عاجل
الخميس 7 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي

الإدارية العليا: المتهمون ارتكبوا أعمالا إرهابية وعدم طعن النيابة الإدارية أفلتهم من العزل من الوظيفة

المستشار محمد عبدالوهاب خفاجى
المستشار محمد عبدالوهاب خفاجى

في حكم جديد للقضاء المصري يدق ناقوس الخطر من بقاء المنتمين للجماعات الإرهابية المرتكبين لأفعال إرهابية في الوظائف العامة بسبب ضعف العقويات من محاكم أول درجة دون أن تقوم النيابة الإدارية بالطعن على هذه الأحكام ودون متابعة من الوزارات التي يتبعونها مما يغل يد المحكمة في تشديد العقوبة وبترهم من الوظيفة العامة، قضت المحكمة الإدارية العليا دائرة الفحص برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين محسن منصور وشعبان عبد العزيز نائبي رئيس مجلس الدولة بإجماع الاَراء برفض الطعن المقام من الطاعنين الأول م.أ.م.ع) فني بقسم التدريب والجودة بإدارة تلا التعليمية والثاني (ھ.ع,م.ا) مشرف نشاط بمدرسة الشهيد سعيد التراس بمحافظة المنوفية ضد حكم أول درجة بالخفض إلى وظيفة في المستوى الأدنى مباشرة لكل منهما وهي عقوبة ضئيلة لا تتناسب إطلاقا مع طبيعة الأعمال الإرهابية التي قاما بتنفيذهما ضد بلادهما وضد المواطنين الأبرياء من ركاب القطارات وتخريب مرفق حيوي كسكك حديد مصر بقطع الريشة الموجودة بالجانب الأيسر للقضبان من اتجاه محطة طنطا بما يقرب مسافة (15) سم خمسة عشر سنتيمترا باستخدامهما لمبة اسطوانية بغرض الإضرار بالاقتصاد القومي وتنفيذ غرض إرهابي، وكان يستوجب بترهما وتطهير الوظيفة العامة من أمثالهم، لكن النيابة الإدارية لم تطعن على حكم أول درجة مما غُل يد المحكمة عن بترهما من الوظيفة العامة وتم رفض طعنهما.



 

قالت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة إن الطاعنين الأول (م.أ.م.ع) فني بقسم التدريب والجودة بإدارة تلا التعليمية والثاني (ھ.ع,م.ا) مشرف نشاط بمدرسة الشهيد سعيد التراس بمحافظة المنوفية يومي 23 و24 مارس 2014 انضما إلى جماعة إرهابية محظورة وخربا أموالاً عامة لهيئة سكك حديد مصر وهي قضبان القطار الموصلة بين مدينتي طنطا وتلا بالكيلو 48 بزمام مركز شبين الكوم بأن قاما بقطع الريشة الموجودة بالجانب الأيسر منها من اتجاه محطة طنطا بما يقرب مسافة (15) سم خمسة عشر سنتيمترا باستخدامهما لمبة أسطوانية بغرض الإضرار بالاقتصاد القومي وتنفيذ غرض إرهابي وإشاعة الفوضى بالبلاد، كما حازا وأحرزا بغير ترخيص أجهزة وأدوات تستخدم في صنع المفرقعات والتفجير معرضين حياة الركاب للخطر والطاعن الثاني منفردا حاز وأحرز سلاح أبيض صاعق كهربائي، فانهما بذلك يكونان قد خرجا على مقتضى الواجب الوظيفي، مما يشكل في حقهما ذنباً إداريا كان يستوجب مجازاتهما عنه بالشدة اللازمة لطبيعة الفعل الإجرامي والإرهابي ضد المواطنين الأبرياء من ركاب القطارات وتخريب مرفق حيوي كسكك حديد مصر ببلاده، وكان يستوجب بترهما وتطهير الوظيفة العامة من أمثالهما بيد أن هيئة النيابة الإدارية لم تطعن على الحكم مما غل يد المحكمة عن فصلهما .

 

وأضافت المحكمة أن الأعمال الإرهابية للطاعنين ثابتة ثبوتا يقينيا على النحو الوارد بالصورة الرسمية للحكم الصادر من المحكمة العسكرية للجنايات الدائرة الرابعة بجلسة 28/6/2015  في القضية رقم ٢٢ لسنة ٢٠١٥ جنايات عسكرية شمال القاهرة ضدهما  الطاعنين بمعاقبتهما بالسجن لمدة سبع سنوات نظير ما أسند إليهم بقرار الاتهام مع إلزامهما بدفع مبلغ سبعة آلاف جنيه قيمة ما تم تخريبه ومصادرة الصاعق الكهربائي والأدوات المضبوطة موضوع الدعوى، وتصدق على هذا الحكم بتاريخ 2/8/2015 من قائد المنطقة المركزية العسكرية، وهو ما تأكد أيضا من الشهادة المقدمة من واقع الجدول بإدارة المدعي العام العسكري لنيابات شمال القاهرة العسكرية بتاريخ  21/6/2017 في القضية رقم ٢٢ لسنة ٢٠١٥ جنايات عسكرية شمال القاهرة من أنه بتاريخ 5/9/2016 قررت المحكمة العسكرية للطعون قبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه.

