"الأطباء البيطريين" توصي بإنشاء صندوق قومي لمكافحة الأمراض
محمود جودة
كشفت الحلقة النقاشية التي عقدتها النقابة العامة للأطباء البيطريين، برئاسة الدكتور خالد سليم النقيب العام، من خلال لجنة الثروة الحيوانية ومقررها الدكتور أحمد البنداري عضو المجلس، أول أمس الثلاثاء، بمقر نادي الأطباء البيطريين بالعجوزة، برئاسة الدكتورة شيرين زكي وكيل النقاب، عن قرب إعلان معهد المصل واللقاح البيطري بالعباسية عن لقاح فموي لمرض السعار آمن، وذلك بعد الانتهاء من كافة مراحل التجارب اللازمة له.
"قرب الإعلان عن لقاح فموي للسعار للكلاب الضالة"
قال الدكتور خالد سليم النقيب العام للأطباء البيطريين، إن الحفاظ على صحة الإنسان يبدأ من الحفاظ على صحة الحيوان والوقاية من الأمراض الوبائية والمشتركة وفي مقدمتها مرض السعار الذي أصبحت عديد من الدول خالية منه، والذي نأمل أن تصبح مصر خالية منه في القريب العاجل، وفقا لسياسة الدولة ومنظمة الصحة العالمية وكافة الجهات المعنية، مشيرا إلى أن حالات السعار بين البشر في مصر تتراوح من 120 إلى 150 حالة.
وأضاف سليم، خلال كلمته، إن الطبيب البيطري هو المعنى الأول بمقاومة مرض داء الكلب المعروف بـ"السعار" والقضاء عليه، نظرا لأنه أحد الأمراض الفيروسية التي تنتقل من الحيوانات للإنسان، حيث يقف الطبيب البيطري كحائط صد أمام هذه الأمراض المشتركة والتي تتخطى أعدادها الـ250 مرضا مشتركا، مؤكدا أن حياة الإنسان شيء مهم جدا ولا يمكن التهاون في التعامل معها.
قالت الدكتورة نجلاء إبراهيم علي، رئيس قسم الحيوانات الأليفة بمعهد المصل واللقاح البيطري بالعباسية، خلال كلمتها، إنه منذ 4 سنوات بدأ العمل على مشروع إعداد لقاح فموي للكلاب الضالة، آمن وفعال، ولديه القدرة على التكيف وتحمل درجات الحرارة المرتفعة، موضح أن فريق العمل بحث خلال مراحل الإعداد للقاح عن إيجاد أفضل الأشكال الجاذبة للكلاب في مصر لتكون طُعم للكلاب ويتم تصنيع اللقاح وفقا لها، نظرا لاختلاف سلوكيات الكلاب المحلية عن غيرها في الدولة الأخرى، لافت إلى أنه تم تقييم اللقاح من قبل المعهد ومن المنتظر أن يتم الموافقة على تصنيعه رسميا خلال الفترة القليلة المقبلة.
وأوضحت نجلاء: أن اللقاح الفموي يمكن توزيعه بمناطق تجمع الكلاب الضالة من خلال الحملات البيطرية، ويتم وضع اللقاح في طُعم جاذب وسعره زهيد لسهولة التطبيق، وبالتالي تتناوله الكلاب ومن ثم يدعم ويقوي المناعة لدى الكلاب ضد الإصابة بمرض السعار، مع العلم أنه في حال تطعيم من 60 إلى 70% من الكلاب ضد السعار يحبط ذلك أي فرصة لحيوان ضال حامل للمرض أن ينقلها للكلاب، وبالفعل نجح هذا اللقاح في تقليل الإصابات بالسعار بشكل كبير في أمريكا وكندا وأوروبا، مؤكد أن اللقاح آمن تماما على الكلاب والإنسان في حال تعاملهم معه بشكل أو آخر، حرصا من فريق العمل على عدم إيذاء الحيوان والإنسان معا من خطر السعار.
