
وزير النقل: الربط الملاحي بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط شريان حياة يستهدف التنمية بقارة إفريقيا

سامي عبدالرحمن
قال وزير النقل كامل الوزير، إن مشروع الربط الملاحي بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط، يأتي في ظل ما تمله القارة الإفريقية من موارد وثروات طبيعية هائلة يحقق استغلالها على الوجه الأمثل طفرة كبيرة في تطور معدلات التنمية وزيادة الناتج القومي لدول القارة.. موضحا أن تطوير البنية التحتية لشبكات النقل في القارة يعد عنصرا رئيسيا في تحقيق هذه النهضة المأمولة، ويأتي مشروع الممر الملاحي بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط كأحد الرؤى الهامة لتحقيق هذا الهدف النبيل، حيث يمثل هذا المشروع شريانا حيويا للنقل في تنمية التجارة البينية بين دول الحوض.
جاء ذلك في كلمته اليوم الاثنين خلال الاجتماع الوزاري الأول لإعداد الجدوى الاقتصادية للمرحلة الثانية لمشروع الممر الملاحي بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط، بحضور وزراء النقل بدول حوض النيل ومنظمة "الكوميسا" ومفوضية البنية التحتية التابعة للاتحاد الإفريقي.
وأكد كامل الوزير أن مصر تولي أهمية خاصة للمشروع، مشيرا إلى توجيه الرئيس عبدالفتاح السيسي لوزارة النقل بالعمل على تدشين الاجتماع الوزاري الأول لوزراء النقل، وذلك في ضوء الأهمية الاستراتيجية لهذا المشروع.
وشدد على أهمية المشروع في تحقيق التكامل الإقليمي ومساهمته في أجندة "إفريقيا 2063" لبرامج البنية التحتية، بإطلاق أنشطة الجزء الأول من المرحلة الثانية من دراسة الجدوى لمشروع "VICMED"، والإتفاق على خطة العمل للخطوات التالية المتعلقة بالمشروع، وذلك للاستفادة من المميزات التنافسية الكبيرة للنقل النهري في توفير الوقود وخفض تكلفة صيانة الطرق وتقليل الاختناقات وخفض الإنبعاثات الكربونية والغازات الدفيئة، والعمل على فتح أسواق جديدة للاستثمار، خاصة وأن المؤشرات المبدئية لدراسات ما قبل الجدوى للمشروع تؤكد إيجابيته من الناحية الاقتصادية والبيئية والاجتماعية.
وأشار الوزير إلى المكانة الخاصة لنهر النيل لدى المصريين منذ فجر التاريخ وحرصهم على ترسيخ وتعظيم قيمة نهر النيل وتفننوا في إدارته، واتخذوا الإجراءات اللازمة بما يضمن استدامة عطائه، وسلك المصريون عبر الأجيال درب آبائهم وأجدادهم في الحفاظ على المياه واستغلالها بالصورة المثلى لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتعتمد مصر مقاربة شاملة تستهدف إرساء دعائم التنمية من خلال رؤية قارية إفريقية تستند إلى مقومات التاريخ المشترك ووحدة المصير وإعلاء مصالح الشعوب.
وأضاف أن المشروع يستهدف تعزيز التعاون مع الأشقاء بما يعود بالنفع على الجميع في إطار العلاقات الأزلية التي تربط دول وشعوب حوض النيل.
ولفت الوزير إلى أن المشروع يهدف إلى تحقيق التكامل الاجتماعي والاقتصادي من خلال تحقيق نظام نقل متعدد الوسائط ومستدام ومتكامل ليكون ممراً للتنمية ويعزز مساهمة الدول المتشاطئة في النظام الاقتصادي العالمي.. منوها بأن هذا الممر الملاحي ليس سابقة فريدة من نوعها، وهناك تجارب عديدة في إنشاء ممرات للنقل النهري باستغلال الأنهار كما حدث في ممر أنهار (الدانوب - مين - الراين)، والتي تمر خلال 15 دولة أوروبية لتحقق لدولهم التنمية والتكامل، والأمثلة في قارات العالم متنوعة متى توفرت الإرادة في استغلال مواردها الطبيعية التي وهبها الله للدول المتشاركة في أحواض هذه الأنهار.
وأوضح كامل الوزير أن مشروع إنشاء طريق ملاحي بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط يأتي في إطار المبادرة الرئاسية للبنية التحتية بمشاركة مصر كدولة راعية للمشروع ويسعى إلى تمكين الملاحة على طول نهر النيل من بحيرة فيكتوريا إلى البحر المتوسط؛ مما يتيح للدول المتشاطئة الوصول إلى البحر المتوسط، ويعزز التكامل الإقليمي، ويعتبر أقصر الطرق لربط دول الحوض والدول الحبيسة داخل القارة تلك التي لا تطل على بحار أو محيطات بقارة أوروبا.