 

وأضافت المحكمة أن الثابت أن الحكم المطعون فيه قضى بمجازاة الطاعنين بالخفض إلى وظيفة في المستوى الأدنى مباشرة فحسب، رغم خطورة الأعمال الإرهابية التي قاما بتنفيذها خاصة ضد مرفق سكك حديد مصر للنيل منه والإضرار بمصالح البلاد الاقتصادية وتعطيل حركة القطارات والمساس بأرواح المواطنين الأبرياء من ركاب القطارات حيث انضما إلى جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية المحظورة، وارتكبا الأفعال الإرهابيية المذكورة ضد سكك حديد مصر، ومن ثم تكون العقوبة التي أوقعها الحكم المطعون فيه بالخفض إلى وظيفة في المستوى الأدنى مباشرة لكل من الطاعنين عقوبة ضئيلة لا تتناسب إطلاقا مع طبيعة الأعمال الإرهابية التي قاما بتنفيذهما ضد بلادهم، فكيف سيتقيم استمرار الطاعنين في تعليم النشء بمرفق التعليم وقد ارتكبا أعمالاً إرهابية ضد مرفق سكك حديد مصر وتخريب اقتصاد البلاد وضد المواطنين الأبرياء من ركاب القطارات ؟ وماذا سوف يدرسون للطلاب في قاعات الدرس ؟ وبئس الدرس الذي يدعو إلى مستقبل مظلم ؟ 

 

وأوضحت المحكمة أنه كان يجب على هيئة النيابة الإدارية الطعن على هذا الحكم وأن تطلب من هذه المحكمة تشديد العقوبة حتى تمكن هذه المحكمة من القصاص العادل بالبتر من شرف الانتساب للوظيفة العامة لكل من تسول له نفسه القيام بأعمال إرهابية ضد مرافق البلاد خاصة في مرفق حيوي كسكك حديد مصر إلا أن هيئة النيابة الإدارية لم تطعن على هذا الحكم، وهو ما طمَع الطاعنان من المطالبة بإلغاء هذا الجزاء الهزيل لأفعالهما، وقد غُلت يد المحكمة فغى إنزال العقاب المناسب لطبيعة الجرائم الإرهابية التي ارتكبها كل من الطاعنين إعمالاً لقاعدة أن الطاعن لا يضار بطعنه، مما لا مناص معه من تأييد الحكم ورفض الطعن الذي أقامه كل من الطاعنين بإجماع الاَراء .

 

وسجلت المحكمة في حكمها أنه في ضوء ما تكشف لها في الطعن الماثل وغيره من الطعون الكثيرة من قيام بعض الموظفين العمومين بالقيام بأعمال إرهابية تنال من استقرار البلاد ويحصلون على عقوبات ضعيفة من محاكم أول درجة لا تتناسب مطلقا مع طبيعة الأفعال الإرهابية ودون أن تقوم هيئة النيابة الإدارية بالطعن على هذه الأحكام ودون متابعة من الوزارات المعنية في التنسيق مع النيابة الإدارية بشأن إجراءات الطعن على من يعود منهم للعمل نظير العقوبات غير المناسبة لطبيعة الانضمام للجماعات الإرهابية، أنه يتعين على مؤسسات الدولة ووحداتها الإدارية وهيئاتها المختلفة ألا تأخذها رحمة أو شفقة أو هوادة أو تساهل لكل من يرتكب أعمالاً إرهابية ضد الوطن وأن تتكاتف جميعها في سبيل مواجهة الفكر الإرهابي ولا تعمل كل منها في جزر منعزلة عن بعضها فتنال من استقرار الوطن، فلا يمكن للمحكمة وحدها أن تواجه ذلك الفكر الإرهابي ما لم تمكنها مؤسسات الدولة وهيئاتها - ولو كانت مستقلة - من توفير الأدوات الفنية والسبل الإجرائية حتى تقوم بدورها الدستورى والقانوني لردع المنتمين للجماعات الإرهابية وبترهم من الوظيفة العامة وتطهيرها من كل فكر إرهابي وبغير ذلك التعاون وتلك اليقظة والحيطة والانتباه، ستظل المخاطر المحتملة قائمة بصورة أقوى عن ذى قبل، خاصة وأن الدولة المصرية تواجه إرهاباً من أعداء الوطن في الداخل والخارج، قاصدين النيل من دور مصر الإقليمي، أو إفشال مساعيها في التقدم والازدهار والتنمية . 

