عاجل| بالأدلة.. قاضى مصري يفضح تزوير الإخوان الإرهابية
عبدالباسط الرمكي
أجرى الفقيه القاضي الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة، دراسة فريدة من نوعها بعنوان " الفيلم الوثائقي مذبحة رابعة خيال مزور للحقائق وسطو على ثورة شعب ودور المخابرات البريطانية في الإساءة لتاريخ الشعوب وقادتها في ضوء التجارب الدولية " وقد عُرض الفيلم بأحد المراكز الثقافية بالعاصمة البريطانية لندن ,قامت فيه جماعة الشر مع قرب الذكرى العاشرة لفض اعتصام رابعة المسلح في 14 أغسطس 2013، أن تبث الأكاذيب عن فض ما كان وكراً مسلحاً ومعسكراً لإعداد وتأهيل كوادر إرهابية، وعبثاً يحاول الفيلم تزوير الواقع والحقائق، التي عاشها المجتمع المصري وكان شاهدا عليها.
ويعرض المفكر القاضي لأول مرة لدور المخابرات البريطانية في الإساءة لتاريخ الشعوب وقادتها في ضوء التجارب الدولية وهو الموضوع الذي لم يتناوله الإعلام بالتفنيد والتأصيل لقضية الدولة المصرية، وسوف نعرض للدراسة في جزئين حيث يتناول الجزء الأول خمس نقاط:
أولاً: فيلم الإخوان الوثائقي مذبحة رابعة "خيال مزور للحقائق" وسطو على "ثورة شعب" سبق أن ثار على الإنجليز أنفسهم كمستعمر:
قال الدكتور محمد خفاجي على المستوى الدولي هناك تعارف على إن الأفلام الوثائقية تقوم على الحرية الإبداعية خاصة الأفلام المبنية على أشخاص تاريخية وأحداث تاريخية، وفى أغلب الحالات يتم تحويل الحقائق بما لا يخرجها عن سياقها لخلق دراما أو لتتماشى مع الرسالة التي يرغب بها المخرج لأغراض جمالية أو درامية، ولكن ما هي مقدار الحرية المسموح بها عالميا لصانعي الأفلام الوثائقية عندما تكون الأحداث التاريخية في خطر بتشويه الحقائق وتزييف الوعي؟
وأضاف أن الفيلم من إنتاج شركة "Noon Multimedia" البريطانية - تأسست عام 2015 برقم "5609646"- ويمتلكها الفلسطيني عبد الرحمن أبو دية، أحد قيادات التنظيم الدولي، أخرجته المخرجة نيكي بولستر، التي تعمل بقناة BBC، وعُرض على منصّة "Egypt Watch"- تأسست برقم "13192374" في لندن في فبراير 2021- بتمويل من التنظيم الدولي، والمريب أن الفيلم الوثائقي تضمن شهادات شخصيات غربية قريبة من جماعة "الإخوان" الإرهابية، منهم ديفيد كيركباتريك، الصحفي المشهور في "نيويورك تايمز"، والأخطر مما يثير الريبة مشاركة شخصيات إنجليزية برلمانية وأخرى جامعية في جلسة نقاشية عقب عرض المادة الوثائقية، هما كريسبين بلانت رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم البريطاني، وإليزابيث نوجنت أستاذ العلوم السياسية في جامعة برينستون الأمريكية، وصحفي بريطاني يدعى بيتر أوبورن.
وهذا الفيلم يحمل أكاذيب وتلفيق وتزييف للتاريخ والوقائع والأحداث التي جرت في مصر حيث كان تجمع رابعة مسلّحاً ولم يكن سلمياً مثلما يدعون، وإساءة إلى ثورة شعب بأكمله ضد جماعة اتخذت من الدين ستارا للوصول إلى الحكم ومن العنف وسيلة لبلوغ أهدافهم.
وأشار إلى أن الفيلم الوثائقي عما أسموه مذبحة رابعة التي تبث من إنجلترا هو في حقيقته "السطو على ثورة شعب" سبق أن ثار على الإنجليز أنفسهم كمستعمر، ثم ثار على جماعة اتخذت من الدين ستارًا لفرض نفسها على سدة الحكم بالعنف والتطرف، والفيلم تزييف لحقيقة الأحداث، وهذا ليس عملاً فنياً لأغراض درامية، وإنما هو نفى للحقيقة ونطق بالكذب، فلا يجوز لصانعي الأفلام أن يذهبوا بعيداً في تغيير الحقائق الجوهرية التي تمس ثورة شعب بحجم الدولة المصرية.