وأضافت: تم تجربة اللقاح بجامعة الوادي بمحافظة الوادي الجديد، على نحو أكثر من 120 كلبا، وجاءت المؤشرات جميعها إيجابية بشكل كبير، وذلك يعنى أن استجابة 70% فقط من الكلاب سيقضي ذلك أو يقلل من ظهور مرض السعار في مصر، لافته إلى أن كل التجارب تمت تحت إشراف الدكتور محمد سعد مدير معهد المصل واللقاح والذي دعم إجراء التجارب والمشروع من خلال توفيره كافة الإمكانيات اللازمة له.
في سياق مُتصل، قالت الدكتورة زينب طه، رئيس سابق لقسم الحيوانات المنزلية الأليفة بمعهد المصل واللقاح البيطرى، إن بداية إجراء التجارب للقاح الفموى ودخولها حيز التنفيذ ترجع إلى حدوث مشكلة في محافظة الوادى الجديد، هو تعرض 75 رأسا بأحد مزارع المحافظة للعقر وإصابتهم بالسعار، ونفوقهم جميعا، ونظرا لكبر الأعداد المصابة، بدأ العمل على إيجاد لقاح متطور قادر على التعامل مع درجات الحرارة المرتفعة، مشيرة إلى أنه تم إجراء التجارب في البداية على مجموعة من الكلاب بالمعهد لملاحظة أكثر الطعوم الجاذبة لهم "المقرمش والمرن أو اللين"، ونظرا لأن الكلاب يفضلون لتقاط الأشياء بين أطرافه الأمامية و"يقرمشها" تم التوصل إلى تصنيع الطعوم بشكل "مقرمش" ليتمكنوا من تناوله، ولدخول اللقاح بين لثة الكلب لعمل الأجسام المضادة.
وأضاف زينب،: أن التجربة اهتمت بالوصول إلى نتائج بأقل التكاليف حتى يمكن تطبيقها على أرض الواقع، للسيطرة على حالات الإصابة بالسعار، وأخيرا أجرت الدكتورة نجلاء رسالة علمية بالتجربة، وسيتم مناقشتها واعتمادها قريبا، لتكون تلك التجربة بداية للسيطرة على السعار.
من ناحيتها، أكدت الدكتورة شيرين زكى، وكيل النقابة العامة للأطباء البيطريين، رئيس مجلس إدارة نادي البيطريين بالعجوزة، على أن دور الطبيب البيطري المجتمعى أهم وأخطر من أى دور أخر، خاصة في ظل قلة وعى المواطنين بآساليب التعامل مع الحيوانات، لافته إلى واقعة هروب "نسناس" فى أحد مناطق مدينة الشيخ زايد والذي تسبب في هلع بين السكان، أدى إلى حبس أحد المواطنين له، حتى تم التواصل معها وبدورها أجرت عدة اتصالات بالجهات المعنية للإمساك بالنسناس لنقله إلى حديقة الحيوان.
وحول موضوع الحلقة النقاشية، فأكدت شيرين أنه ليس كل كلب ضال في الشارع مصاب بالسعار، إلا أن ضعف الوعى بالمرض وعلامات الإصابة به فى الحيوانات يُسهم فى التعامل بشكل غير صحيح مع الحيوانات، لافت إلى دور هيئات النظافة بالمحافظات في الحد من أعداد الكلاب الضالة بالشوارع من خلال الحفاظ على نظافة الشوارع وإزالة صناديق القمامة أولا بأول، خاصة أنها أهم عوامل جذب الكلاب إلى المناطق السكنية، مستنكره عقد عدة اجتماعات سابقة لمسؤولي المحليات وهيئة النظافة والاتفاق على تطبيق عدة اجراءات على أرض الواقع فى غضون أيام بعد الاجتماع، دون نتائج على أرض الواقع.
واستعرض الدكتور مصطفى شلبي، أستاذ علم الأدوية بكلية الطب البيطرى بجامعة القاهرة، أعراض المرض على الحيوان وطرق العدوى، وآليات الآمنة للتخلص من الحالات المصابة والتي يمكن عن طريق "الملح الانجليزى" وليس الاستركنين، لافتا إلى خطورة استخدام الاستركنين على الإنسان عن طريق الاستنشاق.