 

كما سجلت المحكمة في حكمها أن من يرتكب أعمالاً إرهابية فإن الاستبقاء عليه بجزاء غير الفصل أو الإحالة إلى المعاش يصيب الوظيفة العامة في مقتل حيث يخالف عودته للعمل مبدأين هما حجز الزاوية في الوظيفة العامة مبدأ الحياد الوظيفي ومبدأ الولاء الوظيفي، فكيف سيسير بعض المنتمين للجماعات الإرهابية مرافق ىالدولة ممن استبقتهم أحكام أول درجة في الوظيفة دون طعن من هيئة النيابة الإدارية أو متابعة من الوزراء المعنيين ؟ ذلك أن الموظف العام هو عقل الدولة المفكر وساعدها المنفذ، لذا وجب بتر كل من يثبت فغى حقه ارتكابه لعمل إرهابي ضد بلاده، والقول بغير ذلك يصيب مبدأ سير المرافق العامة بانتظام واضطراد وما قد ينجم عن بقائهم من إهدار المصلحة العامة وتعطيل مصالح الأفراد المتعاملين مع الإدارة على حد سواء، والإخلال بعملية تنظيم وسير المرافق العامة في الدولة، والمساس بالحياة العامة في المجتمع والدولة، وأن تسريب المنتمين للجماعات المتشددة الذين يرتكبون أفعالاً إرهابية ضد الوطن في الوظائف المختلفة في الدولة وإن لم تظهر عواقبه في الحال فسيؤدي التهاون معهم في المستقبل إلى وجود قنابل وظيفية موقوتة تعرض الحياة العامة للخطر وتعرض مصالح الشعب لمخاطر محتملة عند الحصول على خدماته واشباع رغباته في كافة النواحي وأهمها الأمن والتعليم والصحة والعدل، لذا تستهنض المحكمة همة النيابة الإدارية صاحبة الولاية فى الادعاء التأديبي بالطعن على الأحكام الصادرة من محاكم أول درجة بعقوبات ضئيلة لخطورة ما تقدم من قيام الجناة بأفعال إرهابية، ولا بأس من تعاون الوزارات المختلفة التي يتبعها هؤلاء، بالتنسيق مع هيئة النيابة الإدارية لبلوغ ذات الأهداف النبيلة في حق الوطن .

 

واختتمت المحكمة أن ما تنادي به من التنسيق بين الوزراء وهيئة النيابة الإدارية في متابعة الأحكام الصادرة من محاكم أول درجة بشأن من يرتكب أعمالاً إرهابية ويحصل على عقوبة ضئيلة ويعود إلى العمل دون إقامة الطعن أمام هذه المحكمة العليا الرقيبة على تلك الأحكام مما لا يمكنها من أداء دورها المنوط بها دستوريا وقانونياً نحو تطهير الوظيفة العامة من العناصر المُخربة بأفعالها الإرهابية، إنما يجد بوادره الأولى فيما ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن إعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية وتعديلاته من أن الإصلاح هدف أساسي من أهداف الحكومة، وتحقيقاً لهذا الهدف يجب إحكام الرقابة على الموظفين في قيامهم على تنفيذ القوانين على نحو يكفل تحقيق الصالح العام، وأخذ المقصر بجرمه تأكيداً لاحترام القانون، وأن النيابة الإدارية تملك سلطة الادعاء التأديبى بإجراء الرقابة، وفحص الشكاوى التي تحال إليها من الجهات المختصة، وإجراء التحقيق فيما يحال إليها من الجهات المختصة، أو ما يقدم إليها من شكاوى الأفراد، أو فيما يتكشف لها أثناء الرقابة أو أثناء التحقيق، وهذا الاختصاص لا يخل بحق الجهة الإدارية في الرقابة وفحص الشكاوى والتحقيق مع موظفيها، ولما كان التحقيق سيتم مع الموظف في بعض الحالات دون إحالة من الجهة التي يتبعها، فقد نص المشروع على أنه في هذه الحالات يتعين إرسال إخطار إلى الوزير الذي يتبعه الموظف إن كان يعمل بإحدى الوزارات أو إلى رئيس الهيئة التي يتبعها إن كان يعمل في هيئة مستقلة، حتى يكون الوزير أو الرئيس على بينة مما يجرى في شأن موظفيه في الوقت المناسب.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز