عاجل
السبت 21 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
يوم افريقيا
البنك الاهلي

يوم إفريقيا.. "موبوتو" صعود وأفول "فهد كينشاسا" العنيد

الرئيس موبوتو سيسي سيكو
الرئيس موبوتو سيسي سيكو

“موبوتو” ثاني رؤساء جمهورية الكونغو الديقراطية، وأحد مؤسسي منظمة الوحدة الإفريقية، ورئيس دورتها السادسة بعد "هيلا سيلاسي، جمال عبد الناصر، كوامي نكروما، جوزيف آرثر أنكره"، فهد كينشاسا العنيد، والصحفي الذي تولى السلطة بفضل علاقاته الخارجية. 



 

ميلاد موبوتو ورحلة حياته

 

ولد “موبوتو” في الرابع عشر من شهر أكتوب عام 1930، في شمال غرب الكونغو وتحديدًا بمدينة ليسالا، فترة الاحتلال البلجيكي للبلاد. 

 

توفي والده وهو لم يزل في الثامنة من عمره، وكان يعمل طباخًا عند حاكم المدينة، ليكفله جده وعمه، ويساعده في استكمال رحلة دراسته التي بدأها بأحد المدارس الكاثوليكية. 

 

انضم إلى جيش الاستعمار البلجيكي، في العشرين من عمره، وعانى من ويلات سيطرة النخبة البيضاء على بني جنسه من الشباب السود، وبعد ثلاث سنوات تم انتدابه بمركز القيادة، لينتقل إلى مدينة ليبودفي عام 1953.

 

لم يستطع "موبوتو" تحمل العنصرية الموجودة داخل مقر القيادة، ليخلع بذلته العسكرية وينتقل إلى العمل كمراسل صحفي لإحدى الجرائد الليبرالية بمدينة ليبودفي عام 1957. 

 

تُعد هذه المرحلة بمثابة الشرارة التي أفسحت المجال لانطلاقة أكبر في حياة "موبوتو"، وبطاقة مروره إلى مناطق أكثر رحابة، حيث السلطة والنفوذ، وكان لم يزل مراسًا يعمل تحت إمره الصحفي المخضرم أنطوني بولامبا، والذي قدمه إلى "باتريس لومومبا" بوصفه أحد الشباب النابهين. 

 

وفي غضون عدة أشهر، سافر "موبوتو" إلى أوروبا لتطأ قدماه أراضيها للمرة الأولى، ليتعرف إلى مجموعة من السياسيين الكونغوليين البارزين، الذين كانوا يتفاوضون على استقلال البلاد، وذلك على هامش تغطيته لمؤتمر "EXPO" الذي عُقد في بروكسل عام 1958. 

 

وزير الدولة

 

نجح "موبوتو" في استغلال علاقاته السياسية، ليتولى منصب وزير الدولة بعد الاستقلال في يوليو 1960، ليقترب أكثر إلى باتريس لومومبا. 

 

حقق "موبوتو" نقلة نوعية كبيرة، مستفيدًا من علاقته الوثيقة الصلة بـ"باتريس لومومبا"، والخلافات الحادة بين الساسة المتواجدين على الساحة، ليقوم الأخير بتعيينه في منصب رئيس أركان الجيش الكونغولي، اعتمادًا على خبرته العسكرية السابقة وكونه أقرب اتباعه المخلصين. 

 

موبوتو والملكة إليزابيث الثانية

 

 

خلافات لومومبا والدور البلجيكي

استعت الهوة وزادت حدة الخلافات بين باتريس لومومبا والحكومة البلجيكية، ما أسفر عن اعتقاله عام 1960، رغم شعبيته الكاسحة والتفاف آلاف المؤيدين حوله.

 

واستثمارًا لموقعه، بدأ "موبوتو" يدعم أواصر علاقته بـ"بلجيكا"، ليحظى بدعمها ضد أنصار ومؤيدي وأتباع "لومومبا"، ما أسفر عن تشكيل حكومة مؤقتة.

 

داعب "موبوتو" الطموحات الأمريكية بلعب دور أكبر في الفناء الخلفي للقارة السمراء، واتهم الرئيس السابق "لومومبا" بأنه متعاطف ومؤيد للمد الشيوعي داخل البلدان الإفريقية. 

 

 

 

وبالفعل تحققت مخططات "موبوتو" ليحظى بدعم واسع من الأمريكان، ما دعم تثبيت أقدامه في وجه معارضيه، في هذه الأثناء حاول الرئيس السابق الهرب من محبسه، لتوأد المحاولة وهي لم تزل في مهدها، ويتم القبض عليه وإرساله إلى مقاطعة "كاتانغا" جنوب البلاد، والتي لقي حتفه فيها بعدها. 

 

جاء رد الفعل الشعبي معاكسًا لطموحات "موبوتو"، ليشن الرئيس السابق باتريس لومومبا حربًا شرسة ضده، نجحوا على إثرها بالسيطرة على ثُلثي البلاد، ليأتي الغطاء الأمريكي ويدعم إعادة السيطرة على الكونغو مرة أخرى.

 

بعد استعادة موبوتو لنفوذه وإزاحه خصومه، استنفرت قواته التي تم تقسيمها على كلتا الجبهتين "الخارجية" و"الداخلية"، فيما استمر البطش والتنكيل بمعارضيه، والقبض على النشطاء السياسيين، ليمعن سيطرته على البلاد ويكبح جماح أي محاولة للانقلاب ضده.

 

وصوله إلى الحكم

الخطوات السابقة مهدت لـ"موبوتو" الأرضية المناسبة لتنفيذ نقلته الأكثر جرأة، للوصول لسدة الحكم، ليقود انقلابًا "أبيض" على "يوسف كاسا فوبو" أول رئيس للبلاد بعد الاستقلال. 

 

درس "موبوتو" أبعاد الموقف جيدًا قبل أن يوجه ضربته الخطيرة، مستغلًا الأزمة السياسية بين الرئيس "كاسا فوبو" وحكومة الجنوب برئاسة "موسى شومبي"، والتي انتهت بتنفيذ الانقلاب. 

 

 

 

حاز رئيس أركان الجيش على ترحيب كافة القوى السياسية، بما فيها "النقابات" و"المنظمات الطلابية"، بالإضافة للوفود الأجنبية، وعلى الصعيد الدولي حظى "موبوتو" بتأييد واعتراف بلجيكا والولايات المتحدة، مقابل الممانعة الصين والسوفييتية. 

 

توطدت علاقة "موبوتو" بالغرب، وأصبح بمثابة رأس الحربة الأمريكية ضد المد الشيوعي بالقارة السمراء، وهو الاتجاه الذي عمد معه على مساندة المعارضة الأنجولية في المنفى، ودعم نضالها ضد الاحتلال البرتغال. 

 

مجزرة 1969

بعد مرور أربع سنوات على حكم "موبوتو"، تنامت حركة المعارضة الشبابية ضد "فهد كينشاسا"، وشهد عام 1969 أسوأ صدام له مع الحركات الطلابية، انتهى بقمع دموي للمظاهرات التي حكم فيها على 12 منهم بالإعدام، فيما تم إحالة 2000 منهم للتجنيد الإجباري بالجيش. 

 

حقبة "الثلاث Z"

سيطر موبوتو وحزبه - حزب الثورة الشعبية - على الحكم والسلطة في البلاد، وأصبح هو المتحكم في الحياة السياسية بشكل كبير، في هذه الأثناء منح "فهد كينشاسا" نفسه رتبة المارشال رسميًا عام 1982. 

 

خلال تلك الفترة عمد "موبوتو" على عودة بلاده إلى جذورها الثقافية التاريخية، بهدف إنهاء السيطرة الاستعمارية الثقافية، ليبتكر مفهوم "الزائيرية" عام 1971، والتي أطلق عليها المتخصصون والمحللون السياسيون "سنة الثلاث Z"، بسبب تغييره لمسمى "الكونغو" والنهر والعملة الرسمية، ليصبح اسمها "زائير". 

 

استكمل موبوتو ما بدأه بتدريس اللغة المحلية الدارجة داخل المدارس والجامعات، كما فرض ملابس شعبية خاصة - abacost - تعبر عن جذور وتاريخ البلاد، في محاولة لاقتلاع وكبح المد الثقافي الغربي، كما طالب المواطنين بتسمية أبنائهم بالأسماء الإفريقية المحلية، على أن تكون غير مسيحية، فيما أطلق على نفسه لقب "موبوتو المجاهد الذي سينتصر ثم ينتصر دون أن يستطيع أي شخص إيقافه".

 

 

 

تنحية "موبوتو المجاهد"

تصاعدت الانتقادات الدولية ضد "موبوتو"، بسبب الفوضى التي عمت في البلاد، بالإضافة للحرب المستعرة مع الدولة الحدودية المجاورة - رواندا - ما دعا تحالف القوات الديمقراطية من أجل تحرير الكونغو بقيادة لوران كابيلا للإطاحة بـ"موبوتو" وتنحيته عن الحكم في شهر يونيو 1997. 

 

هروبه ووفاته

هرب "موبوتو" بعد تنحيته إلى "توجو" ثم توجه إلى منفاه الاختياري في المغرب، والتي أعلنت لاحقًا نبأ وفاته بعد شهرين من وصوله إليها - 7 سبتمبر 1997 - متأثرا بتداعيات مرض السرطان، ليتم مواراة جثمانه إحدى المقابر المسيحية بالعاصمة الرباط. 

 

بعد مرور عشرة أعوام على مواراة جثمانه بالتراب - عام 2007 - أوصى المجلس التشريعي لجمهورية الكونغو الديمقراطية باستعادة رفات “موبوتو” ودفنها في ضريح خاص.  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز