عاجل
الإثنين 30 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
الهجوم الشرس قادم

الهجوم الشرس قادم

بقلم : طارق رضوان

فى الأُفُق غُيُومٌ. سُحُبٌ سوداءٌ تتجمعُ. تدفعها الرياحُ لتسقطَ أمطارها على الأمَّة. هناك هجوم عنيف قادم. شامل ومتطور. هجوم غرضه القضاء على مفهوم الدولة القديم. حرب على الدولة القومية. هناك تمهيد نيرانى انطلق. سيتبعه قصف جوّى مكثف ثم مرحلة العبور والوصول إلى قلب مصر. وعلينا إعلان الحرب دفاعًا عن الأمَّة.



 

ما حدث من هجوم على الدولة ليس هو النهاية. بل البداية. كما أنه ليس زوبعة فى فنجان ومرّت. الدولة تواجه أمهر العقول الغربية فى أوروبا. المدعو محمد على - الذى ينسحب بالتدريج الآن - هو واجهة لجيش جرّار يقف خلفه. جيش دارس ومبتكر ويمتلك المعلومات الدقيقة والكافية. يمتلك العقول الجبارة التى تخدم المصالح الغربية.

 

وللتنفيذ بَصمة صانعها. وهى بَصمة أوروبية واضحة. يريدون إدخال مصر خمسمائة مليار دولار للاستثمار. معظمها استثمارات فى الطاقة النظيفة. ولا يريدون شكل الدولة الحالى للتعامل معهم. بل يريدون رجالهم من سماسرة الأوطان للتنفيذ. لن يعطوا سنتًا واحدًا للدولة التى يرونها قديمة. يريدون دولة وظيفية لمشاريعهم الكبرى التى ستتم. تَمَّتْ من قبل هذه الخطط فى بداية المنتصف الثانى من القرن الماضى. فامتدت دولة جمال عبدالناصر حتى الرئيس السيسى. وكلما خرج رئيس عن الخط المرسوم استبدلوه. "ناصر" فى 67 و"السادات" 1981 و"مبارك" 2011. وبدأوا المشروع مع الخوَنة الإخوان. لكنه تعطل وتوقف بوجود الرئيس السيسى ورجاله من الجيش والشرطة وبقية أجهزة الدولة ومِن خلفهم الشعب. الآن يُعيدون المشروع من جديد حَسَب الترتيب الزمنى لمشاريعهم. حسابات عالمية هم فقط مَن يعرفون توقيت تنفيذها. الرأسمالية العالمية تبدأ عصرًا جديدًا لا تريد فيه شكل الدولة القديم فى الشرق الأوسط. علينا أن ننظر للتجارب التى تتم من حولنا فى الإقليم. التجربة فى السودان وتونس والجزائر وحتى فى إسرائيل والمملكة السعودية. هذا ما يريدونه بالضبط.

 

 لذا بدأتْ فوهات المدافع تستدير ناحية مصر. قلب العالم. واطلقوا النيران. فحدث الزلزال. وكما هو فى موسوعة العلوم الصادرة عن ماجروهيل فى تعريف الزلازل أنها اهتزازات عنيفة ترُج منطقة من سطح الأرض بعنف مُدمر، وقد تصل قوة هذه الاهتزازات إلى حد إصابة سطح الأرض بالتشقق والانكسار. وهو ما يحدث نتيجة لتحرُّك واحتكاك كُتَل جيولوجية ضخمة فى باطن الأرض. أو نتيجة لنشاط بُركانى تصدر عنه حرارة زائدة أو غازات أو إشعاعات تتسرب مندفعة إلى فجَوات واسعة بين هذه الكُتَل. وعندما يجىء الزلزال فإن هزة خفيفة تُمهد له وبعد أن يقع الزلزال الكبير فإن هزات لاحقة لا بُدَّ أن تعقبه، وبعضها يمكن أن يكون فى قوة الزلزال الكبير وخطره.

 

وهو ما تتعرض له مصر الآن. قوة التدمير التى يريدونها عنيفة. عزل مصر تمامًا عن إقليمها وتحويلها إلى دولة وظيفية تحقق مصالحهم. لا يريدون الجيش فى الصورة. فهو الحامى الوحيد لتلك الدولة. وهم يعرفون جيدًا دور الجيش الوطنى فى قيادة البلاد. فما نعرفه قليل. لكن ما يقوم به الجيش من دور وطنى أعظم وأكبر مما نعرف. المؤسسة العسكرية فى الدول الكبرى وفى مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية لها دور كبير فى عملية صُنع وصياغة وحماية القرار السياسى. ففى فلسفة الحرية الأمريكية ذاتها القانون هو عمادها، وفى فكرة القانون واحترامه مرهون بسُلطة تَفرض طاعته. وهنا يجىء دور القوة كملاذ أخير للحرية وللقانون معًا فى الشأن الداخلى كما فى الشأن الخارجى. وهو موجود فى دستورهم الذى كُتِبَ على أيدى بُناة الأمَّة الأمريكية. وهو مأخوذ من التجربة المصرية القديمة. مصر هى المُلهم لكل القُوَى فى العالم على مدار التاريخ. استنساخ التجربة المصرية وتطويرها هو ما فعلته كل الإمبراطوريات بطول التاريخ. لذا يريدون اختفاء الجيش من المنظومة التى يُعِدُّون لها. لن يكون للتيار الإسلامى دور حسَب خططهم الجديدة. ولا حتى لرجال الأنظمة السابقة.

 

فقد تم حرق الجميع. هناك من هؤلاء الخونة يحاولون الاتصال بهم ليقدموا فروض الطاعة والولاء ويعرضوا خدماتهم، لكن لا يُستجاب لهم. هناك جيل جديد قادم بلا شوائب قديمة ومُدَرَّب وبلا ولاء لفكرة الأمَّة. جيل جديد من القيادات ذو الصبغة العالمية. بمعنى أدق قيادات مصرية لكن عملهم دولى. ينتقل من مصر إلى أوروبا إلى أمريكا الجنوبية إلى أمريكا الشمالية إلى آسيا تحت مظلة وحماية الشركات العابرة للقارات التابعة كلها لصندوق النقد والبنك الدولى. ولاء القيادات للعمل وللمال وللمصلحة الشخصية مَهما كان موطنه.

 

وليس هناك ولاء للأرض وللوطن. هناك أمثلة موجودة بالفعل تعمل ما بيننا. وهو ما يريد الغرب تعميمه فى مصر فى الفترة المقبلة التى ستستمر من خمسين عامًا لمائة عام. هؤلاء مَن ينفذون الخطط الموضوعة التى تشكل العالم الجديد. لقد تغير العالم كله منذ مؤامرة يناير 2011م. فالأساس الاجتماعى الذى كان قائمًا قبل هذا العصر طرأت عليه تغييرات واضحة وأصبحنا بالتأكيد أمام صيغة جديدة اختلفت وتختلف فيها النظرة الاجتماعية والأوضاع الطبقية فى البلاد. الفقراء كما نرى كما هم والضغط عليهم يزيد والطبقة الوسطى تنقرض حائرة وخائفة وطبقة رجال الأعمال كما هى مُدللة تلوح مرّة بالمهادنة ومرّة بالتهديد المستتر. فمعظمهم له غطاء خارجى للحماية، وهو واجهة لمصالح ضخمة ويعرفون أن الاقتراب منهم خطر. ويستعدون بكل قوة وحذر للمرحلة المقبلة. لذا فالأمَّة أمام مفترق طرُق أمامها.

 

فى ذلك الظرف التاريخى هناك ثوابت ومتغيرات. ثوابت فى مجموعة الأهداف الاستراتيجية العُليا للدولة، وهى الأهداف التى تُحددها الحقائق الطبيعية والتاريخية كالجغرافيا والتاريخ والانتماء القومى وإطار المصلحة وحدود الأمن. أما المتغيرات فهى سياسات تحقيق هذه الأهداف فى أجواء كما نراها مختلفة وموازين متحركة وموارد يتفاوت حجمها ويتفاوت تأثيرها تبعًا لطريقة إدارتها وتبعًا إلى درجة الالتزام لدَى الرئيس السيسى الملتزم تمامًا بمفهوم بناء الدولة القوية ذات الرأسمالية الوطنية. الهجوم الشرس على مصر سيبدأ فى النصف الثانى من ديسمبر المقبل.

 

 بعد أن تنتهى تونس والجزائر من الانتخابات الرئاسية وتتشكل الدولة التى وضع شكلها الجديد الأوروبيون. وبعد أن تنتهى الثورة القائمة فى العراق بإخراج الإيرانيين والتيار الإيرانى. عندما تهدأ تلك الدول سيبدأ الهجوم الشرس على مصر. ستظهر الأسلحة الثقيلة المُدمِّرة.

 

القوة المفرطة الكاسحة. لذلك علينا أن نبنى مَنصة الدفاع. حائط صَد للطائرات وقُبة حديدية للصواريخ. وكلها أسلحة فكرية. العقل فيها هو السلاح. وجنود الهجوم فيها هم كل خَونة الداخل والخارج والمترددون والمرتعشون وذوو الأعصاب المنفلتة والجهلاء. وساحة المعركة هى السوشيال ميديا التى يدفعوننا لتحويلها إلى الواقع. ولن يتم اضطراب فى مصر. أى أن الخطة ليست كما حدث فى 2011م. فالاضطراب فى مصر غير مطلوب عالميّا الآن. كما أن الشعب لن يستجيب.

 

لايزال أمامنا وقت لكننا لا نمتلك رفاهية الوقت. علينا بالإدراك والوعى لاتخاذ القرار السليم وإرغام الغرب بما نريد وليس بما يريدونه هم. التغيير الشامل فى كل القطاعات فى مصر. التخلص من الخونة والمرتزقة والمرتعشين والمترددين وكراكيب الماضى وفقراء الفكر والوجوه القديمة البالية وأصحاب الأفكار القديمة المُعَلبة ومدعى المعرفة والعلم ومدعى الوطنية. بناء حائط صد قوى يملأ الفراغ العقلى الموجود لصد الهجوم حفاظًا على الأمَّة. ومَهما حدث ستظل قُدس الأقداس محروسة ولها رَبٌّ ثم جيشٌ وقائدٌ ورجالٌ يحمونه.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز