عاجل
الأحد 7 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
اعلان we
البنك الاهلي
"كارثة" محمد سلام

"كارثة" محمد سلام

العرض الأسبوعي لمسلسل محدود الحلقات فرض أسلوبًا جديدًا للتقييم، خاصةً عبر منصات التواصل الاجتماعي، النقد بات بالقطعة، المتفرج لم يعُد صبورًا لانتظار الحكم بعد الحلقة الأخيرة، بل بات الانتظار مستحيلًا من الناحية التسويقية، فكلما زادت المتابعة وردود الفعل على الحلقتين الأولى والثانية ضمن فريق العمل جذب فئات جديدة من الجمهور، بالتالي لم تعُد هناك حدود لعملية الفرجة برمتها، لكن النقد يجب أن يلتزم بحدوده، والسطور التالية هي عن "الحلقات الأربع" التي تم عرضها بالفعل من مسلسل "كارثة طبيعية" لمحمد سلام، كتابة أحمد عاطف فياض وإخراج حسام حامد، فيما الحكم النهائي دومًا يصدر بعد المشهد الأخير.



"كارثة طبيعية" هو حالة استثنائية على مستوى الظروف التي خرج بها للجمهور، منذ عقود لم يحظَ عمل بكل هذا الزخم، والكل يعرف الملابسات، حيث اعتذار سلام عن مسرحية في موسم الرياض، أتبعها خروجه من ترشيحات موسمين متتاليين لمسلسلات رمضان، وصولًا لغيابه عن السينما والمسرح بشكل عام، لتصبح حلقات "كارثة طبيعية" هي نافذة العودة الوحيدة والتي تأخر فتحها سنة كاملة.

ما سبق جعل الجمهور المحب لمواقف الفنان السياسية يعتبرونه مسلسلًا ناجحًا حتى قبل مشاهدة التتر، تعاطف الجمهور "نعمة" تتحول إلى "نقمة" لو أن العمل جاء دون المستوى، لكن "كارثة طبيعية" في حلقاته الأولى لم يخذل المتعاطفين، بل فاجأ الجميع بأنه ليس مسلسلًا كوميديًا صرفًا كمعظم أعمال محمد سلام، لكنه عمل اجتماعي بامتياز، مكتوب بحساسية شديدة ليعبر عن جيل كامل من الشباب أبناء الطبقة الوسطى الذين باتوا يعانون اقتصاديًا فاقدين الأمل حتى في حلول الآباء الكلاسيكية مثل اللجوء لـ"شغلانة بعد الضهر" لعلها تضبط الميزان.

إذا كان أحمد عاطف فياض قد راهن في "بالطو" على تجاربه الشخصية كطبيب حديث التخرج، وتناول بسخرية عابثة كواليس الوحدات الصحية المتطورة شكلًا لا مضمونًا، فهو في "كارثة طبيعية" عبر عن حال جيل كامل بات إما عازفًا عن الزواج أو معتنقًا "اللانجابية"، أو مفضلًا لإنجاب طفل وحيد حيث لا مجال لأحلام "العزوة" في سنوات التضخم العصيبة، وكل ذلك من خلال واقعة نادرة افترض أنها ستطال مواطنًا بسيطًا قرر مع شريكة حياته تأجيل الإنجاب لحين تحسن الأحوال، فصدمته الزوجة بسباعية دفعة واحدة.

بالتأكيد ستحمل الحلقات المتبقية الكثير من المواقف التي تشرح الحالة الاجتماعية للطبقة التي يتناولها المسلسل، لكن يُمكن القول أن "فياض" والمخرج حسام حامد في أول تجاربه، نجحا في صناعة إيقاع درامي يجذب المتفرج، بدايةً من "صدمة الأطفال السبعة" وصولًا لأن يضع المشاهد نفسه مكان "محمد شعبان" وهو يحاول الخروج سالمًا من "حسبة برما".

 

اللافت في العمل أيضا أنه يناقش قضايا أخرى دون أن يفصلها عن القصة الرئيسية، فياض يقدم لأول مرة شخصية تنتشر بغرابة في الوسط الفني المصري، الشخص المقتنع بأنه سيناريست فيما هدفه الأساسي تحسين حالته المادية، سائق الأوبر بطل في العمل سواء من خلال محمد شعبان أو صديقه، فيما الأب المنتمي للجيل الأقدم يعتبره سائقه الخاص، قضايا المستشفيات حاضرة أيضًا حيث مصروفات العلاج الخاص، ليكمل المؤلف الصورة التي بدأها من الوحدة الصحية بطرشوخ الليف.

موسيقى خالد الكمار عبّرت عن الملهاة التي يعيشها البطل وسترتفع وتيرتها مع بداية مشكلات الأطفال في الحلقات المقبلة، فيما أندهش من المندهشين بسبب الأداء الرفيع "المعتاد" لحمزة العيلي، والذي يمثل في "كارثة طبيعية" وقد تبادل الأدوار مع محمد سلام، فالأخير اعتاد مركز "صانع الألعاب" خصوصًا في الكبير أوي، حيث الـ"وان تو" مع أحمد مكي، وهي المهمة التي تولاها العيلي بكفاءة ليمنح لسلام فرصة تجسيد مشاعر البطل بكل تنويعاتها دون الاكتراث بعدد الإفيهات.

 

"كارثة طبيعية" أكد أن الجمهور حتى وهو منحاز عاطفيًا فإنه متذوق للفن الجيد المصنوع من أجله لا من أجل "ريلز الفيس بوك"، وأكد أيضًا أن نجاح "بالطو" لم يكن استثناءً، وأن جيل المخرجين الجدد به الكثير من الموهوبين المنتظرين لفرصة مناسبة كحسام حامد، وأكد أخيرًا أن "سلام" يستحق البطولة الأولى حتى وإن حصل عليها في ظروف شديدة الاستثنائية فعلى رأي المثل "رب ضارة نافعة".

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز