عاجل
الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
طاهري والصقر وبداية جديدة!

الغربة الثانية ٥٣

طاهري والصقر وبداية جديدة!

مع النزوح الجبري للصحافة اللبنانية، أو صحف اضطرت للهجرة، ودخول الرأسمال العربي مجال النشر خارج حدود بلادها؛ اختلطت المفاهيم بين الصحافة الدولية والطبعة الدولية. فالصحافة الدولية هي التي تطبع بأعداد كبيرة وتوزَع بواسطة قنوات التوزيع والمجلات برأسمال كبير، وتصدر عن مؤسسات أو شركات. من هنا فإن كلمة صحف دولية تستمد معناها من خلال مفهوم التوزيع الواسع والمتعدد الدول.



 

أما الطبعة الدولية للصحف فهي وسيلة مهمة من وسائل الاتصال الدولي، حيث يمكنها المساهمة مع باقي الوسائل المعروفة في إيصال موقف الدولة السياسي والإعلامي إلى القارئ، ويمكن أن نقول أن أهداف إصدار طبعة دولية عربية مثلًا للصحافة في الخارج هي:

تقديم المعلومات والخدمات للصحفيين العرب والجاليات المقيمة بالخارج، وشد المواطنين العرب إلى أخبار الوطن الأم وما يجرى فيه من أحداث، وتلقي الأخبار من دولتهم صحيحة ومباشرة دون تحريف ووسيط، مع تعميق ارتباط الإنسان بالوطن.

 

كان عام ١٩٨٤ بداية انطلاق الطبعات الدولية للصحف العربية في عاصمة المملكة المتحدة. جريدة الأهرام كانت السبّاقة، فقد صدر العدد الأول لطبعتها الدولية، بعد أن نُقلت صفحاتها بواسطة الأقمار الصناعية لتطبع في لندن يوميًا، وتوزع في مدن أوروبا وأمريكا وكندا. وأصبحت منذ عام ١٩٨٦ تطبع أيضًا في نيويورك لتوزع في كندا والأمريكتين. وفي عام ١٩٩٤ أصبحت تطبع في فرانكفورت لتوزع في شمال إفريقيا، فضلًا عن أوروبا. لم أحظ بعقد طباعة الأهرام، فمشروعي لتأسيس مطبعة في لندن كان ما زال في مرحلة الإعداد، وكان إبراهيم نافع قد تولى رئاسة المؤسسة وقتها بعد وصول عبد الله عبد الباري الذي كان يرغب في التعاقد معي لسن التقاعد وبلوغ سن المعاش. ورغم أنني ترددت على إبراهيم نافع أثناء زياراته المتكررة لمكتب الأهرام بلندن، بعد أن تولى رئاسة مؤسسة الأهرام، إلا أنه فضل الاستمرار في تعاقده مع المطبعة الإنجليزية، حسب سياسة (اللي نعرفه أحسن من اللي ما نعرفوش). 

 

قبل أن يكتمل إنشاء المطبعة وتدور أسطوانتها، زارني صحفي إيراني ا. أمير طاهري، مبديًا رغبته في التعاون لإعادة إصدار جريدة "كيهان" من لندن، التي كان يرأس تحريرها في إيران. كان طاهري رئيس تحرير تنفيذي لـKayhan، وهي صحيفة يومية إيرانية "مؤيدة بقوة لشاه إيران، وعضو في مجلس أمناء المعهد الإيراني للدراسات السياسية والاقتصادية الدولية في طهران". 

 

خرج طاهري من إيران بعد الثورة الإسلامية في عام ١٩٧٩، وأصبحت البيئة الإعلامية الإيرانية أكثر سيطرةً وقمعية من قِبل الدولة. وفي السنوات الأولى كان هناك حملة واسعة النطاق لاعتقال وإعدام الصحفيين الذين دعموا نظام بهلوي. تمكّن القضاة من إصدار أحكام تتراوح بين السجن والجلد إلى أحكام الإعدام. 

 

شغل طاهري أيضًا منصب رئيس تحرير Jeune Afrique ومراسل الشرق الأوسط لصحيفة لندن صنداي تايمز، وكتب لصحيفة باكستان ديلي تايمز، وديلي تلغراف والجارديان وديلي ميل. كان عضوًا في المجلس التنفيذي لمعهد الصحافة الدولي. طاهري معلِق في سي إن إن وكثيرًا ما تُجرى مقابلات معه من قِبل وسائل الإعلام الأخرى، بما في ذلك بي بي سي وRFI. كتب العديد من الأفلام الوثائقية التلفزيونية التي تتناول مختلف قضايا العالم الإسلامي. وقد أجرى مقابلات مع العديد من قادة العالم، بما في ذلك الرؤساء ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد وجيمي كارتر ورونالد ريجان وبيل كلينتون والملك فيصل وميخائيل جورباتشوف والرئيس أنور السادات وتشو إنلاي وإنديرا غاندي والمستشار هيلمت كول.

 

نشر طاهري عدة كتب بعضها ترجم إلى عشرين لغة. في عام ١٩٨٨ اختارت دار النشر الأسبوعية في نيويورك دراسته للإرهاب الإسلامي: الإرهاب المقدس: داخل عالم الإرهاب الإسلامي، كواحد من أفضل كتب العام. يناقش أحدث كتبه "الليلة الفارسية: إيران في ظل الثورة الخمينية" (٢٠٠٩)، تاريخ الجمهورية الإسلامية والمشهد السياسي الحالي والطموحات الجيوسياسية. 

 

حرفية طاهري العالمية أبهرتني، وعليه اتفقنا على القيام بتدريب فتيات إيرانيات على مهمة صف الأحرف إلكترونيا، اختارهن وقدمهن، وبدأنا في تدريب عشر فتيات يُجِدن لغتهن، على أن نقدم نحن بقية الخدمات والطباعة. وعادت "كيهان" لقرائها منطلقة من مطابعنا. 

 

عاد إليّ وفائي دياب برصيده من الخبرة في الصحافة العربية، ليس لتقديم يده بالمساعدة في تدبير التمويل لمشروعي بإنشاء مطبعة، بل كمدير لمكتب جريدة القبس في العاصمة البريطانية، كعميل يرغب في التعاون مع المطبعة التي ساعد في تأسيسها، فقد قررت جريدة القبس إطلاق طبعتها الدولية أسوة بالأهرام. قدمني الصديق الوفي وفائي لمحمد جاسم الصقر رئيس تحريرها، وهو صحفي نابه، محب للأدب، وعاشق للبلاغة، يزين بها كتاباته من مقالات وحوارات، وتغطيات صحفية، واحد من أبرز رؤساء التحرير الذين توالوا على جريدة القبس منذ صدورها في ٢٢ فبراير ١٩٧٢، وكان من الذين تركوا بصمات راسخة على صفحات الجريدة. منذ تولى رئاسة تحريرها، التقي أبرز القادة والزعماء والملوك والرؤساء، واستطاع بذكائه وبراعته في المحاورة أن يكشف الأسرار، ويخرج بأدق وأهم التصريحات على أفواه ضيوفه، ليقدم في كل حوار وجبة صحفية للقراء. وبالإضافة لكونه صحفيًّا بارزًا، فهو سياسي واقتصادي مخضرم، إذ حاز عضوية مجلس الأمة ٥ دورات متتالية، منذ ١٩٩٩ إلى ٢٠٠٨، وترأس البرلمان العربي، ومجلس العلاقات العربية الدولية، وأخيرًا رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الكويت بالتزكية منذ ٦ إبريل ٢٠٢٠. وبالمناسبة ومع بداية هذا العام حضر الصقر للقاهرة، والتقي الرئيس السيسي في القاهرة لمناقشة أوجه التعاون بين مصر والكويت. 

 

الاتفاق مع "القبس" تضمن توظيف التقنيات الحديثة من أجهزة الفاكسميلي، وتعتمد على خط تليفون رقمي من نوع DSL) Digital Subscriber Line) في إرسال واستقبال صفحاتها، وخط رقمي من نوع ISDN) Integrated System Of Digital Networks). من خلال النظام ترسل صفحات الجريدة إلى مطابعنا في لندن حيث تنقل الصفحات إلى أفلام ومنها للوحات الطباعية حيث تطبع وتوزع في نفس لحظة تداولها في الكويت، من خلال أجهزة "مايوراهيد".

 

تم تركيب الأجهزة وتدريب الابن شريف مودي، الذي كان قد أنهى دراسته بلندن كوليج أوف برنتنج London College of Printing على إدارة النظام التقني الجديد. التجارب الأولية كانت مذهلة ونجحنا مع القبس في استلام صفحات العدد الأول من الطبعة الدولية، ودارت وحدات ماكينة الـGoss ليصدر العدد الأول من القبس الدولية…….

 

صدر العدد الدولي من القبس في ٢٠ مايو ١٩٨٥، متصدرًا حديثا شاملا عن القضايا العربية للملك حسين بن طلال ملك الأردن مع رئيس تحرير القبس محمد جاسم الصقر، تحدث فيه عن الاتفاق الأردني- الفلسطيني، واستراتيجية السلام العادل والشامل لتحرير الأراضي العربية المحتلة عام ١٩٦٧. المقال اختتمه الصقر بسؤال مهم لجلالة الملك عن كيفية لمّ الشمل العربي بصفته أقدم الزعماء العرب؟

 

وأجاب الملك: يتم لمّ الشمل العربي عندما يشعر كل أخ عربي بأنه لا واحد منا سيبقى وأن الأمة هي الباقية، وأن واجبنا ليس العمل ليومنا فقط وإنما للأجيال المقبلة.

 

في نهاية اللقاء الصحفي أشاد العاهل الأردني بمشروع الطبعة الدولية من القبس، وهنأ رئيس التحرير على هذه الخطوة التي يأمل أن تكون في خدمة القارئ العربي وقضايا العرب الإعلامية، ووصف الملك القبس الدولي بأنه يعتبر مسؤولية كبيرة.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز