يوم أفريقيا.. تابو إيمبيكي "المنفي" الذي حلّ "منظمة الوحدة"
تابو إيمبيكي رئيس جمهورية جنوب إفريقيا الحادي عشر، المولود في الثامن عشر من شهر يوليو عام 1942، والذي تولى رئاسة البلاد خلال الفترة من 14 يونيو 1999 حتى استقالته في 21 سبتمبر 2008.
نبوغ سياسي مبكر
انخرط “إيمبيكي” في العمل السياسي في وقت مبكر من عمره، عبر انضمامه لـ"المؤتمر القومي الإفريقي"، متأثرًا بوالده الذي كان أحد أعضاء المجلس الإفريقي القومي "African National Congress" و"الحزب الشيوعي الجنوب إفريقي".
تأكدت عقيدة إيمبيكي القومية التحررية بعد انتقاله إلى "جوهانسبرج"، لينضم إلى المناضل السياسي "والتر سيسولو"، أحد رموز مقاومة سياسة الفصل العنصري "الأبارتيد"، التي حكمت بموجبها الأقلية البيضاء البلاد طوال خمسة وأربعين عامًا، خلال الفترة من عام 1948 وحتى إنهاء هذه الحقبة التعيسة عام 1993.
مناضلون في المنفى
لم يفلح قرار النفي الظالم الذي صدر بحق مجموعة من الساسة والمناضلين عام 1963، ومنهم "إيمبيكي" الذي كان شابًا فتيًا في الحادي والعشرين من عمره، في إبعاده عن حلمه وتحقيق طموحاته القومية تجاه بلاده.
وتلقى حكم نفيه رفقة عدد من قادة "المجلس الإفريقي القومي" مثل والتر سيسولو ونيلسون مانديلا بشيء من التعقل والحكمة، التي لم تتوافر كثيرًا بشباب في مثل عمره.
استغل الشاب تابو إيمبيكي صاحب الـ21 ربيعًا فترة نفيه أفضل استغلال، ولم تفتر عزيمته إزاء هذا القرار المجحف، ليمضي السنوات الأولى من منفاه بـ"المملكة المتحدة"، في الدراسة وصقل خبراته التعليمية، التي كللها بالحصول على درجة الماجستير في الاقتصاد من جامعة "ساسكس".
عمل في مكتب لندن التابع لـ"المؤتمر الوطني الإفريقي"، وتلقى تدريبه العسكري في "الاتحاد السوفيتي"، ليتنقل بعدها بين عدد من بلدان القارة السمراء أبرزها "بتسوانا، سوازيلاند، نيجيريا"، فيما كان مقر إقامته الأساسي بمدينة "لوساكا" بزامبيا.
رئاسة جنوب إفريقيا
تولى تابو إيمبيكي رئاسة جنوب إفريقيا للمرة الأولى في يونيو 1999، وأعيد انتخابه لرئاسة البلاد في الانتخابات الديمقراطية الثالثة عام 2004 والتي تحصل عليها بأغلبية برلمانية ساحقة.
وخلال سنوات حكمه عمل على تعزيز المصالحة، وبناء مؤسسات الدولة، بالإضافة لتنفيذ الخطط التنموية وإنعاش اقتصاد البلاد، ومعالجة المشاكل الداخلية، وتعزيز المكانة القارية والدولية لجنوب إفريقيا.
ضغوط الحزب الحاكم
شهدت فترة حكمه الأخيرة بعض التوترات السياسية، بسبب الضغوط المفروضة عليه من قِبل أعضاء "حزب المؤتمر الوطني الإفريقي"، والتي تم الإعلان عنها للمرة الأولى عام 2007.
ودعا أعضاء الحزب إلى استبدال "إيمبيكي" وخروجه من السلطة، لصالح جاكوب زوما- نائبه السابق الذي تمت الإطاحة به للاشتباه في تورطه بقضايا فساد عام 2005- على أن يتم إعادة انتخاب الأخير مرة أخرى وإعادته إلى المشهد السياسي من جديد.
قرار الاستقالة
زادت الضغوط المفروضة على "إيمبيكي"، وواصل حزب "المؤتمر الوطني الإفريقي" الحاكم سعيه المحموم، لدفع الرئيس الجنوب إفريقي إلى إعلان نبأ استقالته، بدعوى تدخل في عمل القضاء، أثناء محاكمة نائبه الأسبق جاكوب زوما بتهم تتعلق بالفساد.
في 20 سبتمبر 2008 رضخ تابو إيمبيكي للضغوط، وأعلن استقالته من رئاسة البلاد، قبل أن يذهب قرار الحزب الحاكم إلى البرلمان، قبل عام كامل من انتهاء فترة ولايته الثانية والأخيرة بشكل رسمي في 2009.
ومن المعروف أن الدستور الجنوب إفريقي لا يسمح بشغل منصب الرئاسة لأكثر من فترتين.
جدير بالذكر، أن الرئيس تابو إيمبيكي كان قد اتخذ قرارًا بحل منظمة الوحدة الإفريقية في التاسع من شهر يوليو عام 2002، خلال رئاسته لآخر دوراتها، ليحل محلها الاتحاد الإفريقي في العام نفسه.



