رؤوف عبيد
حادثة الملاك النائم.. وعفو أبيها
بقلم : رؤوف عبيد
منذ أيام قليلا تعرضت فريدة هشام لحادث سير أليم ، وهي فتاة لم تتجاوز الـ16 عاما ، بعدما صدمتها سيارة كانت تقودها فتاة أخرى، والحادث جعل "فريدة" تدخل في غيبوبة شبه تامة، وتم وضعها تحت العناية المركزة وما زالت ، الى أن يقضى الله أمر كان مفعولا .
وعلى الرغم مما حدث لفريدة، فكان لوالدها رد فعل غريب ، أدهش الجميع بحكمته البالغة ، فقد عفى والدها عن الفتاة التي صدمت ابنته بالسيارة ، وتنازل عن المحضر، آملًا من الله أن يعفو عن ابنته ويشفيها، وبدأت معدلات الإدراك لدى " فريدة" تتحسن بقوة، ولكنها ما زالت تحت تأثير الغيبوبة كـ"الملاك النائم" وهو الإسم الذى أطلق عليها بالسوشيال ميديا ورغم مرور 15 يوم ، وهى مازالت فى الغيبوبة ، والجميع يدعو لها بالشفاء العاجل .
والذى إستوقفنى كغيرى ، هو موقف أبيها هشام ، ورفضه التام تحرير محضر ضد الفتاه التى صدمت ابنته ، معلالا ذلك أن لديه إيمان كامل بحقيقة القضاء والقدر ، وأنها آى ابنته كانت من الممكن أن تصاب بشكل أو آخر ، وأنه لن يستفيد شىء من حبسها ، ولم يطلب منهم شىء سوى الدعاء لابنته .
وصراحة أن هذا الموقف النبيل الذى قام به هشام والد الفتاه ، هو سبب تعاطف الجميع معها ، والدعاء اليها ، إذ أن هناك العديد من الحوادث التى تحدث يوميا مشابهه ، ولا تحظى بنفس الإهتمام لكنّ هذه المكرمة التي تنمّ عن حس إنساني صادق ، وموقف أبوي رفيع ، من شأنها أن تسهم في زيادة التلاحم الوطني والترابط الاجتماعي والعمل من أجل مصلحة الوطن ورفعة شأنه ورصّ الصفوف بين أبنائه .
وقد ذكر علماء النفس أن هناك علاقات وثيقة بين التسامح والمغفرة من جهة وبين السعادة والرضا من جهة آخرى ، وقد تم إجراء دراسة على عدد من الأشخاص عن طريق توجيه عدد من الأسئلة وقد ثبت أن أكثر الناس سعادة هم الذين يعفون عن الناس.
ويطلق علماء النفس على التسامح أنه يسمح للشخص بإطلاق مشاعره السلبية الناتجة عن غضبه من الآخرين بطريقة ودية ،أما من الناحية الصحية فالعفو يقي الإنسان من العديد من الأمراض، فقد ذكرت دراسة أن هناك علاقة بين العفو وأمراض القلب، وأن أقل الناس إصابة بأمراض القلب هم أهل العفو فهم لا يعانون من ضغط الدم والقلق والتوتر فهو يخفف نسبة موت الخلايا العصبية في الدماغ، كما ثبتت الدراسات أن العفو يقوي جهاز المناعة لدى الإنسان وهو علاج قوي لعلاج الأمراض.
وقد ذكرت دراسة أمريكية حديثة صورت من جمعية الطب السلوكي أثبتت أن العفو والتسامح يساعدان على تخفيف ضغط الدم والتوتر النفسي والقلق.
وفى النهايه نقول أن لو الناس أخذت بالعفو لحافظوا على صحتهم وأنفسهم وأعصابهم ، ولكانوا في غنىً عن كثير من الأمراض العصبية والنفسية من القلق والتوتر العصبي والنفسي ، وأمراض القلوب من الغل والحقد والحسد ، وكان المجتمع في غنى عن كثير من القضايا التي ترهق القضاء وتكلف الدول أموالا طائلة.