعي.

 

٣- الإشراف القضائي الكامل والتيسير على الناخبين عبر لجان وافدين، وسهولة الاستعلام عن اللجنة الانتخابية عبر موقع الهيئة الوطنية للانتخابات؛ أسهم في تنامي نسب المشاركة التي بلغت وفق الهيئة الوطنية للانتخابات في اليوم الثاني 45% من إجمالي 67 مليونًا لهم حق التصويت.

 

٤- حرص الهيئة الوطنية للانتخابات على الشفافية التامة، فقد حصل على تصاريح المتابعة 115 وسيلة إعلامية، 62 منظمة محلية، بإجمالي 22340 متابعًا محليًا، و14 منظمة دولية، و528 مراسلًا صحفيًا دوليًا، فضلًا عن دعوة 24 بعثة دبلوماسية معتمدة بمصر أوفدت 67 دبلوماسيًا للمتابعة.

 

المكاسب:

١- تأكيد الإعلام الدولي على كثافة التصويت غير المسبوق، وعدم رصد أي تجاوزات تُذكر، وإشادات من المرشحين وحملاتهم بالمشاركة الكثيفة وحياد الإعلام.

وهي نتائج بالغة الأهمية، تعزز القدرة الشاملة للدولة، وصورتها الحضارية بالخارج.

٢- تأمين الانتخابات في شمال سيناء والحضور الكثيف بالمحافظات الحدودية، رسالة انتصار الدولة على الإرهاب، وشمول التنمية المتوازنة كل ربوع مصر.

٣- المشاركة الكثيفة تعزيز للقدرة الشاملة للدولة، وسياستها الخارجية، وتعزيز لقوة رئيس مصر القادم، فهو يمثل الدولة شعبًا بأغلبية تصويتية وكافة مؤسسات الدولة.

٤- رسالة أمن واستقرار سياسي تعزز فرص جذب الاستثمارات الأجنبية، وتصحيح الصورة الذهنية عالميًا عن الديمقراطية في مصر، ومن ثم مسح كل ما علِق بالأذهان من أكاذيب أنفقت قوى الشر المليارات لترويجها.

٥- فضلًا عن مشاهد تعزيز الديمقراطية والتعددية وغرس الانتماء الوطني في نفوس الأطفال الذين صاحبوا آباءهم إلى لجان الاقتراع.

 

يبقى السؤال: من سيفوز في الانتخابات؟

 

والإجابة قبل انتهاء اليوم الأخير وقبل الفرز: لقد ظهرت النتيجة والفائز هو مصر، فازت مصر وشعبها أيًا كانت النتائج التي ستنطق بها الصناديق.

تحيا مصر ووعي شعبها. 

 

اقرأ أيضاً:

لماذا أشارك في الانتخابات الرئاسية؟  

لماذا أصوِّت في الانتخابات الرئاسية؟ «2»  

 

[email protected]

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز