" الإخوان الإرهابية".. تاريخ دموي ضد السياسيين من أجل كرسي السلطة
أمنية فوزي
لم تكن مصر فقط من شهدت الكثير من اغتيالات رجالها السياسيين من قبل جماعة الإخوان الإرهابية، بل شهد التاريخ الأسود لجماعة الإخوان الإرهابية، أن جرائمهم البشعة ما بين اغتيالات وتفجيرات، هي عرض مستمر في معظم الدول العربية، حيث كانت تلك أساليب الجماعة الإرهابية، منذ نشأتها عام 1928 على يد حسن البنا، ففى تونس لم تفوت الجماعة الإرهابية فرصة الأحداث التونسية، التي اندلعت في 17 ديسمبر عام 2010، للاستحواذ على الحكم، وقامت بدعم المتظاهرين، إلى أن نجحوا في تنفيذ أهدافهم، وهو لم الشمل وتنظيم مكوناتهم والحصول على ترخيص لحزبهم في مارس 2011.
وبدأت رحلة الجماعة الإخوانية في تونس، في تحقيق أهدافها واستراتيجياتها الدولية، وتغليب مصلحتها الخاصة على المصلحة العامة للشعب التونسى، التي تغنت بها فى البداية، فبدأت التجاوزات الإخوانية الإرهابية فى الظهور، من خلال الاعتداءات المتكررة على المثقفين والمعارضين والقادة السياسيين، مثل؛ "نجيب الشابى ونورى بوزيد ويوسف الصديق"، إلى جانب سوء إدارتها للملف الأمنى، وتعاملها بوحشية مع الحراك الشعبى.
وتصدر المشهد التونسي ملف الاغتيالات السياسية، بعد أن أذنت وزيرة العدل "ليلى جفال"، بفتح تحقيق قضائى لمتابعة المتورطين، فيما بات يعرف بـ "الجهاز السري لحركة النهضة"، ويأتى هذا القرار على خلفية شكوى قضائية، رفعتها أخيرًا هيئة الدفاع عن المعارضين السياسيين، اللذين اغتيلا وهما شكرى بلعيد، الأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد ومؤسس تيار الجبهة الشعبية، ومحمد البراهمى، المنسق العام لحزب التيار الشعبى.
شكري بلعيد
في فبراير عام 2013، تم اغتيال السياسي شكري بلعبد، عن عمر يناهز 49 عاما، بعدما أطلق عليه مسلحون النيران أصابته منها 4 رصاصات؛ واحدة بالرأس وواحدة بالرقبة، ورصاصتان بالصدر عقب مقابلة تليفزيونية، اتهم فيها حزب حركة النهضة الإخواني بالتشريع للاغتيال السياسي.
وقد شكلت جريمة اغتياله محطة فارقة في تاريخ تونس بعد سقوط نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن على.
محمد البراهمي
وجاءت من بعده جريمة اغتيال محمد البراهمي، نائب المجلس الوطني التأسيسي، في 25 يوليو عام 2013، حيث أطلقوا عليه وابل من الرصاص من سلاحين اثنين، فاخترقت جسده 14 رصاصة.
وينتمى البراهمي إلى المدرسة القومية الناصرية، وهو رجل سياسى ونقابى قاوم الاستبداد فى عهدى بورقيبة وزين العابدين بن على، وتعرض للسجن والتنكيل، لكنه لم يتخل عن مبادئه وقيمه رغم الترهيب والترغيب اللذين مورسا معه طويلاً.
وانطلق حراك 17 ديسمبر 2010 الذي أطاح برأس النظام وقتها زين العابدين بن على، من مسقط رأسه مدينة سيدى بوزيد، وكان "البراهمى" من أبرز المحركين لهذا الحراك الذي نقلوه إلى بقية المحافظات حتى يوم فرار "بن على" وأسرته إلى الخارج.