كما أكد الدكتور سمير إدريس، رئيس بحوث لقاحات السعار، أهمية لقاحات السعار وسرعة تلقيه بعد الإصابة، حيث أن المرض من أقدم الامراض ومسجل على جدران الآثار المصرية ويعد أكثر مرض يسبب وفيات تقدر بـ70 ألف حالة على مستوى العالم، وهناك حالات كثيرة في الدول العربية خاصة قبائل الصحراء بسبب عقر الجمال للبشر، كما أن الفئران أكثر ناقل لمرض السعار، مشيرا إلى أن أكثر المناطق خطورة في حالات العقر، هى: الكتفين وما يعلوهما، محذرا من مخاطر التخلص من الحيوان المصاب فى المصارف والترع حيث يتسبب في نقل المرض بصورة أكبر.
وأشار إدريس إلى أن هدف الـ"زيرو 2030 "، المقصود به هو "زيرو" إصابات سعار بين البشر من الكلاب، دون غيرها من الحيوانات، لافتا إلى ضرورة وضع خطة للسيطرة تعتمد على التعليم والتوعية بالإرشاد والطب البيطرى، والتدريب المهني حول آلية التعامل مع الحيوانات، بالإضافة إلى إجراء تعديلات بالتشريعات، قائلا: ما زلنا نعمل بقانون 67، والذي لا يطبق على أرض الواقع، حيث يتم تشريس الكلاب بالمخالفة لمواد القانون ولا يتم الالتزام سوى بالرخصة والتطعيمات كحد أقصى.
من ناحيته، أكد الدكتور محمد رجائى رئيس الإدارة المركزية لحدائق الحيوان، ضرورة وجود آليات واضحة لمكافحة السعار، لتحقيق نتائج ملموسة للجميع على أرض الواقع.
وأسفرت الحلقة النقاشية، عن عدة توصيات هي:
1- مخاطبـة رئيس مجلـس الـوزراء لتشكيل لجنة عليا لمكافحـة الامـراض المشتركة مشكلة مـن الـوزارات المعنية، الجامعات المصرية، المعاهد البحثية، النقابات المهنية والجمعيات الأهلية، المجتمع المدني .
2 - تنشيط وتشجيع البحث العلمي في مجال مكافحـة الأمـراض المشتركة وخاصـة مـرض السـعار للوقوف علـي والجمعيات الأهلية والمجتمع المدني.
3- اعتمـاد العيادات البيطريـة المرخصة والمسجلة رسميا في عمليات التعقيم الجراحـي والاستقصاء للأمراض.
4- تحسين منظومة النظافة وتجميع القمامة في مختلف محافظات جمهورية مصر العربية.
5- الدعوة لإنشاء صندوق قومي لمكافحـة الأمـراض وخاصـة مـرض السعار مـن خـلال مخاطبـة رئيس مجلس الوزراء.
6- ضرورة إجراء عمليـة حـصـر سـريعة ودقيقـة لأعـداد الكلاب الضالة في الشوارع بمساعدة المنظمات الدولية.
7 - الأسراع في إتجاه إقرار قانون حماية الحيوان والحياة البريـة المقـدم مـن النقابة العامـة مـن خـلال مجلـس النواب.
8- بحـث إمكانية دعـم معهـد الامصال واللقاحات البيولوجية بالعباسية لأنتاج طعـوم فموية لمرض السـعـار مـن (NDATEL).
9- عمـل نـدوات تثقيفيـة في المحافظات بالتعاون مع وزارة التربية والتي والنقابات الفرعيـة لطـلاب المدارس لحثهم وتوعيتهم علي كيفية التعامل مع الكلاب الضال وحالات العقر.
10- عمـل تـوعيـة وارشاد للفنـات الأكثر إصابة وعرضه للمرض مثـل: العاملين بحدائق الحيوان، المواطنين سكان المحافظات ذات الظهير الصحراوي، العاملين بمجال البحث العلمي، توفير وعي إعلامي مناسب لذلك.