وأضاف أن الحكومة المصرية أعدت دراسات ما قبل الجدوى بتكلفة 500 ألف دولار التي اكتملت في مايو 2015، وأنشأت وموّلت وحدة لمتابعة أنشطة المشروع في القاهرة للإشراف على الدراسات بالتشاور مع سكرتارية "الكوميسا"، وتم الانتهاء بنجاح من المرحلة الأولى لدراسة الجدوى للمشروع التي تم تمويلها من قبل البنك الإفريقي للتنمية بقيمة 650 ألف دولار من خلال مصر بصفتها الراعية للمشروع تحت إشراف الكوميسا ومشاركة الدول ذات البصمة، وذلك من خلال اللجنة التوجيهية للمشروع والتي تم تكوينها من أعضاء من كل الدول المعنية.
وتابع أن مصر تواصل التنسيق مع شركاء التنمية في الاتحاد الإفريقي لتمويل المرحلة الثانية لدراسة الجدوى والبدء في تنفيذ المشروع، منوهًا بالمؤشرات الإيجابية لأهمية المشروع أنه تم وضعه ضمن خطة العمل ذات الأولوية رقم 2 لبرنامج تنمية القدرات الخاصة في إطار الاتحاد الإفريقي ضمن المرحلة الثانية من برنامج تطوير البنية التحتية في إفريقيا لفترة من (2020 - 2030).
ولفت إلى أن المدة الإجمالية المقدرة للجزء الأول من المرحلة الثانية لدراسة الجدوى 36 شهرًا من تاريخ التدبير والموافقة على المنحة التي تقدر بحوالي 11,7 مليون دولار، سيقدم منها الصندوق الخاص لإعداد مشاريع البنية التحتية التابع لنيباد مبلغ 2 مليون دولار من شركاء التنمية، بالإضافة إلى مساهمة تقدمها الحكومة المصرية بقيمة 100 ألف دولار.
وأشار الوزير إلى أن المشروع يتوافق مع برنامج إقليمي للكوميسا، وتم تحديد أولوياته من قِبل الدول الأعضاء المعنية ويتماشى بشكل مميز مع الأهداف والأولويات التشغيلية للصندوق الخاص لإعداد مشروعات البنية التحتية التابع لنيباد، ويساهم في تقديم البنية التحتية الاقتصادية اللازمة لتحقيق نتائج إنمائية ملموسة.
وشدد الوزير على حرص مصر الدائم في تعاملها مع نهر النيل وتطبيق قواعد ومبادئ القانون الدولي ذات الصلة بالأنهار المشتركة وفي مقدمتها التعاون والتشاور في إطار إدارة الموارد المائية العابرة للحدود، وهى القواعد والمبادئ الحتمية لضمان الاستخدام المشترك والمنصف لتلك الموارد.. مشيرا إلى سعي الدولة لتعظيم ثروة حوض النيل لينعم بها جميع دول الحوض وذلك بدلًا من التحرك فرادى، متنافسين على نحو غير تعاوني بما يسفر عن تنمية محدودة، وقاصرة في حجمها ونطاقها، وذلك في إطار رؤية راسخة بالعمل معاً بغرض تكريس وتقاسم الإزدهار.
وشدد وزير النقل على إيمان مصر بضرورة التعاون مع الدول الشقيقة لخدمة أهداف التكامل الاقتصادي الإقليمي والقاري والعمل على تذليل أي عقبات تواجهها باعتباره ذلك السبيل الأمثل لتحقيق النمو والازدهار لدول وشعوب حوض النيل.
وعبر الوزير عن استعداد وزارة النقل لتقديم كافة أشكال الدعم الفني وتبادل الخبرات ليس فقط في مجال النقل النهري، ولكن في كافة مجالات النقل المختلفة مع الأشقاء لتحقيق أهداف الشعوب المشتركة في التنمية.
من جانبه، قال السفير حمدي لوزا نائب وزير الخارجية، إن مشروع الربط الملاحي بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط، يستهدف تسهيل حركة التجارة بمنطقة البحيرات لخدمة الدول الحبيسة، وتسهيل التجارة عبر بوابة البحر المتوسط، ومراعاة الطبيعة الخاصة لدول حوض النيل، وللحد من الانبعاثات الكربونية الضارة.. مشيرا إلى أن مصر تستهدف أن يكون المشروع جاذبًا للسياحة والتجارة؛ ما دفعها للسعي إلى الترويج للمشروع ضمن المبادرة الرئاسية للبنية التحتية، وما أعقبه من تبني الكوميسا للمشروع ضمن تنمية البنية التحتية الإفريقية.
