أسامة سلامة
الإرهابيون مروا من هنا
بقلم : أسامة سلامة
قامت القوات المسلحة ومعها الشرطة بمجهود كبير فى البحث عن الإرهابيين الذين قاموا بعملية الواحات، مشطوا المنطقة واستطاعوا تحرير الضابط المختطف محمد الحايس من أيدى الخاطفين وقتل عدد منهم، نجاح الرجال فى مهمتهم أسعد كل المصريين الذين عاشوا أياما من الحزن على شهداء الغدر وأوقاتا عصيبة من القلق علي مصير الحايس، جهد رجال الجيش والشرطة لا ينكره أحد، ولكن هل يكفي تمشيط المناطق التى يحتمل أن يأوى إليها الإرهابيون؟!
أم أننا نحتاج إلى تمشيط عقول الناس والبسطاء التى احتلوها بفكرهم واختطفوها بأقوالهم التى يدعون أنها تمثل الإسلام وهو منها برىء؟ الإرهابيون ليسوا فى كهوف وصحارى الصحراء الغربية وجبال سيناء فقط، ولكنهم موجودون فى مناطق متعددة، كامنين فى الصعيد والدلتا ولا تخلو منهم المدن الكبرى، تجد آثارهم فى الجامعات والمدارس والوزارات ومؤسسات العمل المختلفة وأحيانا فى الأزهر وبعض المساجد، مما يعنى أنهم مروا على كل هذه الأماكن، ويكفى نظرة إلى ما يحدث فى محافظة المنيا لكى نعرف أن الإرهابيين تواجدوا هناك، وزرعوا ألغامهم التى تنفجر كل عدة أيام فى محاولة لقتل الوحدة الوطنية، لقد اختطفوا من هذه المحافظة عقول عدد من بسطائها ودفعوهم إلى الاعتداء على المسيحيين والكنائس وهدمها ومنع الصلاة فيها، مستخدمين فتاوى لا تَمُتُّ للإسلام، ومفسرين آيات القرآن والأحاديث النبوية بطريقة خاطئة من أجل تحقيق أهدافهم، مر الإرهابيون على مواقع السلفيين واستخدموها فى خطف المواطنة، واستخرجوا منها فتاوى غير صحيحة مثل تحريم تهنئة المسيحيين بأعيادهم، وعدم جواز بناء الكنائس فى أرض الإسلام، أو أن دم المسلم والمسيحى لا يتساويان، وغيرها من الفتاوى القاتلة التى رد عليها الأزهر وفندها وكشف تهافتها وضعفها، ولكن مازالت المؤسسة الدينية الرسمية غير قادرة على تمشيط كل العقول التى تأثرت بهذه الفتاوى الضالة والآراء الخربة والتفسيرات المتعنتة التى تلوى عنق الآيات والأحاديث من أجل مصالحها، الإرهابيون أيضا وضعوا ألغاما حول المرأة بغرض اختطافها وحبسها فى سجونهم، أفتوا بصحة زواجها حتى ولو كان عمرها سنة واحدة، وأقنعوا بعض البسطاء فى الريف بتزويج بناتهم القاصرات، رفضوا تعليمها، وعملها، وادعوا أن وجهها وصوتها عورة، وأن مكانها الطبيعى هو المنزل وليس العمل، حاولوا حصار المرأة من كل الاتجاهات واعتبروها رهينة لديهم الهدف منها إشباع الغرائز فقط وليس لها دور آخر فى تطوير المجتمع والارتقاء به، الإرهابيون يحاولون نسف أى أفكار تنادى بتجديد الخطاب الدينى، وتنقية كتب التراث مما علق بها من روايات وحكايات خرافية لا تتفق مع الإسلام الصحيح السمح، واستخدموا فى ذلك سلاح الدعاوى القضائية والحسبة من أجل حبس المنادين بالتجديد وتخويف أمثالهم، وللأسف فإن الإرهابيين مروا ببعض المؤسسات الرسمية، لهذا نجد بعضا من أفكارهم لدى عدد من المنتمين لها، الإرهابيون مروا على المدارس وحتى وقت قريب كانت بعض المدارس ترفض تحية العلم وتستبدلها بأناشيد خاصة وتدرس كتبا دينية لم تقرها وزارة التربية والتعليم، ولهذا نشأت أجيال تأثر بعضها بالأفكار المتطرفة وهؤلاء على مدى السنوات الطويلة الماضية تخرجوا وأصبح بعضهم فى أماكن مرموقة ووزارات ومؤسسات مختلفة وهم يحملون أفكار هذه الجماعات، الإرهابيون مروا بالجامعات وأثروا فى بعض أساتذتها الذين يرفضون تعيين الطلاب المسيحيين المتفوقين معيدين، ويكفى أن أقسام النساء والولادة لا تجد بها معيدا مسيحيا، الإرهابيون مروا من أماكن كثيرة وكلها تحتاج إلى تمشيط فكرى وتحرير العقول التى اختطفوها على مدى السنوات السابقة