وكان "البراهمى" نائباً بالمجلس الوطني التأسيسى فى هذه الفترة، وكان متصدياً شرساً لجماعة الإخوان فى تونس، وفضح تمويلاتهم الأجنبية، وتحدث طويلاً عن دورهم القذر في الحرب على سوريا، ثم حيا الشعب المصري العظيم وجيشه الوطني خلال ثورة 30 يونيو 2013، معتبراً أن الشعب المصري استعاد ثورته، وكلها أسباب جعلتهم يتخذون القرار باغتياله يوم 25 يوليو 2013.
ليبيا والإخوان
وفي سياق ذات صلة، كانت الدولة الليبية قد استضافت، قيادات الإخوان على أراضيها شريطة ألا يمارسوا العمل السياسي، لكن كعادته لا يلتزمون بعهد ولا ميثاق، حيث تورطت عناصرها في أول جريمة اغتيال سياسية في ليبيا عام 1954، عندما شاركوا في اغتيال "إبراهيم الشلحي"، الذي كان مقربا من العائلة المالكة في البلاد.
وبدأ ظهور الجماعة في نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات، وباشرت في تشكيل جناح سري، وظهر الإخوان بشكل جلي خلال أحداث الطلبة عام 1962 التي شاركت فيها جماعات سياسية أخرى، وظهرت كوادر إخوانية تمارس العمل السياسي.
كما بدأ الإخوان في تشكيل أجنحة سرية في الجيش وتجنيد الضباط وفي التسلل إلى مؤسسات الدولة والتخطيط لاغتيالات، في سيناريو يشبه كثيرا ما حدث في مصر بغية الوصول إلى السلطة.
عبدالسلام المسماري
كما تم اغتيال المحامي الليبي عبد السلام المسماري، الذي كان غصة بحلق التنظيم الإرهابي في ليبيا، في يوليو 2013، على يد أحد التنظيمات المتطرفة التابعة لـ"الإخوان"، بعد أن أمطرته بوابل من الرصاص فور خروجه من مسجد بوغولة بمنطقة البركة في مدينة بنغازي شرقي ليبيا، والذي أدى فيه آخر صلاة جمعة له.
ورغم تمكن التنظيم الإرهابي وأعوانه من قتل المسماري، إلا أن الأخير والذي يعد أحد أيقونات أحداث 2011 التي أطاحت بنظام العقيد معمر القذافي، استطاع مبكرًا كشف ألاعيب "الإخوان"، بشكل جعل منه "عدوهم الأول".
ففي 2011 كان الليبيون حديثي عهد بالسياسة، وخاصة بعد أن ودعوا نظامًا شموليًا، إلا أن عبد السلام المسماري كان على قدر من الفطنة والحنكة والخبرة السياسية مكنته مبكرًا من كشف خطورة تنظيم الإخوان على أمن ووحدة واستقرار بلاده.
ورغم أن ذلك الوقت كانت أغلب المؤسسات الإعلامية تتبع للتنظيم "الإرهابي"، إلا أن المسماري سخر جل وقته للكتابة والظهور على الشاشات، فاضحًا "الإخوان"، وجناحهم المسلح الإرهابي دون خوف، حتى أطلق عليه اسم "المناضل".
الجدير بالذكر أن نضال المسماري لم يكن في ذلك الوقت عبر الشاشات فقط بل إنه استخدم علاقاته أحيانًا في منع تنظيم الإخوان من تحقيق أجنداته السياسية عبر السلطة، كونه كان يترأس ائتلاف "ثورة 17 فبراير"، وهي المؤسسة "الثورية" الأبرز آنذاك والمكونة من محامين وحقوقيين ونشطاء سياسيين جميعهم من قيادات الثورة.
مقولته الشهيرة التي كانت تنص على: "لابد من ليبيا وإن طال النضال"، حققها المسماري، على أرض الواقع، فبات "يناضل"، حتى لفظ أنفاسه الأخيرة.
إلا أن التنظيم الإرهابي لم يفلح في إسكات الأصوات المناوئة له؛ فالمسماري ترك منهجا لجيل كامل سار على خطاه في مقارعة الإرهاب ومحاربة الإخوان مهتدين بمواقفه.
وعندما برز أسم اللواء عبدالفتاح يونس كقائد للثورة الليبية وايقنت الجماعة الإرهابية أنه الشخص المؤهل للقيادة بعد إسقاط نظام القذافي أغتالته الجماعة الإرهابية بدم بارد في مدينة بني غازي الليبية.
أما عن جرائم الإخوان في الاغتيالات السياسية بمصر التي شهدت انطلاق جماعة الإخوان الإرهابية، فحدث ولا حرج، حيث اعتمدت الجماعة، العنف استراتيجية للوصول إلى مبتغاها من السلطة، فمنذ نشأتها اتخذت الجماعة من العنف، وتحديدا جرائم الاغتيال، سبيلا لترويع كل من يخالفها الرأي، فقد اغتالت عناصرها القاضي أحمد الخازندار، ورئيس الوزراء أحمد ماهر، ورئيس وزراء مصر محمود فهمي النقراشي، والمفكر فرج فودة، ورئيس مجلس الشعب رفعت المحجوب، والنائب العام هشام بركات، فكان الاغتيال هو السلاح في يد الجماعة الإرهابية، الذي تروع به كل من يخالفها الرأي.
وكانت اغتيالات الجماعة الإرهابية للسياسيين المصريين، قد بدأت في أربعينيات القرن الماضي، باغتيال رئيس وزراء مصر أحمد ماهر، يوم ٢٤ فبراير عام 1945، في قاعة البرلمان، ثم اغتيال القاضي أحمد الخازندار عام 1948، حيث كانت هناك قضية ينظرها القاضي أحمد الخازندار، تخص تورط جماعة الإخوان المسلمين في تفجير دار سينما مترو، وبسببها وفى صباح 22 مارس 1948 اغتيل الخازندار أمام منزله في حلوان، عندما كان متجها إلى عمله، على أيدى شابين من الإخوان هما: محمود زينهم وحسن عبد الحافظ، سكرتير حسن البنا.
اغتيال محمود فهمي النقراشي
وعندما قرر محمود فهمي النقراشي، رئيس وزراء مصر عام 1948، حل جماعة الإخوان المسلمين، قام الإخواني عبد المجيد أحمد حسن،، باغتيال النقراشي باشا.
محاولة اغتيال جمال عبدالناصر في المنشية
ويوم 26 فبراير 1954، وبمناسبة توقيع اتفاقية الجلاء، وقف الرئيس الراحل جمال عبد الناصر يلقي خطابا بميدان المنشية بالإسكندرية، وبينما هو يلقي الخطاب، أطلق محمود عبد اللطيف، أحد كوادر النظام الخاص لجماعة الإخوان، ثماني طلقات نارية من مسدس بعيد المدى باتجاه الرئيس ليصاب شخصان وينجو الرئيس عبد الناصر.
اغتيال النائب العام هشام بركات
وفي 29 يونيو عام 2015، قامت جماعة الإخوان الإرهابية، باغتيال النائب العام هشام بركات عندما تحرك موكبه من منزله بشارع عمار بن ياسر بالنزهة، وبعد حوالى 200 متر تم اغتياله، حيث انفجرت سيارة ملغومة كانت موجودة على الرصيف وفارق الحياة فى أعقابها.
كما اغتالت الجماعة الإرهابية في نفس العام ٤ قضاة وإصابة خامس أثناء استقلال القضاة ميني باص تابع لوزارة العدل بمدينة العريش في شمال سيناء، كما استهدفت في عمليات اغتيال فاشلة المستشار زكريا عبد العزيز النائب العام المساعد، والمستشار أحمد أبو الفتوح الرئيس، بمحكمة الاستئناف وأحد أعضاء هيئة محكمة جنايات القاهرة التي سبق وأصدرت حكمها بمعاقبة الرئيس الأسبق محمد مرسي، وآخرين من قيادات جماعة الإخوان الإرهابية بالسجن المشدد لمدة تراوحت ما بين 20 عاماً إلى 10 أعوام، ومحاولة اغتيال المستشار معتز خفاجي رئيس محكمة جنوب القاهرة وقاضي أحداث مكتب الإرشاد.