

أيمن عبد المجيد
هل أتاك حديث مصر وجيشها 5
الدروس المستفادة
وكما استشهد الجد المَلك القائد "سقنن رع الأول"، في مَعارك الجهاد لتحرير مصر من الهكسوس أول غزاة لمصر في التاريخ؛ فقد استشهد في 9 مارس 1969م, الفريق عبدالمنعم رياض وسط جنوده على الجبهة الأمامية للقتال.
قدّم الفريق عبدالمنعم رياض نموذجًا لطبيعة القادة، الذين تحمّلوا مُهمة إعادة بناء القوات وتنظيمها والتخطيط لحرب الاستنزاف وانتصار أكتوبر المجيد؛ فقد تولى مهمته بعد هزيمة يونيو 1967م, وكان له دور بارز في قيادة عمليات حرب الاستنزاف، فهؤلاء الرجال كانوا دائمًا وسط جنودهم.
وصولًا إلى انتصار أكتوبر العظيم الذي يُمثل إعجازًا وطنيًا بكل المقاييس العلمية والعسكرية والسياسية، والذي يصدر هذا النصر باستخلاص الدروس للاستفادة منها في مواجهة تحديات الواقع وتوقعات المُستقبل:
١- قوة الجبهة الداخلية المصرية، هي أساس انتصاراتنا التاريخية، لذا ستظل هدفًا للعدو مع تنامي قدرة الدولة الشاملة؛ لعرقلة مواصلة البناء، عبر أحداث شروخ في جدار الثقة بين الشعب وقيادته السياسية ومؤسّساته الوطنية.
ومن ثم المواجهة تتطلب تعزيز حصون الوعي الفردي والجمعي، بمخططات الأعداء، والأسلحة الحديثة التي تستخدم قذائف الشائعات والتزييف وإشاعة روح اليأس والإحباط.
٢- العنصر البشري، هو الجوهرة الثمينة في الكنز المصري، بمخزونه الحضاري، الذي يستدعى في الحظات الحاسمة، في 9 يونيو 1967م، وسنوات حرب الاستنزاف، وأكتوبر 1973م، ويونيو 2013م؛ حفاظًا على هوية الدولة الوطنية.
تتطلب المواجهة استراتيچيات، ما يمكن أن أسمّيه "تطعيم الوعي"؛ للوقاية من القذائف النفسية، عبر توعية مدروسة بالمحن التي واجهها المصريون تاريخيًا، وآليات اجتيازها؛ لتعزيز القدرة على الصمود، الصمود في مجابهة التحديات، وتنشط چينات الحضارة الدفاعية، التي شاهدنا أثرها تاريخيًا.
٣- هزيمة يونيو 67، لم تكن ثمرة تفوُّق العدو، على المقاتل المصري، وإن امتلك أسلحة أمريكية حديثة، كون الجيش المصري لم يُمكن من ملاقات العدو في ساحات القتال، والدليل على ذلك تكبيد العدو خسائر فادحة عقب أيام معدودات في يوليو 1967م, بمعركة رأس العش، وإغراق المدمرة إيلات، وغيرهما من العمليات البطولية في حرب الاستنزاف وصولًا ليوم العبور العظيم.
وهنا يجب أن ننتبه إلى الدعاية الصهيونبة السوداء، التي تستخدم "الشائعات الغاطسة"، التي تختفى، ثم تستدعى يونيو من كل عام؛ تستهدف خَلق تضخيم الفعل الإسرائيلي، يقابلها ذات الاستراتيچية في استدعاء الشائعات الغاطسة، أكتوبر من كل عام، التقليل من عظمة الإنجاز المصري.
وتلك الحَملات الصهيونية، مدروسة بعناية، فالتركيز الدائم على التشكيك، في وطنية أشرف مروان رحمه الله؛ ليس الهدف منه شخصه؛ بل إيهام الأجيال الشابة بأن العدو تمكن من اختراق رأس النظام المصري، فالراحل زوج كريمة الرئيس عبدالناصر، ومستشار الرئيس السادات.
من المهم وضع استراتيچية إعلامية، تهدم التضخيم الإعلامي الإسرائيلي لهزيمة يونيو 67، بالكشف عن البطولات التي حققها المُقاتل المصري، وصفعات جهاز المخابرات العامة المصرية للعدو، وبطولات أبطال جهاز الاستطلاع والمخابرات الحربية الذين ظلوا في سيناء ولم ينسحبوا مع الجيش يونيو 57؛ لرصد تحركات العدو، وتقديم ذلك في أعمال روائية ودرامية.
٤- انتصار أكتوبر 1973م، إعجاز علمي عسكري، بأبعاده السياسية، والعسكرية، واستراتيچيات الخداع الاستراتيچي، والحرب النفسية، وتكامل أفرع القوات المسلحة وأسلحتها لبلوغ هدف استراتيچي ، مَلحمة من البطولات، سبق كل منها مَلحمة أخرى من التخطيط، والتجهيز، وبناء القدرة ورفع الكفاءة، وتوفير الأسلحة والإمدادات، وتوقيتات العمليات والأدوار المَهام وتوقيتها المحددة بكل دقة وحرفية.
كل تلك المقومات العملية، يجب تقديمها للجمهور؛ خصوصًا الأجيال الشابة، فما تحقق إنجاز صنعه الشعب كله، بمختلف جبهاته السياسية والعسكرية والمدنية.
هذه المَلحمة الزاخرة بالتفاصيل، والدرس والعظات، هي روح أكتوبر، ومنهجية عمل علمي، مستودع ذهبي؛ لبث الروح الوطنية، في نفوس النشء والأجيال التي تبتعد عمريًا عن هذا اليوم الخالد، والتي ستأتي بإذن الله في السنوات المقبلة.
وحتى لا تتآكل ذكرى تلك الملحمة، وتهمل دروسها، فتختصر في احتفاء مؤقت مُختصر، أقترح الإسراع في وضع استراتيچيتي «إحياء روح أكتوبر»، «تاريخ العسكرية المصرية». وعن مقترحات المواجهة.
للحديث غدًا بإذن الله بقية
أقرا المزيد