عاجل
الأربعاء 1 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
جرائم لا تُنسى بالتقادم.. السر "الإرادة والوعي"

جرائم لا تُنسى بالتقادم.. السر "الإرادة والوعي"

كان الفلاحون في حقولهم من الصباح الباكر، يكدون لاستنبات غرسهم رزقًا حلالًا طيبًا، يقتات منه أبناؤهم الذين ينهلون العلم في مدارسهم للتسلح به في قادم الأيام.



 

بينما العدو الصهيوني، يستعد في التاسعة من صباح ذلك اليوم، 9 إبريل 1970، لشن غارة جوية تستهدف العُمق المصري بست طائرات فانتوم أمريكية حديثة الصنع، منحها قاطنو البيت الأبيض لجيش الاحتلال لخلق تفوق نوعي على القوات العربية على خطوط المواجهة.

 

 

مع دقات الساعة التاسعة وعشرين دقيقة، قصف طيران العدو مدرسة بحر البقر الابتدائية، بمحافظة الشرقية، هرع الآباء لإنقاذ فلذات أكبادهم، فإذا بـ30 طفلًا ارتقوا شهداء، بعد أن اختلطت الدماء بكراسات الدرس، وتناثرت أشلاء الزهور، و50 طفلًا آخرين مصابين و11 من المدرسين والعاملين بالمدرسة.

 

 

هزت المذبحة وجدان شعب مصر، بينما ضمير العالم المتشدق بحقوق الإنسان والأطفال، يغط في سبات عميق، فمن لمصر غير الله وإرادة شعبها، وقوة وعزيمة جيشها، سارعت القيادة السياسية التي كانت تخوض حربًا دبلوماسية وقتالًا شرسًا على الجبهة في حرب استنزاف ضروس، بينما الحاجة الملحة كانت للسلاح لتعزيز قدرة الردع.

 

 

لم تمر أسابيع معدودات حتى تمكنت القيادة وجيش مصر الباسل من بناء حائط صواريخ الدفاع الجوي، ليشهد الثلاثون من يونيو من العام ذاته ملحمة بطولية، لقنت العدو الصهيوني درسًا قاسيًا لن ينساه أبد الدهر، وكان مقدمة للانتصار العظيم في أكتوبر 1973.

 

 

في ذلك اليوم المجيد 30 يونيو 1970، حاول العدو الصهيوني تكرار محاولة اختراق العُمق المصري بطائرات الفانتوم الأمريكية، الأحدث في أسلحة الطيران في ذلك الوقت، فتصدت لها قوات الدفاع الجوي المصرية، لتتساقط الفانتوم كعصافير يقتنصها صياد ماهر.

 

 

فقد أسقطت قوات الدفاع الجوي، التي اتخذت من ذلك اليوم عيدًا لها 4 طائرات.. اثنتين فانتوم ومثلهما سكاي هوك، وتم أسر ثلاثة طيارين صهاينة، وكرر الاحتلال محاولاته فتساقطت الفانتوم على مدار أسبوع كامل، انتهى 7 يوليو بإجمالي 24 طائرة تم تدميرها من أحدث الطائرات المزودة بأحدث تكنولوجيا عرفتها الجيوش حينها.

 

 

أدرك العالم قبل العدو في أسبوع تساقط الفانتوم، عظمة جيش مصر وقوة درع وسيف هذا الوطن، وأن المصريين قادرون، لن يفرطوا في أمنهم ولا حبة رمال من أرضهم، ثأر جيش مصر لأطفال بحر البقر ووصلت الرسالة للعدو، ما كان يمكن حدوثه بالأمس، بتعاظم القدرة العسكرية يستحيل عليكم تكراره اليوم، فتوقف العدو عن مغامراته بعد أن حسب عواقبها وكلفتها التي لا يستطيع تحملها.

 

 

ويا له من قدر في ذات التاريخ 30 يونيو 2013، زأر شعب مصر بهتافات "يسقط حكم المرشد"، وانتفضت الملايين للدفاع عن هوية الدولة الوطنية المصرية، مستعيدة ثورتها وتصويب مسيرتها، وفي السابع من يوليو كما هو أسبوع تساقط الفانتوم كان أسبوع تساقط مشروع تقسيم مصر، وكان يوم الحسم.

 

 

لتتجدد المعارك في سيناء، بسلاح جديد وأساليب حديثة، حرب بالوكالة عبر تنظيمات إرهابية تخريبية، سعت في الأول من يوليو 2015، لتنفيذ مغامرة لم يحسبوا عواقبها وهم يحسبون مكاسبها الوهمية.

 

 

 قبل دقات السابعة من صباح الأول من يوليو 2015، شنت التنظيمات الإرهابية هجومًا متزامنًا على 15 كمينًا ومنطقة عسكرية في سيناء، بحشد إرهابي غير مسبوق، مسلح بـ"الآر بي جي"، والهاون، ومدفعية مضادة للطائرات إلى غير ذلك من الأسلحة والسيارات المفخخة.

 

 

كان هدف الأجهزة المخابراتية الداعمة بالعناصر التكفيرية والتمويل والسلاح وقبل ذلك التخطيط؛ الاستيلاء على مدينة الشيخ زويد لساعات معدودات، بهدف رفع علم تنظيم ما سمي "ولاية سيناء"، على منشآت حكومية لدقائق لالتقاط فيديوهات تُرسل للإعلام المعادي، لتصدير صورة ذهنية زائفة بأن التنظيم استولى على قطعة من سيناء، كما حدث بمدينة الموصل العراقية.

 

 

لتحقيق مكاسب بالتبعية، في مقدمتها كسر جدار الثقة الشعبية في قدرات جيش مصر الباسل، وتحفيز مزيد من المتطرفين على القدوم لسيناء، وتشجيع جهات التمويل على مواصلة الدعم للإرهابيين لاستنزاف قدرات الجيش المصري، والأخطر خلق ذريعة لحكومة الكيان الصهيوني، بالحديث عن خطر على حدودها للمطالبة بالتحرك تجاه رفح المصرية لتأمين حدودها.

 

 

كل ذلك كان في ذهني، وأنا من خبرت سيناء بكل تفاصيلها من خلال تحقيقات مطولة أجريتها في أرض الفيروز، بداية من أغسطس 2011، كل ذلك استحضرته وأنا أتابع كوارث إعلامية تُرتكب في ذلك اليوم، بما يُنشر من تقارير مستقاة من إعلام معادٍ وبيانات التنظيم الإرهابي على تويتر ومواقع التواصل الاجتماعي.

 

 

يومها أمسكت بقلمي وكتبت تقريرًا صحفيًا تحليليًا، عن الأهداف التي يسعى إليها الإرهابيون، واستحالة قدرتهم على تنفيذها، لسبب جوهري، وهو أن جيش مصر عظيم يمتلك من قدرات الردع ما يُحبط عدوان جيوش حديثة، وأن تمركز الإرهابيين لساعات في الشيخ زويد يعطي الجيش فرصة لإبادتهم بأسلحته فائقة القدرة، وفي القلب منها القوات الجوية.

 

 

وهنا كان السؤال: لماذا استغرق القضاء عليهم ساعات؟ والإجابة ببساطة أنهم في مدينة بها سكان مدنيون من شعب مصر، والجيش يتحسس ضرباته حتى لا تصيب شظاياه أبرياء، فضلًا عن إزالة الفخاخ التي زرعها الإرهابيون على الطرقات للمدينة لقطع الإمدادات.

 

 

تذكرت ذلك كله بالأمس، وأمس الأول، وأنا أشاهد ملحمة أبطال جيش مصر في تلك المعركة التي حفظت كرامة مصر وجيشها، البطل أدهم الشوباشي ورفاقه في كمين الرفاعي، وكل أبطال جيش مصر العظيم الذين سلّط عليهم مسلسل "الكتيبة 101” الضوء، وهو نوع من دراما تجسيد الواقع، ودراما توثيق التاريخ.

 

 

وفي الوقت الذي حاول فيه الإرهابيون ومن خلفهم صناعة "أسبوع الانكسار"، في محاولة على ما يبدو لمحو عار أسبوع تساقط الفانتوم وأسبوع استرداد الهوية المصرية، فقد لحق بهم هزيمة جديدة ليصبح لدينا "أسبوع الإرادة"، ففي هذا الأسبوع الذي بدأ في الأول من يوليو 2015، اصطادت قوات جيش مصر وشرطته مئات الأفاعي التي تجرأت على الخروج من جحورها، فقطعت رؤوسها.

 

 

هل لتواريخ الأحداث من دلالات؟ المؤكد أن جرائم الأعداء لا تُنسى بالتقادم، وأن وعي شعب مصر الذي لا تزيده الأزمات إلا صلابة وصمودًا، وجيش مصر الضارب بجذوره في عُمق تاريخ البشرية مسافة سبعة آلاف عام، منذ البطل أحمس، وحتى الأحفاد أبطال اليوم، وتعاظم قدراته يومًا بعد يوم هو الحصن المنيع، فقدم الشهداء في حروب التحرير والتطهير من الإرهاب، واليوم يُقاتل في معارك التعمير.

 

 

كم هي البطولات التي سُطرت في شهر رمضان، حفظ الله مصر وأسكن شهداءنا فسيح جناته وحفظ أبناءهم وأسرهم.

 

[email protected]

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز