قصر محمد علي بالمنيل.. أسطورة معمارية بفخامة ملكية لأمير لم يحكم

من الوهلة الأولى يأسرك عبق الماضي، وتتسلل إليك عظمة التاريخ مع نسمات الهواء الندي الذي يداعب وجهك، كلما أدرت عينيك يمنة ويسارًا، أدركت أنه تفصلك دقائق قليلة عن الإمساك بدفة آلة الزمن، والسفر إلى حقبة زمنية ثرية، عاشت مصر في خضمها زخمًا من الأحداث التاريخية المهمة في عهد الأسرة العلوية.

بالمنيل جنوب قاهرة المعز يقف متحف قصر الأمير محمد علي توفيق شامخًا شاهدًا أمينًا على سجل التاريخ، كواحد من أهم وأجمل المتاحف التاريخية المصرية، بتصميم معماري فريد على الطراز الإسلامي ومزيج من الفنون الفارسية والمملوكية والزخارف الأندلسية، يحيط به سور شديد الصلابة على طراز القرون الوسطى، مزين بالآيات القرآنية، ومدجج بشرفات الحراسة.

شيد الأمير محمد علي الابن الثاني للخديو توفيق، القصر واختار موقعه ووضع تصاميمه الهندسية، ليضم بين أرجائه كل ما يعكس فخامة الحياة الملكية في ذلك الوقت، حيث اشتمل على سراي الاستقبال، برج الساعة، المسجد، متحف الصيد، السبيل، سراي الإقامة، سراي العرش، المتحف الخاص، القاعة الذهبية، بالإضافة إلى الحديقة المذهلة، النافورة الآلبستر. بدأ بناء القصر في عام١٩٠١ واكتمل بناؤه عام ١٩٣٨، على مساحة قدرت بحوالي ٦١ ألف متر مربع، تشغل المباني منها مساحة ٥ آلاف.

بينما خصص نحو ٣٤ ألف متر لحديقة القصر، التي تضم مجموعة من الأشجار والنباتات النادرة من مختلف أنحاء العالم.

 

أهم محتويات قصر محمد علي بالمنيل 

السراي الأولى

خصصت السراي الأولى للإقامة، وهي تتكون من طابقين يضم الأول منها حجرة الحريم، الصالون الأزرق، صالون الصدف، حجرات الطعام، النافورة، حيث ينفرد كل منها بالزخارف البديعة واللوحات الفنية والمفروشات والأثاث والمجوهرات شديدة الفخامة.

ويضم الطابق الثاني قاعة كبيرة بطراز مغربي، تكتسي جدرانها بالقيشاني والمرايا، بالإضافة إلى قاعة أخرى زخرفت جدرانها بالكامل بالأخشاب الملونة وأبيات الشعر والآيات القرآنية.

 

المسجد 

يعد تحفة معمارية مذهلة، زينت جدرانه بالآيات القرآنية وأسماء الله الحسنى والبلاط القيشاني، ويشتمل على إيوانين مزخرفين بالزجاج الملون والزخارف، ومقعد لقارئ القرآن زخرف بنقوش ماء الذهب.   

 

سراي العرش

تضم السرايا المذهلة قاعة كبيرة بالطابق الأول مخصصة لاستقبال الضيوف في الأعياد والمناسبات بسقف مغطى بقرص الشمس، بينما يحتوي طابقها الثاني  على قاعتين وحجرة تكتسي جدرانها بنسيج الأوبيسون الفرنسي، لذلك أطلق على عليها اسم "حجرة الأوبيسون".

 

القاعة الذهبية

  تحفة فنية ببريق الذهب ووهج التاريخ، ظلت القاعة الذهبية في أوج زخرفها على مر السنوات، بأعمدة تتخذ شكل النخيل وزخارف نباتية مطلية بالذهب.

 

 

 

 

المتحف الخاص

يضم المتحف مجموعة كبيرة ونادرة من المخطوطات واللوحات الزيتية والملابس والشمعدان والأثاث، ويحتوي على خمس عشرة قاعة تشمل كل منها نوعية معينة من المقتنيات منها ما خصص للتفاسير القرآنية أو الأسلحة البيضاء، وأخرى لمتعلقات الأمير وأهم الهدايا التي أرسلت إليه من مختلف أنحاء العالم، بالإضافة للسجاد واللوحات وغيرها.

متحف الصيد 

أنشئ المتحف عام  ١٩٦٣، ليضم مجموعة كبيرة من الطيور والحيوانات المحنطة، والتي يصل عددها إلى ١١٨٠ من مقتنيات الصيد للملك فاروق والأمير محمد علي وغيرهم من  الأمراء، ليظل المتحف شاهدًا على جولاتهم ومغامراتهم طوال هذه السنوات، ويشتمل أيضًا على أهم أدوات الصيد المستخدمة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

جدير بالذكر، أن الأمير محمد علي أشتهر بكونه ملكًا لم يحكم قط، إذ تولى منصب ولي العهد ثلاث مرات، أولاها في عهد شقيقه الخديو عباس حلمي الثاني حتى رزق بابنه الأمير محمد عبدالمنعم، وبعد وفاة الملك فؤاد الأول وحتى جلوس ابن عمه الملك فاروق على عرش وبلوغه السن القانونية عام ١٩٣٦، ثم وليا للعرش مرة أخرى، إلى أن أنجب الملك فاروق ابنه الأمير أحمد فؤاد الثاني ١٩٥١.

 

 

 وعقب ثورة يوليو 1952 انتقل الأمير محمد علي للعيش في سويسرا، تاركا وصيته بأن يدفن في مصر،وبعد وفاته في عام ١٩٥٤، وارى جثمانه الثرى في ضريح عائلة محمد علي باشا الملكية بالقاهرة.