وذكر أنه يجب أن يكون التاريخ سردا للحقائق خاصة في الأفلام الوثائقية باعتبار أن الحقيقة هي "روح التاريخ"، لذا فإن تزوير ثورات الشعوب جريمة ضد التاريخ حيث تبذل جماعة الإخوان الإرهابية قصارى جهدها مع مباركة من المخابرات البريطانية لإنكار وتزوير ثورة الشعب في 30 يونيه 2013 وتزوير الاعتصام المسلح بإظهاره أنه كان سلمياً على حين أنه كان وكراً مسلحاً بالأسلحة والمتفجرات، إن المخابرات البريطانية تساهم مع الجماعة الإرهابية في تشويهه الحقائق والأحداث ليشكلوا عقول الشعوب الأخرى بنسخة زائفة لحقبة مهمة من تاريخ أمتنا المصرية العريقة.
ثانياً: اعتصام رابعة كان وكرًا مسلحًا ومعسكرًا لإعداد وتأهيل كوادر إرهابية:
وأضاف د. خفاجي أن فيلم الجماعة الإرهابية الوثائقي الذي عرض في أحد المعالم الثقافية بالعاصمة البريطانية لندن احتوى على الأكاذيب والتضليل والتزييف ، فمعسكر رابعة الإرهابي كان وكراً مسلحاً ومعسكراً لإعداد وتأهيل كوادر إرهابية ولم يكن اعتصاما كما تدعى جماعة الإخوان الإرهابية ، وإنما كان بؤرة إرهابية يتم تدريب أتباعها على القتال والدم وكانوا يقتلون المارة ويقطعون الطرق، ويستولون على العمارات والمساكن بالبلطجة والعنف والحرق والتدمير وإخفاء أسلحة ومتفجرات بالداخل، ضمن مخطط تخريبي كان يستهدف إسقاط الدولة المصرية، ومهاجمة السكان ورجال السلطة العامة بالسلاح، وقطع وتعطيل وسائل النقل العامة وإحداث شلل مروري وإشاعة الفوضى والإخلال بالسلم والأمن ، فقد كان وكراً مسلحاً ومعسكراً لإعداد وتأهيل كوادر إرهابية تمارس القتل والسحل البشرى المخالف لكل قواعد الإنسانية وكان لابد للدولة أن تقوم بواجبها نحو إنهاء هذا الوكر الإرهابي لتحقيق الأمن والأمان للمواطنين والحفاظ على كيان الدولة من السقوط.
ثالثاً: لا يجوز للفيلم الوثائقي أن يستبدل معسكرًا إرهابيًا “التفسير الإبداعي للواقع” بمجرد اعتصام “الخيال المزور”.
قال الدكتور محمد خفاجي إنه لا يجوز للفيلم الوثائقي أن يستبدل معسكرا إرهابيا "التفسير الإبداعي للواقع" بمجرد اعتصام رابعة "الخيال المزور "، ذلك أن جوهر الفيلم الوثائقي هو "التفسير الإبداعي للواقع " وليس " الخيال المزور " فلا يجوز للفيلم الوثائقي أن يقوم بتشويه الحقائق أو الكذب الصريح للأحداث التاريخية لتاريخ أمة من الأمم، فيجب أن تحافظ الأفلام الوثائقية على الشعور بالنزاهة، دون تشويه أو تحيز، مهما كان الخداع الفني كجزء من عملية صناعة الأفلام الوثائقية.
إن أفضل ما يمكن أن يقدمه الفيلم الوثائقي هو تقديم الأحداث كما هي برؤية فنية ، والأشخاص التاريخية المؤثرة في تاريخ الشعوب كما يرويها عنهم ما سطره شهود العيان من المجتمع المصري ككل ، بشكل عادل، ووفقا لروح الإنصاف ومعايير النزاهة هي التي تولد فينا إيمانًا بالحقيقة, لا طمس الحقائق أو تغيير صنع التاريخ ، أو تزييف الوعى بإلباس الاعتصام المسلح بالأسلحة والمتفجرات ثوب الاعتصام السلمى على خلاف الحقيقة ، لذا فإن فيلم الجماعة الإرهابية عن اعتصام رابعة المسلح هو الخيال المزيف للحقيقة وهو التلفيق الصريح بعينه.
رابعاً: ماذا يكون موقف المخابرات البريطانية لو أن فيلماً وثائقياً يزور تاريخ ترشل العظيم وانتصاره للأمة البريطانية!
وطرح الدكتور محمد خفاجي تساؤلًا مهما: ماذا يكون موقف المخابرات البريطانية لو أن فيلماً وثائقياً يزور تاريخ ترشل العظيم وانتصاره للأمة البريطانية! فمن المعروف أن السير ونستون ليونارد سبنسر تشرشل الذي كان رئيس الوزراء في المملكة المتحدة من عام 1940 وحتى عام 1945 إبان الحرب العالمية الثانية ، وقد رفض أي استسلام، أو هزيمة، خاصة في الأيام الشرسة الأولى من الحرب العالمية الثانية حينما وجدت بريطانيا نفسها وحيدة في مواجهة هتلر وانتصر على ألمانيا النازية ، ماذا يكون موقف المخابرات البريطانية لو أن فيلماً وثائقياً يزور تاريخ ترشل الذي وُصف بـ"أعظم بريطاني على مر العصور" في استطلاع أُجري عام 2002 وهو الذي أفنى عمره الذي امتد لـ90 عامًا ليصنع بريطانيا القوية ويخرج بها من ويلات الحرب لتصبح من الدول العظمى ، ماذا يكون موقفهم وموقف البريطانيين لو أن فيلما وثائقيا صور رئيس الوزراء البريطاني أنه كان يخاف من القنابل أو الطيران النازي!
والحقيقة أنه لم يخف بل قام باقتدار وحنكة شديدة بإدارة شؤون بلاده من «غرف الحرب»، بالقطع لا يجوز لأي فيلم وثائقي في أي دولة في العالم أن تشوه هذا التاريخ الكبير الذي صنعه تشرشل لبريطانيا أهم وأعظم رؤساء وزراء بريطانيا، الذي لم يكن له أن ينجح بدون سند شعبي ووقف الشعب خلفه حتى انتصر في الحرب العالمية الثانية، ضد قمع النازية.
وأوضح أن الأفلام الوثائقية إعلام وترفيه تروي أحداثاً عن الحياة الواقعية بصدق عن الشخصيات والأحداث التاريخية دون كذب وبحسن نية وليس سوء المقصد، إذ يتوقع المشاهدون أن يتم إخبارهم بأشياء حقيقية دون افتراء أو تضليل أو تزييف.
ولا ريب أن ما طرحناه من تساؤل يؤلم المخابرات البريطانية ويدمى مشاعر البريطانيين عن تاريخ ترشل العظيم وانتصاره للأمة البريطانية التي لا يمكن أن يزورها فيلم وثائقي! كما فعلت جماعة الإخوان الإرهابية بالتعاون مع منظمات وشخصيات بريطانية وبتنسيق وتعاون ومباركة مقصودة من المخابرات البريطانية! حينما زيفوا الحقيقة عما أسموه زوراً مذبحة اعتصام رابعة وقد كان وكراً مسلحاً بأدوات القتال والمتفجرات والأسلحة الفتاكة للقتل والسحل ومعسكراً لإعداد وتدريب وتأهيل كوادر إرهابية.
خامساً: تقارير المخابرات البريطانية ضد سيادة الدول تقوم على الافتراض المضلل ولجنة تحقيق Chilcot تدين المخابرات البريطانية بأن صدام كان يمتلك أسلحة دمار شامل افتراض مضلل؟
وأوضح الدكتور محمد خفاجي أن تقارير المخابرات البريطانية ضد سيادة الدول تقوم على الافتراض المضلل، ومثالها أن تقارير المخابرات البريطانية بأن صدام كان يمتلك أسلحة دمار شامل وهو افتراض مضلل ولجنة تحقيق تشيلكوت Chilcot تدينها وتصفها بالتضليل؟ إذ أن السير جون تشيلكوت - رئيس لجنة التحقيق البريطانية المستقلة المختصة بالتحقيق حول مشاركة بريطانيا في الحرب ضد العراق المشكلة في 15 يونيه 2009 بقرار رئيس وزراء بريطانيا جوردون براون - انتقد تشيلكوت أجهزة المخابرات البريطانية لإصرارها على الاعتقاد الخاطئ بأن الزعيم العراقي يمتلك أسلحة دمار شامل، وحدد تقرير تشيلكوت سلسلة من الأخطاء الفادحة التي ارتكبتها أجهزة المخابرات البريطانية والتي أنتجت معلومات "معيبة" حول أسلحة الدمار الشامل المزعومة لصدام حسين، وهي أساس خوض الحرب ضد بلد عربي انهارت بسبب تلك الحرب.
وأضاف د محمد خفاجي أن تقرير لجنة تشيلكوت ينفرد بالنقد للسير جون سكارليت، رئيس لجنة الاستخبارات المشتركة "JIC"، وهي مجموعة شاملة تجمع عمل وكالات الاستخبارات الرئيسية، ولا سيما النتائج التي توصل إليها جهاز المخابرات الخارجية MI6 ، كما تعرض أيضا رئيس MI6 آنذاك، السير ريتشارد ديرلوف للانتقاد الشديد في واحد من أكثر الأقسام إدانة.
وخلص التقرير إلى أن توني بلير -رئيس الوزراء البريطاني الأسبق -قدم تقييمات وكالات التجسس إلى البرلمان بـ "يقين" لا تبرره المعلومات الاستخباراتية التي تم جمعها، وقد انتقد شيلكوت مجتمع الاستخبارات لفشلهم في القيام بأي محاولة جادة لكبح جماحه، وبالإضافة إلى ذلك، انتقد أجهزة المخابرات بسبب عيوب كبيرة في جمع المعلومات الاستخبارية وتقييماتها، ولا سيما اعتقادها بأن صدام كان يمتلك أسلحة دمار شامل.
وأشار د خفاجي إلى أن تقرير تشيلكوت ذهب إلى إن مجتمع الاستخبارات عمل منذ البداية على "افتراض مضلل" بأن صدام كان يمتلك أسلحة دمار شامل ولم يبذل أي محاولة للنظر في احتمال أنه تخلص منها، وهو ما كان لديه.
وتقرير تشيلكوت خلص إلى أن: "المعلومات الاستخبارية التي تم تقييمها لم تثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن صدام حسين استمر في إنتاج "أسلحة كيماوية وبيولوجية" ومن بين الإخفاقات الرئيسية الأخرى التي حددها Chilcot ضد المخابرات البريطانية ما يلي:
1- اعتقاد راسخ في مجتمع الاستخبارات بأن العراق احتفظ ببعض الأسلحة الكيماوية والبيولوجية. وخلص إلى أن العراق كان ينتج عوامل كيماوية وبيولوجية وأن هناك برامج تطوير لصواريخ بعيدة المدى قادرة على إطلاقها كان من قبيل الخطأ الجسيم.
2- أجهزة المخابرات لديها نقطة عمياء خطيرة حيث لم يكن هناك في أي مرحلة اقتراح بأن العراق ربما لم يعد يمتلك أسلحة كيميائية أو بيولوجية أو نووية أو برامج تم تحديدها وفحصها من قبل JIC أو مجتمع السياسة.
3- وهي نقطة خطيرة تبين انفراد المخابرات البريطانية المطلق دون تعاون من وزارة الدفاع البريطانية ويتمثل ذلك في تقرير جهاز MI6 عن أسلحة الدمار الشامل كان يجب أن يُعرض على خبراء الأسلحة المعنيين في طاقم استخبارات وزارة الدفاع، الذين أعرب بعضهم عن شكوكهم في امتلاك صدام لأسلحة الدمار الشامل.
4- ويختتم د. خفاجي بأن كل ذلك يبين منه تضليل جماعة الإخوان الإرهابية للشعوب الأخرى عن وكر مسلح بالعنف والتطرف ضد ثورة شعب وليس اعتصامًا، وعلى مدى تدخل المخابرات البريطانية في شؤون سيادة الدول الأخرى بالتضليل والافتراء والكذب دون الاحتكام إلى الحقائق واحترام سيادتها، وغدا نعرض للجزء الثاني والأخير من تلك الدراسة الفريدة في هذا الموضوع الذي يخص قضية شعب ووطن.