جاء ذلك خلال الاجتماع الوزاري الأول لإعداد الجدوى الاقتصادية للمرحلة الثانية لمشروع الممر الملاحي بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط، بحضور وزراء النقل بدول حوض النيل ومنظمة "الكوميسا" ومفوضية البنية التحتية التابعة للاتحاد الإفريقي.
وأضاف أن مصر استضافت مائدة مستديرة للترويج للمشروع خلال أسبوع للمياه، ما دفع بنك التنمية الإفريقية بتوفير 2 مليون دولار لتمويل المرحلة الثانية من دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع.
وأعرب السفير حمدي لوزا عن تمنياته عن تضافر الجهود حتى الانتهاء من مرحلة دراسات الجدوى وما يعقبها من تدشين المشروع، مشيرا إلى التمنيات من توفير التمويل اللازم لدراسات الجدوى والتحرك المشترك مع الجهات المانحة والمنظمات الإفريقية ذات الصلة.
بدوره، ثمن إدوارد كاتومبا وزير الأشغال والنقل بجمهورية أوغندا، دور مصر الحيوي والمحوري في الدفع بمشروع الربط الملاحي بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط، مشيرا إلى أن المشروع سيحقق تطويرًا جوهريًا في البنية التحتية لدول القارة المتشاطئة على نهر النيل، فضلًا عن كونه يعد أولوية قصوى لتحقيق الاستدامة لكل دول الحوض.
وقال إن تحقيق هذا المشروع سيربط دول إفريقيا على مختلف مستويات النقل بحرا وجوا وبرا، لافتًا إلى أن تدشين دراسات الجدوى يمهد لتحقيق المشروع واستخدامه في النقل، لأنه يزيد من قدرة الناس عل الانتقال والتجارة وتبادل السياحة والثقافة.
وجدد وزير الأشغال والنقل بجمهورية أوغندا التزام بلاده تجاه المشروع، الذي سيحقق الدعم الاستراتيجي نحو تحديث بنية مستدامة.. مشيرا إلى أنه مشروع إقليمي يحقق الاستفادة المثلى من الموارد الطبيعية للمياه في النقل.
ومن جانبه، أكد هشام أبو زيد وزير النقل بالسودان، أهمية المشروع وضرورة استكمال جميع دراسات الجدوى المتعلقة بالمشروع، والتي ينبغي أن تكون شاملة وتتضمن الدراسات الاجتماعية والمجتمعية ودراسة التغيرات التي يمكن أن تحقق الاستدامة للمشروع، وحجم النقل النهري بين دول حوض النيل، وأثره على توزيع السكان، والأعمال اليومية والحياتية في الدول المشاطئة للنهر، وتأثيرها على الصناعة والزراعة.
وعزا أبو زيد أهمية دراسات الجدوى لتقدير الواقع لما هو مطلوب من مشروعات، والتأثير على الصناعات المحلية التقليدية، التي ستنشأ بنجاح المشروع.. مؤكدا حرص السودان على إكمال دراسات الجدوى في كافة الجوانب.
ولفت وزير النقل السوداني، إلى التاريخ وتجارب التعاون المشتركة في مجال النقل بين مصر والسودان، والتي يمكن أن تعبر عن رؤية واضحة لنجاح هذا التعاون لباقي دول حوض النيل.
وأشار أبو زيد إلى أهمية إدراج معامل التغير المناخي في دراسات الجدوى والتي تنذر بتأثر حجم المياه الواردة من نهر النيل خلال مئات الأعوام وغير شكل طبيعة استخدام حوض النيل.
بدوره، قال زهير زكايو ممثل وزارة النقل بجمهورية جنوب السودان، إن مشروع الربط الملاحي بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط، يعد لأول مرة لتسهيل عملية النقل بين دول حوض النيل.. مثمنًا الدور المصري، في التنسيق من أجل جذب الاهتمام الدولي والجهات المانحة لتمويل هذا المشروع الضخم والتزامها تجاهه.
وأضاف أنه من المتوقع أن ينجح هذا المشروع بإطلاقه في توفير الفرص الحقيقية للاستدامة وتطوير البنية التحتية للدول الأعضاء، فضلًا عن فرص العمل والمشروعات الاستثمارية والسياحية والثقافية التي سترتبط به.