
أزهري بكفر الشيخ: غزوة بدر حولت هوان المسلمين إلى قوة

محمود هيكل
قال الدكتور صفوت محمد عمارة، من علماء الأزهر الشريف، أن غزوة بدرٍ الكبرى المعركة التي حولت هوان المسلمين إلى قوة في أول انتصار تاريخي للدولة الإسلامية، يوم السابع عشر من رمضان، حيث تحتفي الأمة الإسلامية كل عام بذكرى غزوة بدرٍ الكبرى، والتي حدثت في السنة الثانية للهجرة، الموافق 13 مارس عام 624 ميلادية، كأول انتصار تاريخي للمسلمين، رغم أنهم كانوا أقل عددًا، وأضعف عتادًا، على مُشركي قريش وحلفائهم من العرب، واصطلح المؤرخون على تسمية المعركة التي يخرج فيها الرسول ﷺ بنفسه بالغزوة؛ أما التي لا يخرج فيها الرسول ﷺ وتكون بقيادة بعض الصحابة تُعرف بالسرايا.
وأضاف الدكتور صفوت عمارة، في حديثه لـ "بوابة روز اليوسف"، أنه إذا أراد اللَّه أمرًا هيأ له أسبابه؛ فبعد أن كان غير مسموحًا للمسلمين بالقتال في العهد المكي كله، وفي أول العهد المدني، أذن اللَّه لهم بأن يقاتلوا من يقاتلهم؛ فقال تعالى: "أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ"، وكان من الصعب على المسلمين في المدينة تصوّر تحقيق انتصار عسكري على مشركي قريش، وهم بعد لم يمض على وجودهم في المدينة سوى سنتين، لكن شاءت إرادة اللَّه عزَّ وجلَّ أن يكون النصر حليفًا لمن حققوا أسبابه والتزموا بقواعده، وحازوا مقوماته، وإن كانوا أقل عددًا، وأضعف عتادًا.
وأكد الدكتور صفوت عمارة، أنّ الرسول ﷺ في حربه ببدرٍ مع قريش كان أمامه خيارًا من ثلاثة؛ إمَّا أن ينتظرهم في المدينة، وهذا سيجعل مجريات الحرب بيد قريشٍ لا بيده، وإمَّا أن يغزو مكة، وهذا ليس في طاقته في هذه المرحلة، وإمَّا أن يترصد قوافل قريش المسافرة بين مكة والشام؛ عند مرورها على المدينة؛ فكان الخيار الأخير لأنه في طاقة المسلمين، ويُحقق ضربةً اقتصاديةً موجعة لمشركي قريش، ويرد شيئًا من الأموال المسلوبة من المسلمين، ويُحقق نصرًا يرفع معنويات المسلمين وهم في أول عهدهم بالجيش والدولة.
وأوضح عمارة، أن المعركة بدأت بمحاولة المسلمين اعتراض عيرٍ لقريشٍ متوجهةٍ من الشام إلى مكة يقودها أبوسفيان بن حرب، لكن أبا سفيان تمكن من الفرار بالقافلة، وأرسل رسولًا إلى قريش يطلب عونهم ونجدتهم، فاستجابت قريشٌ وخرجت لقتال المسلمين، وكان عدد المسلمين في غزوة بدر ثلاثمائة وبضعة عشر رجلًا، معهم فرسان وسبعون جملًا، وكان تعداد جيش قريش ألف رجلٍ معهم مئتا فرس، أي كانوا يشكلون ثلاثة أضعاف جيش المسلمين من حيث العدد تقريبًا، فكان المؤمنون كما وصف القرآن "أذلاء" لقلة عددهم وكثرة عدد المشركين الذين كانوا ضعفي عدد المسلمين في تلك المعركة، قال تعالى" وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ}؛ فأمد اللَّه المسلمين بالملائكة يوم المعركة، قال تعالى "إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلاۤئِكَةِ مُرْدِفِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَىٰ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ".
وأشار الدكتور صفوت عمارة، إلى أنّ غزوة بدر انتهت بانتصار المسلمين على قريش وقتل قائدهم عمرو بن هشام، وكان عدد من قتل من قريش في غزوة بدر سبعين رجلًا وأُسر منهم سبعون آخرون، أما المسلمون فلم يقتل منهم سوى أربعة عشر رجلًا، ستة منهم من المهاجرين وثمانية من الأنصار؛ فأصبحت شوكة المسلمين قوية، وارتفعت روحهم المعنوية، وأصبحوا مهابين ومرهوبين بين قبائل الجزيرة العربية كلها، وتعزَّزت مكانة الرسول، صلَّى اللَّه عليه وسلَّم، في المدينة، واهتزت هيبة قريشٍ في الجزيرة العربية بأكملها، فكانت الغزوة حدًا فاصلًا لكثير من الأمور، وسمى اللَّه تعالى يوم بدر في القرآن بيوم الفرقان؛ لما كان فيه من التفريق بين الحق والباطل.