ناهد إمام
همس الكلمات ..
"ياسمين".. والمال العام!
شدتني منذ أيام قليلة واقعة "ياسمين" ممرضة دمياط، التي عثرت على مبلغ 2 مليون جنيه في حساب راتبها الشهري.
وليس ما شدني، هو تضارب الأقاويل حول مدى سرعة إبلاغ الممرضة للواقعة، التي بدأت مع اكتشافها المبلغ حينما توجهت لصرف راتبها الشهري من داخل ماكينة السحب الآلي، ووضعت البطاقة ورقمها السري وبعد الاستعلام عن رصيدها وجدت ذلك المبلغ، وقامت بإبلاغ المسؤولين عنه في الإدارة الصحية والحسابات وتوجهت مع المحامي الخاص بها وحرر محضر في الأموال العامة، وتم تسليم الفيزا الخاصة بها وكل الأوراق حتى يتم إرجاع الأموال للجهة المختصة.
فإذا تحقق ذلك لا بد أن نصفق لها جميعًا على أمانتها التي أصبحت نادرة في ذلك الوجود، فالأمانة هي أقدس شيء في الدنيا.. حتى لو كانت تأخرت في الإبلاغ عن الواقعة.
ولكن في الواقع ما شدني، وكان سببًا في كتابة المقال؟
هو أمر خطير، وهو ما تضمنته الواقعة من إهدار للمال العام، وتساؤل حول كيفية إيداع ذلك المبلغ الكبير جدًا بطريق الخطأ في حساب راتب شهري؟ فهذا لا يعني سوى إهمال أو تعمد خطير من الموظف المسؤول، وهو نوع من إهدار المال العام والفساد المالي، ويجب محاسبته وعقابه بشدة حتى يكون عبرة للآخرين.
فالمحافظة على المال العام، صفة مهمة تجمع بين الأمانة والمراقبة، وأن إهداره، أشد خطرًا من المال الخاص. حيث يتعلق بأمن البلاد لأن به قوام حياة المواطنين وحفظ معاشهم.
وهذا يجعلنا نستوقف أمام الواقعة ونهتم بشدة، ونطالب بالمزيد من الرقابة والمتابعة، بصور إفساد المال العام وعدم المحافظة عليه، ومنها استغلال نفوذ الوظيفة لتحقيق مَنفَعة ماديَّة له ولذوِيه على حساب المصلحة العامَّة مثل الحصول على أموال غير مستحقة على أداء الواجبات الوظيفية، والاختلاس، وغيرها.
وأيضا قيام صاحب العمل أو المسؤول بحجز كل أو بعضِ ما يستحقه الموظفون أو العمال من رواتب وأُجور، أو تأخير دفْعها بقصْد الانتِفاع بها شخصيا. وكذلك الانتفاع بممتلكات المؤسسة أو الهيئة من قبل المسؤولين أو الموظفين، سواء كانت تلك الممتلكات أموالًا عينية أو معدات وأجهزة وتجهيزات وسيارات وناقلات إلى غير ذلك من التجهيزات غير المصرح باستغلالها خارج نطاق العمل.. وغيرها من أوجه الفساد.
كما يعتبر أيضًا، إن التزام المواطن بتسديد التزاماته المالية نحو مؤسساته الوطنية كأثمان الماء والكهرباء والضرائب وغيرها، هو شكل من أشكال الحفاظ على المال العام.
مما يعنى ترسيخ مبدأ وواجب، على كل مواطن في المجتمع كمحافظته وحرصه على ماله وملكه الخاص.
أولستم تتفقون معي، أن إهدار المال العام يمثل خطورة كبيرة، فكم من اقتصاد دول انهار بسبب الإهمال والاختلاسات والسرقات والخيانات المالية، وكم من مؤسسات تمزقت وخسرت بسبب تضييع الحقوق والأمانات، فالحفاظ عليه هو حفظ لموارد الدولة للجيل الحالي والأجيال القادمة، والحفاظ على الأموال العامة مظهر من مظاهر الانتماء والوفاء للوطن، فما أحوجنا أن نحافظ على بلادنا واقتصادها الذي يمثل أمن وأمان لها ولشعبها!
















