عاجل
الجمعة 12 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
قانون الغابة

قانون الغابة

بقلم : أسامة سلامة

ثلاثة حوادث مختلفة وقعت الأسبوع الماضى يربط بينها انتهاك القانون!



فى الأولى اعتدى أصحاب محل بقالة على متشرد حاول الحصول على علبة كانز عنوة،  وضربوه حتى مات فى أيديهم، وفى الثانية  تدخل عدد من أعضاء البرلمان ومحافظ عند وزير التعليم من أجل عدم حجب نتيجة لجنة بها غش جماعى فى امتحانات الثانوية العامة وحاولوا الضغط عليه لإعلان نتيجتهم بالمخالفة للقانون، وفى الثالثة اعتدى  أحمد مجاهد عضو اتحاد الكرة على فتاة ضمن المتطوعين فى تنظيم الدورة الأفريقية لأنها اختلفت مع إحدى المشجعات التونسيات قبل مباراة تونس والسنغال، فى الحوادث الثلاث  كان لأبطالها قانونهم الخاص  الذى طبقوه بعيدا عن قانون الدولة!

فى الحادثة الأولى ليس مهما إن كان المتشرد الذى مات على يد أصحاب محل البقالة والعاملين به  لصا حاول السرقة، أو ظمآن كان يريد أن يروى عطشه فى يوم شديد الحرارة  ولا يملك نقودا للشراء، الأهم  هو الافتئات على حق السلطة.

أصحاب المحل أو العاملون به بدلا من تسليم المتشرد إلى الشرطة بتهمة السرقة قرروا معاقبته بأنفسهم، من المؤكد أنهم لم يقصدوا قتله وأنهم أرادوا تأديبه حتى لا يكرر ما فعله مرة ثانية، ولكن القدر سبقهم وفضح جريمتهم، وللأسف هذه الجريمة تتكرر كثيرا ويقوم بها أناس عاديون، فقط يصرخ أحد المواطنين فى الشارع «حرامى»  فيحاول المارة الإمساك باللص- وهو سلوك حميد- ولكنهم قبل تسليمه إلى الشرطة يضربونه، وأحيانا يكتفون بتأديبه بأنفسهم ثم يطلقون سراحه، والخطورة أنهم لا يشعرون  بأنه ليس من حقهم الاعتداء عليه، وأنهم لا يدركون أنهم  يخالفون القانون ويستحقون العقاب.

ما يساعد على تكرار هذه الجرائم أنه لم يحدث مرة واحدة وبعد تسليم اللص أو المتهم أو من ارتكب فعلا يراه الناس عيبا  إلى الشرطة ، أن وجهت  لهم السلطات  تهمة الاعتداء على مواطن، إلا إذا مات فى أيديهم كما حدث فى واقعة محل البقالة والمتشرد، والمجتمع للأسف لا يستنكر هذه الجريمة، ولا يرى فيها ضررا، وهو ما ساهم فى امتدادها إلى مواقف أخرى أشد خطرا، فقد أصبح لدينا من يحصل على ما يراه حقه بيده بعيدا عن القانون والمحاكم والشرطة، وقد رأينا مؤخرا عقوبات لم تكن موجودة من قبل مثل إجبار رجل على ارتداء ملابس نسائية والطواف به فى الشوارع  لأنه اعتدى على رجل من عائلة منافسة أو تحرش بامرأة من أسرة أخرى، أو لخلاف على أى سبب، وهكذا وصلنا إلى مرحلة خطيرة للغاية.

فى الحادث الثانى ارتكب نواب يمثلون الشعب جريمة مساعدة الطلاب على الغش الجماعى، ومن أجل أصوات أسر هؤلاء الغشاشين فى الانتخابات القادمة  خالفوا القانون الذى يمنع الغش ويعاقب عليه وحاولوا فرض قانونهم الخاص والذى يساوى بين الغشاشين والمجتهدين، ويعطى فرصة للفاشلين أن يحصلوا على أماكن فى الجامعات بدلا من طلاب آخرين اجتهدوا وذاكروا ولكنهم حصلوا على مجاميع أقل من أصحاب الغش الجماعى، لم يخش هؤلاء النواب على مصير البلد  عندما يتولى هؤلاء الغشاشون مناصب بعد تخرجهم من الجامعات، ولهذا كل التحية لوزير التعليم الذى  عاقب الغشاشين  ورفض طلب النواب الذين خالفوا القسم الذى حلفوه عندما أصبحوا أعضاء بمجلس النواب، هؤلاء النواب لن يقعوا تحت طائلة القانون الذى خالفوه لأن الحصانة تحميهم، ولأنه أيضا لا يوجد قانون يعاقب على الواسطة والمحسوبية، كما أن مجلس النواب لن يحاسبهم على ما فعلوه وعلى جريمتهم فى حق البلد.  

فى الحادث الثالث صفع أحمد مجاهد   فتاة صغيرة مستغلا نفوذه كعضو اتحاد كرة وعضو فى اللجنة المنظمة لبطولة أفريقيا، وهو اعتداء صارخ على مواطنة  ويجرمه القانون، سواء كانت الفتاة مخطئة فى حق المتفرجة التونسية أم معها الحق،  فإن الجريمة وقعت ويتم التحقيق فيها الآن بعد أن تقدمت أسرة المعتدى عليها ببلاغ إلى النيابة، واعتذار مجاهد للفتاة لا يجب أن يعفيه من العقاب.

الحوادث الثلاثة تكشف أن المجتمع فى  خطر داهم، وإذا لم نواجه هذه الظاهرة ونعلى دولة القانون فسيلجأ كل مواطن إلى تنفيذ قانونه الخاص  ونصبح جميعا فى غابة  يأكل فيها القوى الضعيف.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز